بين احتلال غزة ومحاصرة الدبلوماسية: لماذا يصرّ نتنياهو على الاستمرار في العربدة؟؟
فلسطين المحتلة | وكالة الصحافة اليمنية
بدأت العمليات البرية لـجيش الاحتلال الإسرائيلي بالتغلغل في عمق مدينة غزة، بالتزامن مع إعلان بدء المرحلة الرئيسية من العملية البرية. وأكد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الجيش بدأ “حملة قوية” في المدينة، فيما شدد وزير دفاعه على أن “غزة تحترق”.
وتأتي هذه العملية على الرغم من المعارضة الداخلية والتحذيرات الخارجية، لا سيما العسكرية منها، والدعوات الدولية للتهدئة. يرى مؤيدو العملية، ومن بينهم رئيس الوزراء نتنياهو، أنها ضرورية لتحقيق أهداف استراتيجية تتمثل في تحرير المخطوفين، والقضاء على حركة حماس، وتجريد غزة من السلاح. ويؤكدون أن “القيادة هي من يقود الشعب وليس العكس”، وأن الأهداف المرسومة هي الأولوية القصوى.
فيما يتعلق بمصير الرهائن المحتجزين لدى حماس، أكد السيد مندي صفدي، عضو مركزي في حزب الليكود، أن “إسرائيل مستمرة بالحرب حتى يتحرر جميع المخطوفين أحياءً وأمواتًا”. وأشار إلى أن تحرير المخطوفين هو “أهم هدف” من أهداف الحرب، وأن الأهداف الأخرى كالقضاء على حماس وتجريد غزة من السلاح “يمكن أن تأتي في الحوار”.
من جانبه، أوضح د. حسام الدجني. أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة وكاتب ومحلل سياسي (مستقل) مختص بالشأن الفلسطيني والشرق أوسط، أن مسألة الرهائن ليست دقيقة كما يروج لها “الكيان الإسرائيلي”. وأشار إلى أن حماس لو كانت حريصة على الأسرى لاتخذت خيارات أخرى، مستشهداً بورقة “وتكوف” التي قُبلت في القاهرة، وورقة ترامب التي “قصفت الدوحة” وأدت إلى إجهاضها. وأكد أن “حماس حركة تحرر وطني وليست جيشًا منظمًا كما تحاول إسرائيل وصفها”.
تأتي هذه التطورات في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، مع نزوح مئات الآلاف من السكان. يصف الدكتور الدجني الوضع بأنه “تهجير قصري بكل ما تعنيه الكلمة”، بسبب “فتك إسرائيل بالحياة بكل مقوماتها”. ويؤكد أن “لا يوجد مكان آمن في قطاع غزة” بسبب القصف المستمر للمناطق المصنفة “آمنة”.
أشار السيد مندي صفدي إلى أن الولايات المتحدة “متفقة مع إسرائيل على شروط إنهاء الحرب”، وأن الرئيس ترامب “يرى أن حماس لا تبالي بالشعب الغزي”. وأكد أن “حماس هي من تمنع إنهاء الحرب وليس إسرائيل”، وأن الأخيرة “وافقت على كل الاقتراحات التي كانت على الطاولة”.
بالمقابل، شدد الدكتور الدجني على أن “فكرة التهجير قائمة وموجودة”، وأن “حماس شماعة” يستخدمها الاحتلال. وأرسل رسالة إلى حماس بضرورة “تغيير تكتيكات التفاوض وإشراك أكبر قدر ممكن من الفلسطينيين والعالم العربي”، مستغلة “مخرجات القمة” التي تعكس “موجة جديدة وتحول جديد” نحو عزل “الكيان الإسرائيلي” ونزع شرعيته.
من جانبه، اعتبر أمين عام الأمم المتحدة انطونيو غوتيريش، أن قطاع غزة يتعرض لتدمير منهجي، لا يمكن التهاون معه، أخلاقيا وسياسيا وقانونيا.
وقال غوتيريش، في تصريحات له، إنه شاهد تدميرا منهجيا للأحياء السكنية في مدينة غزة، وقتلا واسع النطاق، بمستوى لم يشهده منذ أن تولى منصبه.
وأضاف أن سكان غزة يعانون من المجاعة، ويضطرون إلى النزوح، ولا يستطيعون الوصول إلى المساعدات.
وأكد غوتيريش أنه سيبلغ المحكمة الجنائية الدولية، بشأن فداحة الأوضاع في غزة والضفة الغربية.
وعبر عن أمله أن تمارس الولايات المتحدة الضغط الجدي على “إسرائيل”، للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.
