المصدر الأول لاخبار اليمن

طوفان الأقصى.. خسائر غير مسبوقة للكيان الإسرائيلي وتصاعد في مسار المقاومة الإقليمية

صنعاء | وكالة الصحافة اليمنية

 

تحولت منصات التواصل الاجتماعي، وخاصة منصة “إكس”، إلى ساحة رئيسية لاستعراض وقائع وحصاد جولة التصعيد الأخيرة في قطاع غزة، حيث تصدرت الأرقام المتعلقة بخسائر سلطات الاحتلال الإسرائيلي النقاشات، مسنودة بتحليلات تذهب إلى تأكيد الهزيمة الاستراتيجية للكيان الإسرائيلي وتصاعد دور قوى المقاومة في المنطقة. هذا النقاش الحاد كشف عن حالة من الاستقطاب الواضح داخل المجتمع العربي حول تقييم نتائج الحرب وتأثيرها على مسارات الصراع.

 

ثمن الحرب الباهظ على الاحتلال

تداول العديد من المستخدمين بشكل واسع معطيات تتعلق بالثمن العسكري والبشري الذي دفعته سلطات الاحتلال الإسرائيلي نتيجة مواجهتها في غزة. وقد قدمت الناشطة “رهف الوصابي” (@alwsaby_rh67229) إيجازاً لافتاً لخسائر الكيان، حيث شملت هذه الأرقام تأكيد سقوط سبعة آلاف جندي قتيل في قطاع غزة، وإصابة خمسة وعشرين ألف جندي بإعاقة دائمة، مما يعكس فشلاً استخباراتياً وعسكرياً غير مسبوق لـ “جيش الاحتلال الإسرائيلي” الذي لطالما روّج لصورته الأسطورية.

لم يقتصر الأمر على الخسائر البشرية، بل امتد إلى الخسائر الاقتصادية والاستراتيجية، حيث أفادت المعطيات بخسارة الكيان الإسرائيلي مبلغاً يقدر بـ 150 مليار دولار، وهو ما يمثل ضربة موجعة لاقتصاده. وتتفق هذه الرؤية مع ما ذهب إليه “أمجد الكاتب” (@Amjad_alkateb) بأن إسرائيل “لم تربح سوى العار والخذلان!”، مؤكداً أن هذه الحرب لم تحقق أهداف سلطات الاحتلال المعلنة.

 

مؤشرات الهزيمة

إن الدلالات الاستراتيجية لهذه الخسائر تُشير إلى أن الحرب الأخيرة قد أدت إلى إبطال مفعول العديد من الأهداف طويلة الأمد لسلطات الاحتلال الإسرائيلي. وتضمنت قائمة الخسائر الاستراتيجية:

  1. فشل تصفية القضية الفلسطينية: حيث أظهرت المقاومة قدرة على الصمود وتوجيه ضربات موجعة، مما أعاد القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العالمي.
  2. خسارة سمعتها الأسطورية والدولية: فقد اهتزت صورة “جيش الاحتلال الإسرائيلي” كقوة لا تُقهر أمام صمود المقاومة في غزة، كما تدهورت سمعة الكيان الإسرائيلي على المستوى الدولي بشكل كبير نتيجة الجرائم المرتكبة.
  3. إيقاف مسار التطبيع مع العرب: يعتبر هذا البند من أهم التداعيات، حيث أكد العديد من المحللين والمغردين، منهم “صهيب الطويل” (@SuhibCule) و “رفيق خليفي” (@KhelifiRafik2)، أن الكيان الإسرائيلي خسر كل شيء “إلا التطبيع مع العرب”، مشيرين إلى أن هذا المسار تضرر لكنه ما زال يجد من يهرول لخدمة سلطات الاحتلال وربهم أمريكا، في إشارة ضمنية إلى أن التهافت العربي للتطبيع هو الذي يحافظ على آخر أوراق الكيان الاستراتيجية، في مفارقة تسلط الضوء على عمق الانقسام الإقليمي.

 

صعود الدور الإقليمي

في سياق متصل بتطورات الأحداث ومساراتها، برز التأكيد على صعود دور قوى المقاومة في المنطقة. فقد استُشهد في التفاعلات بتحليل سياسي مصري، نقلته “عايدة أحمد” (@Eayida3)، يُثني على صمود سلطات صنعاء وقدرتها على تحقيق انتصارات عسكرية وسياسية ضد تحالفات دولية وإقليمية واسعة، حيث ورد أن اليمن: “حارب الدول العربية كلها، وأمريكا في إدارتين، وإسرائيل، وأوروبا كلها مجتمعين، وانتصر عليهم جميعًا، وفوق هذا أصبح يملك تصنيع أسلحة محلية حديثة”، مما يؤكد على الإنجازات العسكرية المتراكمة التي تُعزز من مواقف قوى المقاومة كافة.

