تحقيق حقوقي يكشف تواطؤ مسؤولة أممية مع سياسات التجويع “الإسرائيلية” في غزة
غزة/وكالة الصحافة اليمنية
كشف موقع الإنسانية الجديد في تحقيق استقصائي موسّع، عن فضيحة داخل منظومة الأمم المتحدة تتعلق باتهامات موجهة إلى “سوزانا تكاليتش”، نائبة منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بالتورط في ممارسات يُعتقد أنها تتماهى مع السياسات “الإسرائيلية” الهادفة إلى تجويع وإخضاع سكان غزة.
ووفق ما أورده الموقع، فإن 11 من العاملين في المجال الإنساني داخل القطاع وخارجه وجّهوا انتقادات حادة لتكاليتش، متهمين إياها بتمكين الاحتلال الإسرائيلي من تسييس المساعدات الإنسانية، وإضعاف التنسيق بين الوكالات الدولية، إلى جانب تهميش وكالة “الأونروا” من دورها المركزي في إدارة الإغاثة.
وأشار التحقيق إلى أن “تكاليتش” سمحت لسلطات الاحتلال بالتلاعب في آلية توزيع المساعدات، وأبدت تردداً في مواجهة القيود المفروضة على دخول الإغاثة، كما كررت روايات إسرائيلية دون تدقيق، ووصل الأمر إلى تحميل الفلسطينيين مسؤولية النقص الحاد في المساعدات.
ومن أكثر الوقائع إثارة للجدل – بحسب العاملين – تفاوضها مع سلطات الاحتلال لإدخال طعام للكلاب الضالة قرب مقر إقامتها في وقت كان فيه الفلسطينيون يموتون جوعاً، حيث نقل أحد الموظفين قوله إن “نائبة المنسق تهتم بالكلاب أكثر من البشر”، فيما اعتبر آخرون سلوكها “دليلاً على انعدام الحساسية تجاه الزملاء الفلسطينيين”.
كما اتُهمت “تكاليتش” بكثرة السفر خارج غزة دون مبرر واضح، ما أضعف القيادة الميدانية وأرهق الموارد المحدودة، فيما رأى عدد من الموظفين أنها باتت تمنح الاحتلال الإسرائيلي غطاءً إنسانيًا شكليًا يخفف الضغط الدولي عنها، مقابل تسهيلات محدودة في مرور المساعدات.
وأبرز التقرير أن تكاليتش وقّعت في أغسطس اتفاقًا مع السلطات الإسرائيلية يقتصر على توزيع الخيام في جنوب غزة فقط، وهو ما اعتُبر ضمن الأوساط الإنسانية قبولًا ضمنيًا بعملية التهجير الجماعي من المدينة التي كانت تشهد حينها واحدة من أوسع الهجمات العسكرية، وأدت إلى نزوح أكثر من 780 ألف شخص.
كما أشار الموقع إلى اتفاق آخر وقّعته تكاليتش في مايو يقضي بتوزيع الدقيق على المخابز بدلاً من الأسر مباشرة، دون التشاور مع المجتمع المحلي، ما تسبب في فوضى ونهب وسقوط شهداء أثناء محاولات السكان الحصول على الخبز، قبل أن تنهار الخطة بفعل إغلاق المخابز.
وبررت “تكاليتش” مواقفها بالقول إنها تعكس سياسة الأمم المتحدة، وتهدف إلى إيصال المساعدات “بشكل فعّال وآمن”، نافية أي استخدام شخصي لموارد المنظمة، ومؤكدة رفضها “القاطع” للاتهامات التي طالتها.
غير أن العاملين الميدانيين أكدوا أن خطابها العام يخلو من أي إدانة للاحتلال الإسرائيلي، وأنها تتحدث عن “تقدم في المفاوضات” بينما المجاعة مستمرة في شمال القطاع، ومئات الآلاف محرومون من الطعام والدواء والوقود.
واتهمها آخرون بمحاولة تهميش “الأونروا” لصالح برنامج الأغذية العالمي (WFP) الذي يفتقر للبنية التحتية والخبرة المحلية، معتبرين أن هذا النهج يخدم المساعي الإسرائيلية القديمة لإضعاف الوكالة الأممية التي تمثل رمزًا لهوية اللاجئين الفلسطينيين.
وفي واقعة أخرى أثارت استياء واسعًا، طالبت “تكاليتش” خلال لقاء مع صحفيين فلسطينيين في يونيو “بتهدئة مجتمعاتهم ومنع النهب” دون أن تذكر إسرائيل، ما دفع الصحفيين إلى إصدار بيان وصفوا فيه حديثها بأنه “إهانة لا تُحتمل”.
واختتم موقع الإنسانية الجديد تحقيقه بالإشارة إلى أن “تكاليتش”، التي عملت سابقًا في الكونغو واليمن وسوريا، تبدو “منفصلة عن واقع الاحتلال في فلسطين”، وتعامل الأزمة الإنسانية في غزة كما لو كانت حالة طوارئ عابرة لا جريمة حصار ممنهجة.