المصدر الأول لاخبار اليمن

“غزة” تسترد أنفاسها و”الاحتلال” يدخل نفق الفوضى السياسية!

فلسطين المحتلة | وكالة الصحافة اليمنية

 

بعد قرابة عامين من القصف المتواصل، طُوي في اليوم العاشر من أكتوبر 2025، فصل من أطول الحروب التي شهدتها غزة. مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، خمدت أصوات القذائف التي ملأت سماء القطاع، وبدأ الميدان يستعيد هدوءه لأول مرة. المشاهد القادمة من هناك لم تكن مجرد صور لـ “الانتهاء”، بقدر ما رسمت ملامح فرح عارم في الشوارع، وتكبيرات وعناق، مع بدء عودة النازحين إلى أحيائهم. إنها لحظة تاريخية لشعب لم يخرج من تحت الركام بذاكرة الهزيمة، بل بذاكرة الصمود الملحمي في وجه آلة الحرب.

 

ملحمة إنسانية فوق الأنقاض

في مشهد إنساني مهيب وملحمي، بدأت “موجات العودة الكبرى” تتحرك. مئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين تحركوا شمالاً باتجاه مدينة غزة بعد أن أنهت الحرب عامين كاملين أودت بحياة أكثر من 68 ألف فلسطيني. على طول شارعي الرشيد وصلاح الدين، اصطفت الحشود العائدة سيراً على الأقدام، تحمل أطفالها وأمتعتها القليلة، لتواجه حقيقة مؤلمة: كثيرون منهم لم يجدوا منازل يعودون إليها بعد أن سويت أحياء بأكملها بالأرض.

هذه العودة تسجل يوم الجمعة العاشر من أكتوبر 2025 كتاريخ لانتصار الإرادة على الدمار، تاركاً خلفه مدناً مدمرة وذاكرة مثقلة بالوجع، لكنها مليئة بإصرار لا ينكسر. وفي مشهد موازٍ، وثقت اللقطات المتداولة انسحاب آليات “جيش الاحتلال الإسرائيلي” من داخل المدن باتجاه الحدود الشرقية، مع قيامها بتدمير القواعد والمواقع التي كانت تتمركز فيها لمنع فصائل المقاومة من استخدامها لاحقاً.

 

انكسار داخلي بعد وقف الحرب

في المقابل، يختلف المشهد تماماً داخل “الكيان الإسرائيلي”. بينما يسود الارتياح غزة، يعيش “الكيان الإسرائيلي” واحدة من أكثر لحظاته السياسية ارتباكاً منذ بدء الحرب. ففي جلسة مناقشة اتفاق وقف إطلاق النار التي عقدت في الكنيست، تحولت القاعة إلى ساحة صدام سياسي صاخب وفوضى عارمة.

أعضاء الكنيست عبروا عن غضبهم وحنقهم؛ فنواب من حزب “عوتسما يهوديت” (بزعامة إيتمار بن غفير) وصفوا الاتفاق بأنه “انحناء للضغوط واستسلام سياسي وعسكري”، متهمين الحكومة بتضييع ما وصفوه بـ “النصر الميداني” المزعوم. في المقابل، هاجم نواب المعارضة نتنياهو بشدة، متهمين له بـ “إدارة الحرب لأهداف انتخابية” وتوقيعه على اتفاق يكرس فشله السياسي وينقذ مستقبله هو، لا مستقبل “إسرائيل”.

 

إخفاء الأرقام وتضليل الشعب

وصفت وسائل الإعلام العبرية المشهد بأنه “انفجار سياسي داخلي”، بينما تحدثت صحيفة “هآرتس” عن “أزمة قيادة غير مسبوقة” تهدد استقرار الحكومة وربما تمهد لانهيارها. هذه التطورات، التي يصفها محللون بأنها “أكبر هزة سياسية داخلية منذ السابع من أكتوبر”، تؤكدها استطلاعات الرأي التي تظهر تراجع الثقة الشعبية بالحكومة و”الجيش” معاً.

وفي سياق كشف ما وراء الحدث، قدم مصدر مقرب من محيط نتنياهو، في شهادة خاصة بثتتها قناة “مكان” الإسرائيلية، كواليس خطيرة حول العامين الماضيين من الحرب. وصف المصدر نتنياهو بأنه “رجل بلا ملامح وبلا ضمير”، كاشفاً أن هناك “وحدات إسرائيلية كاملة اختفت داخل غزة ودُمّرت بالكامل”، وتمت إزالة أسماء ضحاياها من السجلات وتزييف الأرقام في بيانات “الجيش” لتفادي “انهيار صورة الحكومة”.

الأخطر ما أشار إليه المصدر حول استمرار التلاعب حتى اللحظات الأخيرة قبل وقف إطلاق النار، حيث تأخر إمداد وحدات محاصرة في شمال القطاع أربع ساعات كاملة لأن ما يسمى بالمجلس الأمني كان يناقش ما إذا كان التدخل سيحرج حكومة نتنياهو سياسياً، وهو تأخير “كان كفيلاً بإنهاء عشرات الأرواح”.

 

ملف الأسرى: الفضيحة الكبرى

يؤكد المصدر أن الأرقام المعلنة عن الخسائر “كاذبة”، وأن الخسائر الحقيقية “أضعاف ما يقال للعالم”، مشيراً إلى إغلاق مقابر عسكرية أمام الإعلام ومطالبة عائلات بالصمت مقابل تعويضات مالية باهظة. ويُعد ملف الأسرى الفضيحة الأكبر، حيث زعم المصدر أن نتنياهو “كان يعرف مواقع بعضهم بدقة منذ الشهور الأولى ويعرف كل شيء في غزة عبر أجهزة التتبع”، لكنه “لم يكن يريد أن ينهي الملف بسرعة”.

كما أشار المصدر إلى أن نتنياهو لم يوقف الحرب “حباً بالسلام، بل خوفاً من السقوط”، حيث صرح في أحد الاجتماعات بأن “إعادة الأسرى الآن تعني نهاية الحرب، ونهاية الحرب تعني نهاية الحكومة”. كل شيء كان يُدار بطريقة تحافظ على صورته لا على حياة الناس، ما يمثل “انكساراً لسلطة أخفت موتاها وضللت شعبها وباعت جنوداً من أجل أن يبقى رجل واحد في مقعده”.

وبعبارة أخرى، يمكن القول إن الحرب انتهت في غزة، لكنها بدأت اليوم في الداخل الإسرائيلي.

 

قد يعجبك ايضا