المصدر الأول لاخبار اليمن

شديد: طوفان الأقصى كشف هشاشة الاحتلال واليمن غيّر معادلات الصراع في المنطقة

حوار خاص

حاوره/عبدالكريم مطهر مفضل

في ظل التحركات الأمريكية الجديدة ومساعي بعض القوى لإعادة رسم المشهد الفلسطيني، تتجه الأنظار نحو موقف فصائل المقاومة الفلسطينية من محاولات فرض واقع أمني جديد في غزة، وإلى الدور المتنامي لمحور المقاومة في معادلة التصدي للمخططات “الإسرائيلية” الأمريكية.

وكالة الصحافة اليمنية أجرت الحوار التالي مع الأستاذ عبد المجيد شديد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الانتفاضة في فلسطين المحتلة، والذي أوضح أنّ “الضغوط السياسية والعسكرية على المقاومة تهدف إلى نزع سلاحها وإعادة الاحتلال بواجهة جديدة”، مؤكداً أن “إدارة غزة شأن فلسطيني داخلي، وأن أي قوة أجنبية تأتي على دبابة صهيونية ستُعامل كقوة احتلال”.

وتحدث شديد توازن الردع الجديد الذي فرضته العمليات اليمنية، وتراجع الهيمنة الأمريكية في البحر الأحمر، مؤكداً أنّ “المعركة الراهنة لم تعد دفاعاً عن غزة فحسب، بل تحوّلت إلى معركة وجود تحدد ملامح الشرق الأوسط المقبل”.

 

كما وضع الأستاذ عبدالمجيد شديد، النقاط على الحروف بات معها المشهد أكثر وضوحاً: فصائل المقاومة الفلسطينية ليست في موقع الدفاع بل في موقع المبادرة، والمقاومة في محور القدس باتت تمتلك زمام التأثير في الميدان والسياسة معاً…. إلى الحوار:

 

التحركات الأمريكية: احتلال أم حفظ سلام؟

 

ــ كثر الحديث مؤخراً عن تحركات أمريكية لتشكيل قوات أجنبية لحفظ أمن الاحتلال الإسرائيلي ونزع سلاح الفصائل الفلسطينية. ما حقيقة هذه التحركات؟ وهل تجري وساطات إقليمية حول نزع سلاح المقاومة؟

 

شديد| هناك ضغوط كبيرة تُمارس على المقاومة والوفد المفاوض، وتشمل محاولات تستهدف إحداث احتلال جديد لقطاع غزة عبر حضور قوات أجنبية تُقدم نفسها كقوة “حفظ سلام” لأمن الكيان.

المقاومة ردّت بوضوح: إدارة قطاع غزة شأن فلسطيني داخلي، وأي قوة أجنبية ستاتي على ظهر دبابة صهيونية ستُعامل مثلما تُعامل أي تهديد صهيوني.

الولايات المتحدة وحلفاؤها يعملون جاهداً على نزع سلاح المقاومة عبر ضغوط وحصار وتهديدات، لكن المقاومة تعتبر سلاحها خطاً أحمر ما دام الاحتلال يرزح فوق أرضنا، وغير قابل للنقاش على طاولة المفاوضات.

 

مسؤوليات متبادلة

 

ــ في ظل خروقات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة للتهدئة في غزة، إلى ماذا تستند فصائل المقاومة الفلسطينية في تصديها عسكريًا وأمنيًا لهذه الخروقات؟ وما أبرز عوامل القوة لديها اليوم؟

 

شديد |تقع مسؤولية كبيرة على الوسطاء، وخصوصاً من احتضنوا مفاوضات شرم الشيخ، للضغط على الاحتلال لوقف هذه الخروقات التي يقوم بها العدو الصهيوني ضد أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

رغم ذلك، تظلّ المقاومة صاحبة زمام الأمور على الأرض، هي الدرع الحامي للشعب الفلسطيني بفضل عزيمة وإرادة المقاوم الفلسطيني والحاضنة الشعبية التي تبقى دعماً أصيلاً للمقاومة.

