المصدر الأول لاخبار اليمن

الاحتلال يغزو غزة بوحشية “الأرض المحروقة” بعد 711 يوماً من الصمود

فلسطين المحتلة | وكالة الصحافة اليمنية

تكشف وقائع العدوان الوحشي على غزة عن وجهه الحقيقي المرتبط بأيديولوجية عقائدية متطرفة، تتولى قيادة الحرب العسكرية إلى ما يُطلق عليه “الوصية المقدسة” وتبرر إبادة شاملة. فمنذ نشأة الكيان الإسرائيلي، ارتكزت حركته على خرافات تلمودية مزعومة مثل “أرض الميعاد” و”شعب الله المختار”، وفي العدوان الأخير، برز مصطلح “حرب شيوع”، الذي يشير إلى ما ورد في التوراة المحرفة عن إبادة سكان أريحا، مما يوظّف ذريعة دينية لتبرير المجازر والتهجير القسري.

لا يتوقف العدوان على استهداف الإنسان والبنية التحتية فقط، بل يمتد ليشمل المقدسات الإسلامية والمسيحية، فبذريعة “تطهير الأرض”، يتم استهداف المساجد والكنائس، منطلقاً من نصوص تلمودية تزعم “لا راية للهيكل إلا بزوال معبد الأغيار”. هذه الأيديولوجية الخطيرة تحوّل الحرب إلى معركة إبادة شاملة، حيث يصبح الفلسطينيون مجرد “غوييم” (من الأغيار) يمكن استباحة دمهم ومالهم وأرضهم دون تردد.

 

فضيحة التطهير بالأرقام والوقائع

في اليوم الـ711 من الحرب على غزة، أعلن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن بدء عملية عسكرية في مدينة غزة، واصفاً إياها بمرحلة فاصلة. يأتي هذا الإعلان بالتزامن مع تكثيف القصف الإسرائيلي على أحياء سكنية ومراكز إيواء للنازحين، مما أدى إلى استشهاد 68 فلسطينياً في مدينة غزة وحدها، حسب مصادر طبية.

وأفاد رئيس أركان الحرب الإسرائيلي، إيال زامير، بأن العمليات العسكرية تتعمق نحو قلب مدينة غزة، معتبراً إياها منطقة حيوية لحماس وضرورية لتحقيق هدف إعادة الأسرى. وبدورها، أعلنت كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة حماس، عن استهداف ناقلة جند إسرائيلية نهاية يوليو الماضي في منطقة السطر الغربي بخان يونس.

أسفرت الغارات المكثفة عن موجات واسعة من النزوح من مدينة غزة باتجاه الجنوب. وقد استهدفت غارة جوية منزلاً في مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة، مما أسفر عن وقوع مصابين. كما استهدفت غارات أخرى مبانٍ في شمال خان يونس جنوبي القطاع، وأدت غارة على حي تل الهوا إلى سقوط 4 شهداء وعدة مصابين.

يظل واقع غزة شاهداً على أن الاحتلال الإسرائيلي لا يخشى أي مساءلة، بفضل الدعم الأعمى من الولايات المتحدة والخذلان الممنهج من قبل الأنظمة العربية والإسلامية. لم تعد أفعال الاحتلال الإسرائيلي مجرد انتهاكات، بل تحولت إلى عربدة سافرة وغرور مدعوم دولياً، تجعل من الجرائم بحق الإنسانية سياسة معلنة. هذه السياسة تجد غطاءً من الدعم الأمريكي، وتواطؤاً من أنظمة عربية وإسلامية، مما يمنح الاحتلال حصانة من أي مساءلة.

يُظهر واقع غزة الحالي أن الاحتلال الصهيوني لا يشن حرباً عسكرية، بل حملة تطهير عرقي ممنهجة. الأرقام لا تكذب، حيث أشارت وزارة الصحة في غزة إلى ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 64,964 شهيداً و165,312 مصاباً منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر 2023. يأتي الغزو البري لمدينة غزة، والذي أعلنه الاحتلال، ليؤكد النية في إخلاء المدينة من سكانها، في تجاهل تام لوجود مئات الآلاف من المدنيين الذين لا يملكون مكاناً آمناً آخر يذهبون إليه.

