المصدر الأول لاخبار اليمن

روبوتات المفخخة وأحزمة نارية… أسلحة “إسرائيلية” تحول أحياء غزة إلى ركام

غزة | وكالة الصحافة اليمنية

 

 

تصاعدت المخاوف في مدينة غزة من لجوء جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى أساليب عسكرية غير مسبوقة، أبرزها “الروبوتات المفخخة” و”الأحزمة النارية”، التي حوّلت أحياء مكتظة بالسكان إلى ساحات دمار شامل، وسط تحذيرات حقوقية وطبية من أنها أدوات إبادة جماعية تستهدف أكثر من 800 ألف مدني يعيشون في مساحات جغرافية ضيقة.

المخاوف جاءت جراء اعتماد جيش الاحتلال الإسرائيلي على تكتيكات عسكرية غير مسبوقة، أبرزها الروبوتات المفخخة والأحزمة النارية، وهي أساليب وُصفت من قبل منظمات حقوقية وطبية بأنها أدوات للإبادة الجماعية، وليست مجرد وسائل قتال تقليدية.

 

 براميل الموت

بحسب تقارير ميدانية وحقوقية، طوّر جيش الاحتلال آلية جديدة تعتمد على دفع مركبات مُفخخة تُشغّل عن بعد، محملة بأطنان من المتفجرات، تُستخدم كقنابل برميلية متحركة.

هذه المركبات، التي أطلق عليها سكان غزة اسم “الروبوتات المفخخة”، تدخل الأحياء السكنية ثم تُفجَّر في لحظة واحدة، لتسوّي مبانٍ كاملة بالأرض وتفتت أجساد من بداخلها.

مدير عام وزارة الصحة في غزة منير البرش، أكد في تصريحات صحفية أن الاحتلال بدأ يعتمد بشكل يومي على الروبوتات المتفجرة داخل المدينة، موضحاً أن كل روبوت قد يحمل ما يصل إلى سبعة أطنان من المواد شديدة الانفجار، وأن الجيش يشغّل بين 7 و10 روبوتات يومياً في أحياء مختلفة».

وأضاف البرش أن هذه التكتيكات أجبرت آلاف العائلات على النزوح غرباً، لتصل الكثافة السكانية إلى نحو 60 ألف نسمة في الكيلومتر المربع الواحد، وهو مستوى غير مسبوق يضاعف المخاطر الإنسانية.

أول تجربة للروبوتات المفخخة وثّقتها مؤسسات حقوقية خلال اجتياح مخيم جباليا في مايو الماضي، حيث اكتُشفت ناقلة جند “إسرائيلية” دخلت بين المنازل قبل أن تنفجر مخلّفة دماراً هائلاً وعشرات الشهداء، ليتضح لاحقاً أنها لم تكن ناقلة تقليدية، بل روبوت يحمل براميل نارية متفجرة.

 

أحزمة نارية تبتلع الأحياء

بالتوازي مع الروبوتات المفخخة، لجأ جيش الاحتلال خلال الأشهر الأخيرة إلى تكثيف استخدام ما يُعرف عسكرياً بـ”الأحزمة النارية”، هذا التكتيك يقوم على قصف جوي وصاروخي متتابع لمربعات سكنية كاملة، بحيث تتحول المنطقة المستهدفة إلى مسرح دمار شامل خلال دقائق معدودة.

مصادر إعلامية محلية وثّقت تنفيذ أحزمة نارية في أحياء الشيخ رضوان والنصر والنفق والدرج وتل الهوا، إضافة إلى الشجاعية والتفاح شرق غزة، وصولاً إلى خان يونس وبيت لاهيا.

وتُظهر الصور أن الغارات تتم بشكل متزامن وكثيف، سواء بشكل طولي يمتد من الشمال إلى الجنوب، أو دائري يفرض حصاراً نارياً على منطقة بعينها، أو متعرّج يستهدف استحكامات ومناطق سكنية في الوقت نفسه.