 

اليوم أصبح لليمن وزن إقليمي يحسب له ألف حساب وهذه القدرة تُعيد رسم معادلات الردع في المنطقة

 

ــ اليمن واصل فرض حصاره البحري والجوي على الاحتلال الإسرائيلي طوال عامين.. برأيكم، ما كان مدى تأثير هذا الحصار على البنية الاقتصادية للاحتلال الإسرائيلي ومسار العدوان على غزة؟

 

شديد | منذ اللحظة الأولى لبدء جرائم الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، فتحت اليمن جبهة إسناد مستمرة، ولم تُثنها التهديدات أو الاغتيالات والضربات التي تعرضت لها البنية التحتية اليمنية من قبل أمريكا وبريطانيا والاحتلال الإسرائيلي.

الحصار البحري والعمليات العسكرية اليمنية استنزفت اقتصاد الاحتلال؛ أُغلقت موانئ، وانهارت شركات كبرى، وحدث تراجع اقتصادي ملموس وهو ما انعكس على قدرة الاحتلال في مواصلة سياساته بنفس القوة السابقة.

 

ــ ما تقييمكم لوصول الصواريخ والطائرات المسيّرة اليمنية إلى عمق الاحتلال الإسرائيلي؟ وكيف ترون تداعيات هذا التطور على مستقبل الصراع ؟

 

شديد | الصواريخ والطائرات المسيّرة اليمنية شكّلت ضربات جوهرية كشفت هشاشة منظومة الدفاع لدى الاحتلال التي كانت تقف عاجزة في التصدي لتلك الصواريخ والطائرات.

وعلى إثر ذلك، نجحت الضربات اليمنية في إحداث خلخلة سياسية وعسكرية داخل الكيان المحتل، وتسببت في استقالات لمسؤولين سياسيين وقادة عسكريين رفيعي المستوى وانتقادات داخلية حادة.

اليوم أصبح لليمن وزن إقليمي يحسب له ألف حساب، وهذه القدرة تُعيد رسم معادلات الردع في المنطقة.

 

تراجع النفوذ الأمريكي في البحر الأحمر

 

ــ مع تراجع النفوذ الأمريكي في البحر الأحمر وباب المندب، لماذا يصرّ الأمريكيون على دعم الاحتلال رغم الخسائر؟ وهل تعتبر واشنطن أن هذه حرب وجود؟

 

أمريكا تعتبر الكيان الصهيوني في الشرق الأوسط كـ”ابن مدلل” و”اليد الضاربة” لها في المنطقة، لذا تدفع بكل قوتها لدعمه.

تدرك واشنطن أنها دفعت ثمناً باهظاً خلال العامين الماضيين، ولا تريد أن تقدم أي إنجاز أو “صورة نصر” للمقاومة الفلسطينية أو لمحور المقاومة. وبالتالي، تراها معركة وجود بالنسبة لها، وتسعى للحفاظ على نفوذها ومشروعية حليفها الاستراتيجي.

 

ــ كيف تقيمون التفاعل الشعبي العربي والإسلامي مع معركة غزة؟ وهل ترون أن الزخم الشعبي قادر على فرض معادلات سياسية جديدة على أنظمة المنطقة؟

 

كنا كشعب فلسطيني نعول كثيراً على الشعوب العربية والإسلامية، لكن للأسف التفاعل الجماهيري لم يكن بالمستوى الذي يوازي حجم الجريمة المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني.

هذه الشعوب لو تحركت ونزلت إلى الميادين والشوارع كما شهدنا تحرك اليمن العزيز لما استمرت الإبادة الجماعية لعامين وأكثر على الشعب الفلسطيني، ولكان لذلك التحرك أثر مباشر في تحريك السياسات الدولية والأنظمة، وربما لجم العدوان أو قلّص من استمراره.

 

محور المقاومة.. من الرد إلى مبادرة

 

ــ هل أصبح محور المقاومة في موقع المبادرة وليس فقط الرد؟ وما المؤشرات على ذلك؟

 

أثبت محور القدس أنه جزء أصيل من معركة “طوفان الأقصى” وإسناد الشعب الفلسطيني. ووجه ضربات موجعة للكيان، الذي حاول مراراً وتكراراً أن يخفي حجم خسائره، لكن مقاطع الفيديوهات التي كانت تنشر على منصات التواصل الاجتماعي فضحت الرقابة العسكرية لجيش الاحتلال وكشفت حجم خسائر الاحتلال وانتصار محور القدس، وإمكان الوصول لأهداف عسكرية حساسة مؤشر واضح على أن المبادرة انتقلت من الرد الفوري إلى توجيه ضربات استراتيجية موجهة أثرت في اختلال ميزان القوى لدى الاحتلال.

