المصدر الأول لاخبار اليمن

دماء القادة.. وقود نهضة المقاومة ودافعها نحو القوة والاستمرار

تقرير | وكالة الصحافة اليمنية 

تشهد حركات المقاومة في المنطقة ظاهرة متكررة، وهي استهداف قادتها بالاغتيال من قبل قوى الاحتلال والهيمنة ، لكن الملاحظ أن هذه الاغتيالات، بدلاً من أن تضعف هذه الحركات أو تقضي عليها، غالباً ما تتحول إلى محركات جديدة للصمود والتطور، حيث تتحول دماء الشهداء من القادة إلى وقود يدفع عجلة المقاومة نحو مزيد من القوة والتصميم .

 

 الشواهد والتجارب 

في 10 سبتمبر 2004 ،تمكنت القوات التابعة للنظام الحاكم في اليمن آنذاك من الوصول الى السيد حسين بدر الدين الحوثي واغتياله بتوجيه أمريكي في محاولة لاجهاص مشروعه الذي جاء مناهضاً لأمريكا و”إسرائيل”.

ظن الأمريكيون ان اغتيال السيد حسين بدر الدين الحوثي سيمثل نهاية للمشروع الذي جاء به ، لكن آمال الامريكيين خابت ، فلم تمض أشهر على اغتيال السيد حسين بدر الدين الحوثي وقتله، حتى التف الانصار حول القيادة الجديدة المتمثلة بالسيد عبد الملك الحوثي الذي قاد الحركة في حروب متتالية وصولاً الى التفاف الشعب اليمني حوله في ثورة الـ 21 من سبتمبر والتي أدت الى إخراج اليمن من الوصاية الامريكية بشكل نهائي ، وهو مالم ترض عنه أمريكا حيث أوعزت للسعودية إعلان عدوان على اليمن في مارس 2025 .

 

اغتيال الصماد  
وفي الاعوام الاولى من العدوان على اليمن برز أسم صالح الصماد رئيس المجلس السياسي الأعلى في صنعاء والذي قدم رؤيته في البناء والتنمية المرتكزة على ركيزتين أساسيتين وهما ” يد تحمي ويد تبني ” والذي رأى فيه التحالف ومن وراءه أمريكا خطراً بسبب تركيزه على بناء مؤسسات الدولة القوية، وتقوية القدرات الدفاعية لليمن، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، مما هدد بسحب البساط من تحت أقدام التحالف في الداخل وأقلق استراتيجياتهم في الخارج فبادر لاغتيال الرئيس صالح الصماد ، حيث رأى التحالف في اغتياله محاولة لكسر إرادة اليمنيين، لكنه أدى إلى عكس ذلك، حيث عزز من صمودهم واندفاعهم نحو تطوير الصناعات العسكرية، لتصبح سلاحاً ذا قدرة ردع استراتيجية حقيقية لا تقتصر على ردع دول التحالف فقط  بل أصبحت تهدد أمريكا و”إسرائيل” وهذا ظهر واضحاً خلال معركة طوفان الاقصى التي انخرطت فيها صنعاء الى جانب المقاومة الفلسطينية في غزة في مواجهة أمريكا و”إسرائيل” ، والتي انتهت بنصر كبير لصنعاء ، التي أصبحت قوة يخشى جانبها في المنطقة.

 

حزب الله بعد اغتيال السيد عباس الموسوي 
في 16 فبراير 1992 ، اغتال جيش الاحتلال الإسرائيلي الأمين العام لحزب الله عباس الموسوي كجزء من استراتيجية تهدف إلى ضرب قيادة الحزب ووقف عملياته في الجنوب اللبناني حيث كانت “إسرائيل ” تهدف من خلال اغتيال الموسوي إلى إضعاف حزب الله من خلال استهداف قياداته ، وعلى عكس توقعات “إسرائيل” تزايدت قوة حزب الله  بعد اغتيال المسوي، وتحت قيادته الجديدة المتمثلة بالسيد حسن نصر الله ، شهد حزب الله تحولاً نوعياً ، وأصبح احد أقوى فصائل المقاومة في المنطقة ، وحقق انتصارات تاريخية على “إسرائيل” أبرزها تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الاسرائيلي عام 2000 ، ثم النصر الاسطوري في معركة يوليو2006 التي أنزلت هزيمة كبرى بالاحتلال الاسرائيلي، وصولاً الى الدور الكبير الذي أداه حزب الله في إسناد غزة خلال معركة طوفان الاقصى.

الاغتيالات المتكررة لقادة حماس 
استهدفت “إسرائيل” قادة حركة المقاومة الاسلامية حماس بعمليات اغتيال متكررة، بدءاً من الشيخ المؤسس أحمد ياسين في 22 مارس 2004 ، مروراً بالدكتور عبد العزيز الرنتيسي الذي اغتالته ” إسرائيل في 17 أبريل من نفس العام  ، وعشرات غيرهم من القادة والميدانيين .
على الرغم من هذه الضربات، لم تتراجع حماس، بل استطاعت أن تبني منظومة قيادية وقاعدة عسكرية متينة ، وتمكنت  من خوض العديد من الجولات البطولية مع الاحتلال، ووصلت ذروة تصديها بتنفيذ عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023، التي كسرت هيبة الجيش الإسرائيلي وأعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة العالمية.

 يظنّ البعض أن قيام “إسرائيل” باغتيال قادة المقاومة من حزب الله وحركة حماس قد يُضعف من قدرات فصائل المقاومة، ويشكّل ضربة موجعة لبنيتها التنظيمية والعسكرية ، غير أن مجريات الأحداث على الأرض أثبتت أن هذا التصوّر غير دقيق ، فالتجربة التاريخية، كما الميدانية، بيّنت أن سياسة الاغتيالات لم تنجح في كسر إرادة المقاومة، بل على العكس، أدّت إلى تعزيز روح الصمود والعزم لدى المقاومين، وزادت من إصرار الأجيال الجديدة على حمل راية القادة الذين ارتقوا، ومواصلة الطريق نحو تحقيق أهدافهم.

ولقد أصبح واضحًا أن كل عملية اغتيال تستهدف أحد القادة البارزين في محور المقاومة تتحول إلى دافع إضافي لإعادة بناء القدرات التنظيمية والعسكرية، وتجديد الخطط والإمكانات استعدادًا لجولات قادمة من الصراع مع “إسرائيل” .
ويمكن القول إن هذا النمط من التفاعل داخل حركات المقاومة يعكس عمق التجذّر الشعبي والفكري للمشروع المقاوم، ويؤكد أن القادة الذين يُستهدفون يتحولون إلى رموز تلهم الأجيال، بدل أن تُطفئ نار المقاومة.

قد يعجبك ايضا