المصدر الأول لاخبار اليمن

بين وعود السلام وواقع الحصار.. توجهات سعودية واضحة للإبقاء على معاناة اليمنيين

تقرير | وكالة الصحافة اليمنية

على الرغم من مرور أكثر من أربع سنوات على اتفاق التهدئة بين صنعاء و دول التحالف، لم يشهد  مسار السلام انتقالاً حقيقياً من حالة وقف إطلاق النار إلى مرحلة تنفيذ استحقاقات السلام، فما زال النظام السعودي مصراً على الإبقاء على الحصار الاقتصادي، الذي ترك الوضع الإنساني في اليمن على حاله دون أي تحسن ملموس، ما يجعل التهدئة أقرب إلى هدنة معلّقة أبعد ما تكون عن السلام.

 

محاولات الالتفاف على الاتفاق

منذ الأيام الأولى لدخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في أبريل 2022 ، ظهرت ملامح المماطلة من جانب التحالف، خاصة فيما يتعلق بتنفيذ البنود التي تُخفف مباشرةً من معاناة شعب اليمن، فلم يجرِ تنفيذ بند فتح مطار صنعاء أمام الرحلات المدنية بشكل كامل، كما لم تُصرف رواتب الموظفين اليمنيين رغم كونها أحد أهم بنود الاتفاق، بينما استمرت اجراءات فرض القيود على الموانئ التي تديرها حكومة صنعاء.

 ومع مرور الوقت أصبحت محاولة الالتفاف على الاتفاق أمراً واضحاً، حيث سعت السعودية، وبدعم أمريكي، إلى تكريس حالة “اللاحرب واللاسلم”، بما يسمح لها بإبقاء أوراق الضغط دون تقديم أي التزامات تُفضي إلى تسوية حقيقية،  وقد رفضت صنعاء هذا المسار، ما أدى إلى توتر المسار السياسي واقترابه من العودة إلى نقطة الصفر قبل أن تُدرك الرياض خطورة الانسداد وتبادر إلى فتح مباحثات مباشرة مع صنعاء، أفضت لاحقاً إلى صياغة خريطة طريق متكاملة.

وبحلول سبتمبر 2023، كانت المباحثات بين الطرفين قد وصلت إلى مرحلة متقدمة جداً، وارتفعت التوقعات بقرب الإعلان الرسمي عن خريطة الطريق، غير أن التدخل الأمريكي في اللحظات الأخيرة عطّل عملية التوقيع، إذ مارست واشنطن ضغوطاً مباشرة على الرياض لوقف الاتفاق، بذريعة مشاركة صنعاء في معركة طوفان الأقصى وموقفها العسكري الداعم لغزة.

 هذا التدخل أسهم في تجميد المسار بالكامل، رغم أن الاتفاق كان جاهزاً بصيغته النهائية، وقد أكد محمد عبدالسلام، رئيس وفد صنعاء المفاوض،  في تصريح له بتاريخ 20 يونيو 2024، أن الطرفين توصلا إلى نص مكتمل لخريطة الطريق، تضمن وقف إطلاق النار ورفع القيود عن الموانئ والمطارات وصرف الرواتب وتنفيذ إجراءات اقتصادية وتبادل الأسرى، وتم رفعه إلى الأمم المتحدة بعد موافقة السعودية عليه، لولا أن تنفيذه توقف عقب مشاركة صنعاء في دعم غزة.

 

العودة الى التصعيد 

ومع تجميد الاتفاق، اتجهت السعودية—تحت ضغط أمريكي واضح—إلى التصعيد الاقتصادي مجدداً، عبر الحكومة الموالية لها في عدن، مستهدفة القطاع المصرفي وشركة الطيران اليمنية والمنافذ التجارية. وقد حذّر السيد عبدالملك الحوثي في خطاب شديد اللهجة بتاريخ 7 يوليو 2024 من خطورة هذا التصعيد، مؤكداً أن الرد سيكون موازياً في المستوى والأثر، وأن واشنطن تحاول دفع الرياض نحو مواجهة شاملة لا تخدم استقرارها.

 وبرغم ارتفاع حدة التحذيرات، ظلت السعودية ماضية في إجراءاتها التصعيدية التي حملت مخاطر مباشرة على أمنها واقتصادها، لكن وبعد أيام من خطاب التحذير، اختار النظام السعودي خفض التصعيد، وأعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، في 23 يوليو 2024 التوصل إلى تفاهم جديد بين صنعاء والرياض يقضي بتهدئة التوتر في القطاع المصرفي وملف الخطوط الجوية اليمنية، إلا أنّ هذا التحرك ظل محدوداً، ولم يترافق مع أي تقدم فعلي في ملف خريطة الطريق، إذ استمرت السعودية في تجاهل خارطة الطريق رغم المطالبات المتكررة من صنعاء، وبقيت الخطوات المتخذة مجرد إجراءات لاحتواء التوتر، لا أكثر.

 

جدوى استمرار التهدئة 

إن استمرار المماطلة السعودية في توقيع خريطة الطريق، وإصرارها على الإبقاء على القيود الاقتصادية، يكشفان غياب رغبة حقيقية لدى الرياض في الانتقال إلى مرحلة سلام شامل،  فحتى اليوم لا توجد مؤشرات تؤكد نية السعودية تنفيذ الالتزامات التي وافقت عليها سابقاً.

 وفي ظل استمرار الحصار الاقتصادي، يبرز التساؤل حول جدوى التهدئة التي لم تُترجم إلى نتائج حقيقية خلال أكثر من أربع سنوات،  فمعاناة الشعب اليمني لا تزال كما هي، والوضع الاقتصادي لم يتغير، وبالتأكيد فان الشعب اليمني لن يقبل الاستمرار في هذه الهدنة التي لم تحقق أياً من شروطها، ولم تخفف من المعاناة الانسانية ، وقد بدأت الاصوات تتعالى بهذا الشأن ، والمطالبات الشعبية لحكومة صنعاء بالعودة للتصعيد تتزايد، في ظل مؤشرات تقول أن حكومة صنعاء تدرس الخيارات للتعامل مع الموقف السعودي، وبما يحقق مصلحة الشعب اليمني وينهي معاناته.

قد يعجبك ايضا