لم يعد اليمن ذلك البلد الذي ليس له وزن ، بل أصبح اليوم محور قوة حقيقي يعيق المشروع الصهيوني ويعرقل تنفيذ مخططات إعادة تشكيل “الشرق الأوسط “وفق مصالح “إسرائيل” ، وكل ما تتعرض له اليمن من عدوان أمريكي و”إسرائيلي” ،هو جزء من استراتيجية دقيقة تهدف إلى فصل اليمن عن غزة، وعزل المقاومة الفلسطينية عن أي دعم إقليمي محتمل، وفتح الطريق أمام ما يسمّى بـ”إسرائيل الكبرى” لتحقيق تفوق استراتيجي طويل الأمد عن طريق تثبيت معادلة الاستباحة لشعوب المنطقة ، وإزاحة أي عائق يمكن أن يقف أمام تنفيذ هذا المخطط .
لماذا لم يتخلى اليمن عن غزة وفلسطين
الحقيقة هي أن المقاومة الفلسطينية في غزة تمثل اليوم خط الدفاع الأول عن شعوب المنطقة، وهي العامل الأكثر تأثيرًا في تعطيل المخطط الصهيوني، المشروع الذي تسعى “إسرائيل” وأمريكا لتنفيذه ، والذي لا يقف عند حدود فلسطين، بل يمتد ليشمل شعوب المنطقة بأسرها، والتخلي عن غزة والمقاومة الفلسطينية يعني التخلي عن الحصن الأول في مواجهة هذا المشروع، وهو ما سيكون بمثابة غباء استراتيجي من قبل شعوب المنطقة، وخاصة تلك الدول التي يحاول المشروع الصهيوني إدراجها ضمن سياق مخططه، وفي مقدمتها مصر، والأردن، وسوريا، ولبنان، والعراق، والسعودية، لذلك، أي ربط بين موقف اليمن الثابت ودعم المقاومة الفلسطينية يعكس فهمًا دقيقًا للعلاقات الاستراتيجية والضرورات التي تمنع تنفيذ المشروع الصهيوني في المنطقة .
لماذا اختارت صنعاء تحمل عبء المواجهة بمفردها
لم يكن موقف اليمن الراسخ في القضية الفلسطينية وليد لحظة عاطفية عابرة، بل نتاج إدراك استراتيجي ثاقب لمحيط من التحالفات والهيمنات، وقدرة على قراءة المخطط الذي لا يقتصر على فلسطين وحدها، فاليمن يعرف جيدًا مقدار النفوذ الأميركي وامتداده داخل أنظمة إقليمية عديدة — تأثيرٌ بلغ ببعضها حدَّ التماهي مع سياسات العدو أو حتى الدخول في أشكال من التعاون المباشر مع “إسرائيل”، كما ظهر في سياقات تطبيع ومعاملات سياسية واقتصادية مع دول خليجية متعددة ، هذه الحقيقة لم تغب عن صنعاء؛ ووقوف اليمن بمفرده إلى جانب غزة والشعب الفلسطيني ، ومواجهة المشروع الصهيوني ليس امتعاضًا شعبيًا فقط، بل قرار سياسي واعٍ حملته قيادة وطنية رأت أن التخلي عن فلسطين يعني ترك حصن الأمة الأول واقتراح مصيرٍ جماعيٍ مرعب لشعوب المنطقة ، ولهذا اختارت صنعاء ملء الفراغ والدفاع عن خيارات الأمة، حتى وإن اضطرت لأن تتحمل عبء المواجهة منفردة .
محاولات كسر الرابط بين اليمن وغزة
الأمريكي و”الإسرائيلي” يعرفان جيدًا وزن اليمن الاستراتيجي ودوره الحاسم في دعم المقاومة الفلسطينية، هذا الوعي يجعل صنعاء محور اهتمامهم المباشر، لأن استمرار اليمن في دعم غزة يعيق تنفيذ المخطط الصهيوني الذي يسعى لإحكام السيطرة على فلسطين ومن ثم التمدد إلى المنطقة بأسرها، لذلك، كل أشكال العدوان على اليمن اليوم تأتي ضمن استراتيجية منظمة وممنهجة ، كلها تهدف إلى كسر الرابط بين اليمن وغزة ، وإزاحة اليمن الذي أصبح اليوم العائق الأكبر أمام تنفيذ المخطط الصهيوني في المنطقة .