 

الوقائع والتبريرات

في خضم التطورات الميدانية المتصاعدة في قطاع غزة، تتكشف أبعاد جديدة للعدوان الذي يشنه جيش الاحتلال الإسرائيلي، حيث تتداخل الوقائع على الأرض مع التحركات الدبلوماسية الدولية لتشكل صورة معقدة وشاملة للوضع الراهن. تزامناً مع إعلان وزير حرب الاحتلال أن غزة “تحترق”، أصدرت الأمم المتحدة قراراً غير مسبوق يؤكد أن الكيان الإسرائيلي ارتكب جريمة إبادة جماعية، وهو أقوى قرار صادر عن هيئة أممية حتى الآن.

في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، ناشد خبراء أمميون المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لوقف ما “الإبادة والمجاعة” في غزة، محذرين من كارثية الهجوم على مدينة غزة على المدنيين، تُظهر الوقائع الميدانية أن الهجوم البري لا يقتصر على المواجهات العسكرية، بل يتضمن استراتيجية تدمير ممنهجة للبنية التحتية المدنية.

وفقاً لشهادات ميدانية ونقلاً عن سكان محليين، يقوم جيش الاحتلال الإسرائيلي بتدمير “شرايين الحياة” في المدينة، مثل الألواح الشمسية ومحطات شحن الهواتف، بهدف إجبار المدنيين على النزوح القسري عبر جعل الحياة مستحيلة، مما يؤكد أن الهدف هو محو سبل البقاء وليس القتال فقط.

استهداف المدارس التي تحولت إلى ملاجئ، هو ما يُعد خطوة إضافية في هذا النهج. هذه المدارس لم تعد مجرد مأوى، بل أصبحت نقاطاً حيوية توفر الطاقة للمباني السكنية المحيطة، وتوفر مياه الشرب. ومع إصدار أوامر الإخلاء لهذه المدارس وقصفها، يتم دفع مئات الآلاف من النازحين إلى حالة من التشرد المتكرر، حيث يجدون أنفسهم مضطرين للانتقال مرة أخرى إلى أماكن أخرى مكتظة بالفعل، مما يزيد من معاناتهم.

هذه الاستراتيجية التدميرية تجد تبريراً لها في الأيديولوجية العقائدية التي تستند إلى النصوص التلمودية المحرّفة، والتي تُوظّف لتعبئة الجنود وجعل الحرب “وصية إلهية” لا تعرف الشفقة.

 

الغطاء الأمريكي

يُعد الدعم الأمريكي، الممثل في تحركات وزير الخارجية ماركو روبيو، بمثابة الضوء الأخضر لاستمرار هذه الجرائم، لاسيما مع تجاهل روبيو لقرارات الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية، مثل النرويج وإسبانيا وأيرلندا، ووصفه لهذه الخطوات بأنها “رمزية إلى حد كبير” وتشجع حماس، يؤكد أن واشنطن لا تزال ترى أن الحل العسكري يخدم مصالحها ومصالح الاحتلال، وأنها لا تبالي بالممارسات العدوانية بل وتدعمها.

على الصعيد ذاته، بحث أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مع مسؤول أمريكي الهجوم الإسرائيلي على الدوحة والحرب على غزة. وصرح المتحدث باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، بأن المفاوضات لا تبدو واقعية في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن نتنياهو يسعى لاغتيال المتفاوضين وقصف دول الوساطة.

وقالت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر إن الهجوم الإسرائيلي على غزة متهور ومروع للغاية، مؤكدة أن الهجوم الإسرائيلي سيؤدي إلى مقتل مزيد من المدنيين الأبرياء ويعرض الأسرى للخطر.

رغم تحذيرات وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط إن توسيع “إسرائيل” عمليتها سيمحو الأمل لدى الأسرى ويزيد بؤس سكان غزة، هدد وزير حرب الاحتلال الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بتدمير مدينة غزة إذا لم تطلق حماس سراح الأسرى وتسلم سلاحها، مؤكداً ضرورة التحرك بقوة لحماية الجنود الإسرائيليين.

