المصدر الأول لاخبار اليمن

الإعلام العبري والمتصهين.. كيف يصنع الخوف من بطش أمريكا و”إسرائيل”؟

غزة | وكالة الصحافة اليمنية

 

يُعد الإعلام، بشقيه الصهيوني المباشر والمتصهين (المطبع) في العالم العربي، أحد الأركان الأساسية في استراتيجية الردع غير العسكري للاحتلال الإسرائيلي، وحليفته أمريكا.

لا يقتصر دور هذا الإعلام على تبرير العدوان وقلب الحقائق فحسب، بل يتجاوزه إلى هندسة وعي جماعي قائم على الخوف واليأس، بهدف شل الإرادة السياسية والشعبية للمقاومة والمواجهة، ومن يناهضون المشروع الأمريكي – الإسرائيلي في أي مكان على وجه الأرض.

إن صناعة الخوف من “بطش أمريكا والاحتلال” هي عملية دعائية نفسية مركبة، تستخدم تضخيم القوة وشيطنة الخصم وتسميم الوعي كأدوات لفرض الهيمنة وقبول الأمر الواقع.

يعمل الإعلام العبري، سواء الموجه للداخل أو للخارج، وفق استراتيجية واضحة تهدف إلى ترسيخ صورة “القوة المطلقة” التي لا يمكن تحديها، وفي الوقت ذاته، تبرير أي عمل عدواني أو عنصري من خلال صناعة حالة من الهلع الداخلي.

لطالما وصف الإعلام العبري جيشه بأنه الجيش الذي لا يُقهر، ليشكل بهذا الوصف صورة أسطورية عن قوتهم وتضخيمها.

هذه الآلية تعتمد على الترويج لقوة ساحقة مدعومة أمريكيًا، بالمال والسلاح، مما يضاعف من حجم البطش المتوقع لأي طرف يفكر في مواجهتهما.

كما يُركز الإعلام العبري، في تسويق أسطورة “الجيش الذي لا يقهر”، من خلال استعراض الترسانة العسكرية والتكنولوجية، وما يصاحبها من قدرات متطورة؛ لترسيخ فكرة أن أي مواجهة عسكرية هي بمثابة “انتحار” فيما يمكن تسمية هذا النوع من الترويج بالردع النفسي، حيث يتم استخدام لغة التهديد والوعيد لتصوير المقاومة وانتفاضة الشعوب على أنها “مغامرة غير محسوبة العواقب”.

ما تقدمه أمريكا للاحتلال الإسرائيلي، يُعتبر دعمًا غير مشروط، حيث يُنظر إلى “إسرائيل” على أنها جزء لا يتجزأ من القوة العظمى العالمية، وهذا الدمج بين القوتين يضاعف من حجم التهديد المتصور، ويجعل من فكرة تحدي الاحتلال، بمثابة تحدٍ للقوة الأمريكية نفسها، مما يعزز الخوف من عقاب دولي شامل، نظرًا للتحالفات الأمريكية سواء في ما يسمونه بـ “الشرق الأوسط”، أو أوروبا.

 

صناعة الهلع

لقد أسهم تعزيز الرؤية العسكرية من قبل الإعلام العبري، في تحويل أي ثورة ضد الاحتلال إلى تصوير ذلك على أنه “دفاع عن النفس” واعتباره خطر وجودي؛ لتبرير أي تصعيد عسكري أو قرار عنصري.

حرص الإعلام العبري على تخويف الشعوب التي ترفض الظلم والبطش الإسرائيلي وجرائمهم، بمصطلح معاداة السامية، حيث صور كل مقاومة على أنها “إرهاب”، يُرتكب بعدها جرائم إبادة وحشية.

يصنع الإعلام العبري، هلعًا داخليًا، باستخدام مصطلحات مثل “الخوف” و”الرعب” بشكل مبالغ فيه في التغطية الإعلامية الداخلية، خاصة بعد أي عملية للمقاومة الإسلامية أو تلك الهجمات التي تأتي من اليمن.