هذا التنامي في القوة الذي يترسخ في الميدان بفضل التضحيات والصمود، يضع المقاومة في موقع قوة تفاوضية محورية لا يمكن تجاوزها في أي محادثات مقبلة. إن المهمة التي تواجهها المقاومة في مفاوضات القاهرة، كما أشار “Saeed Ziad” (@saeedziad)، ليست عسيرة بسبب ضعف في الأوراق، بل لكونها تفرض شروط الحق والعدل في وجه منظومة ضغط عالمية غير مسبوقة.

الضغوط التي تواجهها المقاومة لتحسين شروطها أو الحصول على ضمانات، تجعلها تبدو وكأنها تعادي “إرادة العالم” بحسب وصفه، إلا أن الواقع يؤكد أن هذه “الإرادة العالمية” غالباً ما تتماهى مع مصالح سلطات الاحتلال. وعليه، فإن تمسك المقاومة بمطالبها هو تعبير أصيل عن إرادة الشعب الفلسطيني الحرة، وهدفها الأساسي هو تثبيت الحقوق والمكتسبات التي دُفعت دماؤها الطاهرة ثمنًا لها، وتحقيق مطالب الشعب الفلسطيني بالتحرر والكرامة، لا التنازل عن مبادئها تحت وطأة الضغط. إن قوتها في الميدان هي الضامن الحقيقي لصلابة موقفها على طاولة المفاوضات.

 

جدل الاستقطاب العربي

على الرغم من الإشادة الواسعة بإنجازات المقاومة، لم يخلُ النقاش من نقد ذاتي حاد للمواقف العربية الرسمية والشعبية، وتحديداً ما عبر عنه حساب “Adozd” (@Ymnym7452cghyg) الذي أعرب عن دهشته من موقف بعض العرب، حيث تساءل عن منطق “فرحة السعوديين بهزيمة حماس أكثر من فرحة اليهود والامريكان”.

وفي سياق الجدل حول حجم التضحيات، برزت أصوات، منها “المهدي الدالي” (@AldalyAlmh60490)، التي تحدثت عما وصفته بـ “المتاجرة بدماء شعب غزة” و “التنظير” من قبل من يجلسون في مأمن. هذا الوصف، الذي ينم عن بُعد عن إدراك حقيقة المعركة، يتجاهل أن التضحية بالمال والنفس في مواجهة الظلم والاستعمار والاستبداد، هي فريضة جهادية وواجب إسلامي بنص القرآن الكريم، حيث هي في حقيقتها “متاجرة مع الله” سبحانه، كما ورد في قوله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ”.

إن هذا النوع من التضحية يمثل أسمى درجات الإخلاص للرسالة الإسلامية، ويؤكد أن الواجب يحتم الوقوف في وجه الظلم والاستغلال. ومن هذا المنطلق، فإن وصف التضحية بـ “المتاجرة بالدماء” هو مغالطة في فهم الغاية النبيلة للجهاد ضد الاحتلال. فالله جل وعلا هو الأحن والأرحم بعباده على الإطلاق، ومن المحال أن يأمر المحب حبيبه بما يضره ولا ينفعه؛ بل هو سبيل للحرية والكرامة والانتصار على عدو الأمة، وهو ما يجعل هذه الدماء ثمنًا للتحرير وليس بضاعة للمتاجرة. هذا الجدل يعكس عمق الاستقطاب في المنطقة بين تيار يناصر المقاومة بشكل مطلق، وتيار يُحذّر من التضحيات الجسيمة بنظرة قاصرة على الأبعاد الدنيوية للصراع.

 

المقاومة… خيار الكرامة

في الختام، تتجلى حقيقة لا تقبل الجدل من خلال استعراض حصاد هذه الجولة وتداعياتها: إن الأثمان الباهظة التي تكبدتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، من خسائر بشرية وعسكرية ضخمة إلى تآكل سمعتها الأسطورية ووقف قطار التطبيع، ما هي إلا دليل قاطع على أن خيار المقاومة هو المسار الوحيد والحل الحتمي الذي أثبت فاعليته في مواجهة الاستعمار والظلم.

إن التضحيات الجسيمة التي قدمها أهل غزة ليست متاجرة، وإنما استثمار في الحرية ووفاء لفريضة الجهاد، ومرتكز أصيل أكدته النتائج الميدانية: فما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بقوة توازيها أو تفوقها. إن الصمود والثبات على هذا الخيار ، هو إرادة شعبية لا تقهر، تستمد قوتها من عقيدة راسخة ترفض الاستسلام أو التنازل عن الحقوق والمقدسات.

لذلك، يبقى التأكيد على أن قوة المقاومة المتصاعدة في الميدان هي التي تفرض شروطها على الطاولة، وهي الضمانة الحقيقية لتحقيق المطالب العادلة وتثبيت المكتسبات الوطنية. وإلى أن يتم إجبار الكيان الإسرائيلي على الانصياع للحقوق كاملة، فإن مسيرة المقاومة ستظل هي بوصلة الأمة نحو التحرير الكامل واستعادة السيادة والكرامة.

قد يعجبك ايضا