 

تكتيك مؤقت أم بداية انهيار

 

ــ هناك حديث متزايد عن انسحاب محتمل لجيش الاحتلال من كافة مناطق قطاع غزة تحت ضغط عمليات المقاومة واتفاق التهدئة.. برأيكم، هل هذا الانسحاب إن حدث سيكون تكتيكيًا أم بداية لانهيار منظومة الاحتلال؟

 

معركة طوفان الأقصى كشفت ضعف الاحتلال “الإسرائيلي وهشاشته وبدّت بوادر انهيار هذا الاحتلال الصهيوني النازي وزواله عن أرض فلسطين المحتلة، لقد تكشفت انقسامات داخل سلطة الاحتلال الإسرائيلي وعلى رأسها قيادة “نتنياهو” وحكومته الذين كانوا يبدون مصالحهم الشخصية من أجل إطالة أمد العدوان واتخاذهم قرار بقتل جميع الجنود الصهاينة الأسرى لدى المقاومة.

بينما قد يكون أي انسحاب تكتيكياً في مرحلة أولى، فإن العوامل الحالية تشير إلى أن هذه المواجهة قد تشكّل بداية سلسلة أعمق من التصدعات داخل منظومة الاحتلال تؤدي إلى نتائج أكثر جوهرية على المدى المتوسط والطويل.

 

وحدة الساحات وتنسيق الدعم

 

ــ كيف تقيمون دور إيران، حزب الله، العراق، واليمن في هذه المعركة؟ وهل بلغ التنسيق مرحلة العمل الميداني المشترك؟

 

هذه المعركة جسدت وحدة الساحات والمواقف، الجمهورية الإسلامية الإيرانية، اليمن، حزب الله، والعراق وقفوا صفاً واحداً في التضامن مع الشعب الفلسطيني.

إيران قدمت كل الدعم للشعب الفلسطيني ووجهت ضربات موجعة للكيان الصهيوني قدمت الشهداء والجرحى من أجل رفع الظلم والإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني المظلوم.

اليمن العزيز بقيادته الحكيمة ممثله بالسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي والقوات المسلحة وكل المجاهدين قاد جبهة إسناد وفية للشعب الفلسطيني.

حزب الله قدم الغالي والنفيس لإسناد الشعب الفلسطيني، قدم خيرة قادته وعناصره المجاهدين وعلى رأسهم سماحة السيد حسن نصر الله، شهداء من أجل نصرة القضية الفلسطينية ومن اجل الدفاع عن فلسطين.

المقاومة العراقية بدورها جسدت معنى الوحدة في دعمها للقضية الفلسطينية.

وحدة الساحات من خلال التنسيق على مستوى السياسات والدعم الميداني ظهر بوضوح، وجسدت الانتماء الحقيقي لفلسطين ولقدسية المسجد الأقصى بإدارة هذه المعركة الجريئة والحكيمة التي تكللت بتوجيه ضربات موجعة للكيان وأعوانه ولقنت العدو درسا في معنى الصمود والمقاومة ونصرة الشعب الفلسطيني المظلوم.

 

توحّدت الساحات من فلسطين إلى اليمن ولبنان والعراق وإيران في معركة واحدة حملت عنوان “نصرة الأقصى”، ووجّهت رسائل حاسمة بأنّ زمن تفرد الكيان الصهيوني بالمنطقة قد انتهى.

وكما يؤكد ضيفنا، فإن “معركة طوفان الأقصى ليست محطة عابرة، بل بداية انهيارٍ حقيقي للمنظومة الصهيونية، لتبقى المقاومة الدرع الحامي لإرادة الشعوب وحقّها في التحرر والكرامة”.

قد يعجبك ايضا