مع إبرام “إسرائيل” لاتفاقيات تطبيع مع بعض الدول العربية وفي مقدمتها الإمارات ، والبحرين، يُظهر بوضوح تشكيل إعلام مقابل، يمكن تسميته الإعلام ” المتصهين” والذي يُمثل الذراع الناعمة للبروباغندا الصهيونية في المنطقة العربية.

 

الإعلام المتصهين ” المطبع”

يلعب الإعلام المتصهين دورًا في تفتيت الجبهة الداخلية العربية، وتسميم الوعي، وتضخيم الخوف من البطش لفرض القبول بالهيمنة.

ومن جهة ثانية، يعمل على قلب الحقائق، وتبرير الجرائم، وتشويه المفاهيم؛ ليصبح صدى للرواية الإسرائيلية، ويوفرغطاء أخلاقي وسياسي للعدوان.

لو تساءلنا كيف يتم تبني الرواية الإسرائيلية بشكل كامل؛ لوجدنا ذلك من خلال تصوير ضحايا فلسطين على سبيل المثال، على أنهم مجرمين، وإرهابيين، يقاتلون المستوطنين، ويهاجمون جنود الاحتلال في النقاط الأمنية والشوارع، ليتحول إعلام الدول المطبعة وغيرها من الدول العربية التي تعتزم التطبيع، إلى أبواق تخدم “إسرائيل”.

إذا كان الإعلام العبري، يُشيطن المقاومة الإسلامية، فهذا أمر يعود إلى خصوصية الانتماء، والولاء، للاحتلال، باعتباره ناطقًا رسميًا عن الصهيونية؛ لكن أن يقوم بهذا الدور إعلام عربي، فهو من المآسي التي تزيد من انقسام الأمتين العربية والإسلامية، وإثارة الفتن بشكل متواصل، وإسنادًا للاحتلال ومن خلفه الداعم الرئيسي أمريكا.

إن توجيه الإعلام العربي للدول المطبعة، يهدف في الأساس إلى تأليب الرأي العام العربي الداخلي ضد المقاومة وقياداتها، بوصفها مسؤولة عن “إجرام العدو”، مما يعني تحميل الضحية مسؤولية ما يقوم به العدو.

إن تضخيم فكرة “إسرائيل” التي لا تُقهر، يبعث رسائل مباشرة وغير مباشرة تحذر من “عواقب” دعم المقاومة أو معارضة الاحتلال، وأن أي مواجهة معه ستؤدي إلى دمار شامل، مما يعزز الخوف من البطش ويقود إلى التسمم الفكري والسياسي.

من زاوية أخرى، يتم غرس مفاهيم تخدم الأجندة الصهيونية، مثل “الواقعية السياسية” التي تدعو إلى القبول بالأمر الواقع والتطبيع، و”الابتعاد عن الصراع” للحفاظ على الاستقرار، مما يهدف إلى ترويض الشعوب على الخضوع للهيمنة الأمريكية-الإسرائيلية.

 

القبول بالهيمنة

وأتعد صناعة الخوف من بطش أمريكا والاحتلال الإسرائيل استراتيجية متكاملة تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية وعسكرية عبر بوابة الوعي، من خلال تضخيم القوة وشيطنة الخصم وتسميم الوعي، ويسعى هذا الخطاب الإعلامي إلى دفع الشعوب والأنظمة إلى القبول بالهيمنة والتخلي عن خيار المقاومة.

هذا الخوف، الذي يتم ضخه بانتظام، هو الأداة الأكثر فعالية للردع غير العسكري، حيث يحول القوة العسكرية إلى قوة نفسية وسياسية قادرة على فرض الإرادة دون الحاجة الدائمة إلى استخدام البطش الفعلي.

 

قد يعجبك ايضا