وفي الوقت الذي أعلنت فيه هيئة تحقيق تابعة للأمم المتحدة أن الكيان الإسرائيلي مذنب بجريمة الإبادة الجماعية، وصف روبيو هذا الكيان بأنه يضرب غزة “بقبضة من حديد” في إشارة إلى القوة والصلابة. كما أيّد روبيو الهجوم البري على المدينة بشكل علني.

 

هشاشة الموقف العربي

في مواجهة هذه المأساة، يعكس الواقع موقفاً عربياً وإسلامياً يوصف بالخنوع والاستسلام، وكأن الأمر لا يهدد وجود الأمة. على الرغم من أن الهجوم الإسرائيلي استهدف عاصمة عربية مباشرة، الدوحة، إلا أن رد الفعل الرسمي كان ضعيفاً وغير حاسم.

كشفت قمة الدوحة عن عجز واضح، حيث لم تتجاوز قرارات القادة حدود البيانات الضعيفة وخطابات الإدانة. فبدلاً من اتخاذ خطوات حاسمة مثل قطع العلاقات أو فرض عقوبات اقتصادية، اقتصر القادة على “تذكير” أنفسهم بضرورة الرد، وتحميل المسؤولية للمجتمع الدولي. وهو ما يظهر، عدم قدرة الأنظمة على مواجهة التحديات بنفسها.

يكشف الموقف الرسمي العربي والإسلامي عن خذلان لا يمكن تبريره، خاصة بعد الهجوم الإسرائيلي السافر على العاصمة القطرية الدوحة. هذا الهجوم، الذي استهدف قادة حماس، كان صفعة على وجه كل عاصمة عربية، لكن الرد الرسمي لم يرتقِ إلى مستوى التهديد.

قمة الدوحة التي كان يُفترض أن تكون نقطة تحول، تحولت إلى مسرح لعرض العجز. بدلاً من تفعيل آليات الدفاع المشترك أو اتخاذ قرارات حاسمة مثل قطع العلاقات أو فرض العقوبات، اكتفى القادة بإصدار بيانات “ضعيفة” وخطابات “تستجدي الشفقة الدولية”. هذا الموقف يرسخ قناعة بأن الأنظمة العربية قد سلّمت رقبتها طوعاً للاحتلال، وسمحت له بغرس خناجره في قلب الجزيرة العربية.

هذا الخنوع جعل الاحتلال الصهيوني أكثر غطرسة، حيث أعلن رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بكل وقاحة أنه “لا يستبعد شن المزيد من الضربات على قادة حماس أينما كانوا”، وهو ما يُعد تحدياً صريحاً لسيادة الدول العربية. هذا الضعف ليس من فراغ، بل هو نتاج عقود من التردد والتنازل، مما جعل القادة العرب والمسلمين مجرد “أبواق للشكوى”.

التباين بين الأقوال والأفعال، حيث تظهر خطابات القمة عجزاً أمام غطرسة سلطات الاحتلال. فبينما كان القادة يصدرون بيانات الإدانة، خرج رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي ليعلن صراحةً عزمه على شن المزيد من الهجمات في تحدٍ سافر لسيادة الدول. هذا الموقف المتخاذل، هو نتاج عقود من التردد والتنازل، مما جعل القادة في نظر شعوبهم مجرد “أبواق للشكوى” لا يملكون القدرة على صنع التغيير.

وفي الوقت الذي يتم فيه استخدام الآليات الدفاعية العربية مثل “درع الجزيرة” في غير محلها، يظل الساحل مفتوحاً أمام الأعداء، مما يؤكد أن الاستنكار اللفظي لن يوقف الصواريخ، وأن الاعتماد على وعود واشنطن لن يجلب الأمن، خاصة وأن أمريكا تأكد على رؤوس الأشهاد، وعلى لسان الرئيس ترامب “أن لإسرائيل حق التصرف في المنطقة كيفما تشاء، وأمريكا لن تخذلها أبداً”. الواقع الذي يظهر بجلاء أن هذه الأنظمة قد اختارت طوعاً تسليم مصيرها، مما يترك المنطقة عرضة لأطماع سلطات الاحتلال، بينما يكتفي حلفاؤها بكلمات التبرؤ والتخلي.

قد يعجبك ايضا