تاريخياً، تعود جذور هذا الأسلوب إلى الحرب العالمية الثانية حينما اعتمد الجيش الألماني على قصف مدينة وارسو البولندية لإجبار سكانها على النزوح.

في غزة، وفق باحثين، لم يعد الهدف مجرد الإخلاء، بل تحقيق أكبر قدر من التدمير والخسائر البشرية كجزء من سياسة الأرض المحروقة.

 

شهادات ميدانية وصور دامغة

مسعفون وسكان تحدثوا لوسائل إعلام محلية عن انفجارات هائلة تفجّر واجهات بنايات متعددة الطوابق في لحظة واحدة.

أحد الناجين من حي الصبرة وصف المشهد قائلاً: “كأن الأرض انشقت، دخلت مركبة صغيرة بين المنازل، وفجأة تحولت الشوارع إلى حفرة ضخمة، والناس إلى أشلاء”.

مؤسسات حقوقية، بينها المركز الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، نشرت صوراً ومقاطع فيديو تُظهر روبوتات مفخخة أثناء دخولها مناطق سكنية، ثم انفجارها بطريقة تُشبه القنابل الفراغية من حيث التأثير المدمر.

وأكدت أن هذه الأسلحة تسببت في تفتيت أجساد المدنيين إلى حد التذويب.

 

تداعيات إنسانية كارثية

الاستخدام المتصاعد لهذه الأساليب العسكرية انعكس مباشرة على حياة المدنيين:

نزوح جماعي: عشرات الآلاف اضطروا لترك منازلهم والتكدس في مناطق غربية تُوصف بأنها أكثر أمناً، رغم أنها بدورها تتعرض للقصف.

انهيار صحي: تزايد أعداد الجرحى والشهداء مع تراجع قدرة المستشفيات المهددة بالخروج عن الخدمة بسبب الحصار ونقص الإمدادات.

تفاقم الكثافة السكانية: وصولها إلى مستويات تُعد الأعلى عالمياً، ما يضاعف مخاطر انتشار الأمراض والمجاعة.

 

جدل قانوني وأخلاقي

منظمات حقوقية دولية، بينها “هيومن رايتس ووتش” والعفو الدولية، شددتا على أن القانون الدولي الإنساني يفرض مبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين، ويحظر الهجمات التي توقع أضراراً مفرطة بالمدنيين. واستخدام الروبوتات المفخخة أو الأحزمة النارية في مناطق مكتظة يُصنّف كجريمة حرب.

خبير القانون الدولي “مايكل لينش” أوضح لصحيفة بريطانية أن التحكم عن بعد لا يُعفي من المسؤولية، بل يزيد من شبهة النية المسبقة في استهداف المدنيين، لأن المشغل يدرك تماماً أين يفجّر السلاح وفي أي بيئة.

 

أسلحة غير تقليدية في حرب إبادة

بينما يفاخر رئيس حكومة الاحتلال “بنيامين نتنياهو” في خطابه بالأمم المتحدة بقدرة جيشه على محو أحياء بأكملها، يبقى المشهد على الأرض أكثر قتامة: روبوتات تُفجَّر عن بُعد داخل المدن، وأحزمة نارية تحيل الأحياء إلى أطلال، ومئات آلاف المدنيين محاصرون بين الموت والنزوح.

هذا النمط من الأسلحة والتكتيكات لا يقتصر على مواجهة عسكرية محدودة، بل يرقى، وفق مؤسسات ومنظمات دولية، إلى سياسة ممنهجة تهدف إلى تفريغ غزة من سكانها عبر أدوات إبادة جماعية متدرجة.

ختاماً يمكننا القول أن المجتمع الدولي، المنظمات الحقوقية، والمحاكم الدولية أمام اختبار صارخ: إما التحرك العاجل لوقف استخدام هذه الأسلحة المدمرة ضد المدنيين، أو ترك غزة تواجه وحدها سيناريو “وارسو” جديدة في القرن الحادي والعشرين.

قد يعجبك ايضا