البرغوثي: عودة الفلسطينيين إلى غزة ملحمة وطنية أكدت فشل مخطط التهجير والتطهير العرقي
رام الله/وكالة الصحافة اليمنية
أكد الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي أن مشاهد عودة الفلسطينيين إلى قطاع غزة بعد وقف إطلاق النار تمثل ملحمة وطنية عظيمة وتجسد فشل مخطط التهجير والتطهير العرقي الذي حاولت حكومة الاحتلال فرضه خلال العدوان.
وقال البرغوثي، في تصريح صحفي، إن العودة والنزوح ارتبطا بالوعي الجمعي الفلسطيني منذ أكثر من قرن، موضحًا أن الفلسطينيين الذين استشهد بعضهم أثناء محاولتهم العودة إلى غزة قبل إعلان وقف إطلاق النار “جسدوا الإصرار الأسطوري على البقاء في الوطن رغم الدمار الهائل”.
وأشار إلى أن النتيجة الجوهرية للعدوان هي فشل مؤامرة التهجير وفشل مغامرة التطهير العرقي، لافتًا إلى أن “إسرائيل استخدمت كل أدواتها الوحشية من تجويع وقصف وتجريف وقتل جماعي، لكنها لم تتمكن من كسر إرادة الشعب الفلسطيني”، مؤكدًا أن هذا الفشل يحمل بُعدًا استراتيجيًا دائمًا، إذ “لن تستطيع إسرائيل بعد اليوم أن تكرر نكبة عام 1948 أو إخراج الفلسطينيين من أرضهم مجددًا”.
وأضاف البرغوثي أن “إسرائيل”، التي كانت تُقدِّم نفسها للعالم كـ”دولة ديمقراطية”، أصبحت اليوم منبوذة ومطلوبة للعدالة الدولية، قائلًا: “نتنياهو سيبقى مطلوبًا لمحكمة الجنايات الدولية كمجرم حرب، بعد أن ارتكبت حكومته جرائم إبادة وتطهير عرقي في غزة”.
وأوضح أن “إسرائيل فشلت في تحقيق هدفها بتحويل غزة إلى ريفييرا خالية من الفلسطينيين، بفضل صمود وبطولة الشعب الفلسطيني ومقاومته”، معتبرًا أن “الحرب الإسرائيلية على غزة انتهت بفشل عسكري وسياسي واضح، وأن جيش الاحتلال غير جاهز لخوض حرب طويلة جديدة”، لكنه حذّر من مناورات أو هجمات محدودة قد يلجأ إليها “نتنياهو لتغطية فشله الداخلي وصرف الأنظار عن أزماته السياسية”.
ودعا البرغوثي إلى “بدء المرحلة الثانية فورًا بعد تسليم الأسرى الإسرائيليين، وتشمل انسحابًا إسرائيليًا كاملاً من قطاع غزة ورفض إقامة منطقة عازلة أو أي شكل من أشكال الاحتلال الجزئي، مطالبًا بـ اجتماع وطني عاجل للفصائل الفلسطينية لترجمة اتفاق بكين القاضي بتشكيل حكومة وفاق وطني مستقلة لمدة عام تمهيدًا لإجراء انتخابات حرة وديمقراطية”.
وشدد على أن الوحدة الوطنية هي الضمانة الوحيدة لإفشال أي محاولات خارجية لإدارة غزة أو فرض وصاية دولية عليها، مؤكدًا أن “الفلسطينيين قادرون على إدارة شؤونهم بأنفسهم دون وصاية أو تدخل أجنبي”.
كما حذّر البرغوثي من “محاولات إسرائيل والولايات المتحدة تمرير فكرة نزع السلاح”، معتبرًا أن ما يُطرح في الواقع هو “محاولة لنزع المقاومة ذاتها، وليس مجرد تنظيمها”، وقال: “ما دام الاحتلال قائمًا، يظل حق الشعب الفلسطيني في المقاومة بكل الأشكال مكفولًا بالقانون الدولي، والمقاومة المسلحة ليست استثناءً من هذا الحق”.
وأشار الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية إلى أن دعم صمود أهالي غزة وإعادة بناء بيوتهم ومؤسساتهم الصحية والتعليمية هو جزء من المعركة الوطنية، داعيًا إلى “توجيه كل الجهود الفلسطينية والعربية والدولية نحو إعادة الإعمار وتعزيز البقاء على الأرض”.
كما اعتبر أن الحركة التضامنية العالمية مع فلسطين كانت أحد أسباب فشل الهجمة “الإسرائيلية”، واصفًا إياها بأنها “المارد الذي خرج من القمقم ولن يعود إليه”، مضيفًا: “ما شهدناه من مظاهرات بالملايين في أوروبا والعالم يفوق ما حدث أيام النضال ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وهذا الزخم يجب أن يستمر ويتصاعد لا أن يتراجع”.
وقال البرغوثي إن هذه الحركة أجبرت “نتنياهو” وترامب على وقف العدوان، مشيرًا إلى أن تصريحات ترامب الأخيرة حول عزلة “إسرائيل” تؤكد ذلك.
وفي ختام حديثه، شدّد البرغوثي على أن الوحدة بين غزة والضفة الغربية هي مفتاح أي حل سياسي مقبل، معتبرًا أن “محاولات الفصل بين المنطقتين تهدف إلى إضعاف إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة”، وأن اتفاق بكين يمثل الصيغة الأفضل لضمان وحدة الموقف الفلسطيني أمام العالم.
كما حذر من تصاعد هجمات المستوطنين في الضفة الغربية، واصفًا إياهم بالقاعدة الفاشية لليمين “الإسرائيلي” المتطرف، مؤكّدًا أن “صمود الضفة لن يقل عن صمود غزة، وأن ميزان القوى بدأ يميل تدريجيًا لصالح الشعب الفلسطيني”.
وختم البرغوثي بالقول إن “مستقبل الحل السياسي يعتمد على الموقف الإسرائيلي والدولي، موضحًا أن حل الدولتين الحقيقي يعني إنهاء الاحتلال بالكامل وإزالة المستوطنات، وإلا فإن البديل هو دولة واحدة ديمقراطية يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات”، مضيفًا: “الشعب الفلسطيني لن يقبل بدولة كاريكاتيرية بلا سيادة أو حق عودة”.