وشدد على أن جهود الوساطة التي أعلنت قطر استعدادها لاستئنافها بشأن غزة، مهمة جدا، داعيًا قادة العالم لاغتنام فرصة لقاء نيويورك الأسبوع المقبل، لإيجاد سلام عادل في الشرق الأوسط وفقا لحل الدولتين.
وفي السياق، اعرب وزراء خارجية 16 دولة عن قلقهم البالغ تجاه سلامة المشاركين في “أسطول الصمود العالمي”، وهو مبادرة من المجتمع المدني تضم مواطنين من دول مختلفة تهدف إلى كسر الحصار عن قطاع غزة وإيصال المساعدات الإنسانية العاجلة للسكان.
والدول الموقعة على البيان هي: قطر، بنغلاديش، البرازيل، كولومبيا، إندونيسيا، إيرلندا، ليبيا، ماليزيا، المالديف، المكسيك، باكستان، سلطنة عُمان، سلوفينيا، جنوب أفريقيا، إسبانيا، وتركيا.
وأكد الوزراء أن الأسطول يهدف إلى لفت الانتباه إلى الاحتياجات الإنسانية الملحة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتشارك حكوماتهم ذات الهدف المتمثل في تحقيق السلام وتقديم المساعدات الإنسانية.
وشدد البيان على التزام الدول الموقعة باحترام القانون الدولي، داعياً جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي عمل غير قانوني أو عنيف ضد الأسطول، وضمان احترام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
كما حذّر الوزراء من أي انتهاك للقانون الدولي وحقوق الإنسان قد يتعرض له المشاركون في الأسطول، بما في ذلك الاعتداءات على السفن في المياه الدولية أو الاحتجاز غير القانوني، مؤكدين أن مثل هذه الممارسات ستستدعي المساءلة.
ويضم “أسطول الصمود العالمي” قرابة 50 سفينة تبحر حالياً باتجاه نقطة الالتقاء المحددة في المتوسط، ومن بين المشاركين قرابة 50 ناشطاً من تركيا، وهو “العدد الأكبر” بين كل الوفود.
وتعد هذه المرة الأولى التي يبحر فيها هذا العدد الكبير من السفن مجتمعة نحو غزة، في حين اعترضت إسرائيل في السابق سُفناً منفردة متجهة إلى القطاع، واستولت عليها ورحّلت الناشطين على متنها
ومنذ 2 مارس/آذار الماضي، شددت إسرائيل الحصار مع استئناف الإبادة عبر إغلاق جميع المعابر المؤدية إلى غزة مانعة أي مواد غذائية أو أدوية أو مساعدات إنسانية، ما أدخل القطاع في مجاعة رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده.
وتواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي حربها الشعواء على قطاع غزة لليوم الـ 711، تزامناً مع تكثيف القصف الجوي والمدفعي العنيف على مدينة غزة، بما في ذلك تدمير منازل واستهداف خيام للنازحين والأبراج والبنايات السكنية، في ظل ظروف تدفع نحو تهجير قسري للسكان، الذين يفتقرون إلى أماكن آمنة للنزوح.
وسجلت مستشفيات قطاع غزة منذ فجر اليوم الثلاثاء، استشهاد 101 شخص، حيث استقبل مستشفى الشفاء 57 شهيدًا، والقدس- تل الهوا 5 شهداء، ومستشفى المعمداني 24 شهيداً، ومستشفى العودة 3 شهداء، بينما مستشفى شهداء الأقصى 6 شهداء، أما مستشفى ناصر فقد استقبل 6 شهداء.
وتشن قوات الاحتلال الإسرائيلي بدعم أمريكي مطلق حرب إبادة جماعية على قطاع غزة، خلفت حتى الآن – وفق وزارة الصحة- إلى 64 ألفًا و964 شهيدا بالإضافة إلى 165.312 جريحا، وأكثر من 9 آلاف مفقود، ومجاعة أودت بحياة المئات، فيما يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في ظروف نزوح قسري وسط دمار شامل.
وأجبر جيش الاحتلال آلاف المواطنين على النزوح قسرًا خلال الليل من منازلهم في مدينة غزة؛ بسبب القصف الإسرائيلي الهمجي على المدينة، ليبقى مستقبل الاحداث في غزة مفتوحاً على احتمالات متعددة، مع تزايد الضغوط الدولية على الكيان الإسرائيلي لوقف التصعيد، وفي المقابل، إصرار قيادة الاحتلال على مواصلة العملية لتحقيق أهدافها المعلنة. يبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كانت المفاوضات ستستأنف، وما هي الضمانات التي ستقدم لإنهاء العربدة الصهيونية في المنطقة وإنهاء معاناة سكان غزة؟