المصدر الأول لاخبار اليمن

تصاعد حدة التنافس على لقب “الحارس الأمين” للمصالح الأمريكية الإسرائيلية في باب المندب

تقرير | وكالة الصحافة اليمنية

 

تشهد المناطق المطلة على باب المندب، الواقعة تحت سيطرة التحالف، غرب اليمن، صراعاً محموماً بين السعودية والإمارات.

ورغم أن الصراع بين أطراف التحالف ممثلة بفصائل “طارق عفاش” الموالية للإمارات، وحزب الإصلاح بولائه المزدوج للسعودية وتركيا وقطر، لم يكن وليد اللحظة في السواحل الغربية لليمن المطلة على مضيق باب المندب، بل يأتي امتداد لمواجهات سابقة انطلقت خلفياتها من المديريات الاستراتيجية في الشمايتين والحجرية في محافظة تعز جنوب غرب اليمن خلال السنوات الماضية.

الإصلاح ومحاولة استحداث ساحة صراع للسيطرة على باب المندب

وتحولت المديريات الغربية في محافظة تعز إلى ساحة جديدة للصراع والتصفيات منذ نقل الإصلاح معركته إليها منتصف العام 2018، بعد تأسيس “اللواء الرابع” في طور الباحة عام 2017، بالتوجه نحو السيطرة على مواقع استراتيجية في الحجرية تنفيذا للأجندات الخارجية، التي بدأت شرارتها باغتيال قائد “اللواء 39 مدرع” التابع للإمارات، “عدنان الحمادي” مطلع ديسمبر 2019، عقب رفضه تسليم مناطق الحجرية في المواسط والمعافر وصولا إلى الشمايتين لعناصر الإصلاح، الذي كان قد أجبر “كتائب أبي العباس” السلفية على الانسحاب من تعز خلال أغسطس 2018، وتوجهها إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة “طارق عفاش” في مديرتي المخا وذو باب اللتين تشكلان الواجهة المباشرة لمضيق باب المندب.

لذلك، اتجه الإصلاح للسيطرة على المرتفعات الجبلية الاستراتيجية في مرتفعات الحجرية والشمايتين لا سيما، “بني شيبة، بني محمد، القريشة، جبل صبران، الزكيرة، الأصابح”، وصولا إلى هيجة العبد الرابطة بين تعز والمحافظات الجنوبية في المقاطرة بلحج، بعد مواجهات شرسة مع رئيس عمليات لواء الحمادي، “عبدالحكيم الجبزي” الذي تمكن من الفرار عقب إعدام مسلحي الإصلاح نجله “أصيل” منتصف العام 2020، ووصول “قائد محور تعز” التابع للإصلاح “خالد فاضل” على رأس قوة عسكرية إلى مدينة التربة مركز الشمايتين.

واتجهت حينها أنظار قيادات الإصلاح، على رأسهم “علي محسن الأحمر” لانتزاع المخا من “طارق عفاش”، ما دفع الإمارات إلى تعزيز قواته بالآليات العسكرية والتمويل المالي لإنشاء فصائل جديدة بعد تطبيعها مع الكيان الصهيوني خلال 2020، التي شكلت تلك التطورات تحولات كبيرة في الساحل الغربي لليمن، وظهور القيادي الإصلاحي “عبده فرحان المخلافي” المعروف بـ”سالم” في مقطع مصور يطالب بدعم عسكري من تركيا للسيطرة على المخا.

الإمارات تستخدم “عفاش” لمواجهة تمدد الإصلاح نحو سواحل المخا وذو باب

وفي هذا الشأن، رأت قيادة القوات الإماراتية المتواجدة في المخا التوسع العسكري للإصلاح خطرا وجوديا يخدم أجندات منافسة لها، استقطب “طارق عفاش” الآلاف من أبناء الحجرية ضمن فصائله في المخا بهدف مواجهة التمدد الإصلاحي، لكنه فشل في تحقيق اختراق ميداني عسكري بالسيطرة على تلك المناطق التي لا تزال تشهد توترات ومواجهات واغتيالات متبادلة مستمرة في الشمايتين، منذ سيطرة عناصر “الحشد الشعبي” التابعة للإصلاح على جبل بيحان ونشر الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، بالإضافة إلى تحويل مرتفعات جبل منيف الاستراتيجي إلى قاعدة لإطلاق الصواريخ، وتدريب لواء عسكري من أبناء الوازعية بدعم وتمويل من القيادي الإصلاحي “حمود المخلافي”، وتحولت تلك المناطق إلى ساحة صراع مفتوحة بين “طارق عفاش” والإصلاح إلى يومنا هذا.

وأمام ذلك، وغيرها من التطورات المحلية، وجد “طارق عفاش” نفسه فجأة عضوا في ما يسمى “مجلس القيادة” حين فرضته الإمارات ضمن ما يسمى “مشاورات الرياض” في أبريل 2022، لتنفيذ الأجندات والمصالح العسكرية والاقتصادية المشتركة مع حليفتها “إسرائيل” في باب المندب.

واستغل “طارق عفاش” نفوذه الجديد في المجلس ليقزم عدوه اللدود الإصلاح في ريف تعز والمناطق الساحلية القريبة من المخا، بإيقاف خلال شهر يونيو تجنيد قرابة 5 آلاف عنصر للإصلاح وفق ما كان يعرف بوحدات متخصصة لحماية وتأمين مديريات تعز ولحج المطلة على سواحل باب المندب، واتجه لإحكام قبضته على الوازعية، بينما فشل في فرض سيطرته المسلحة على الشمايتين خلال نوفمبر من العام نفسه.

فصائل سلفية تدخل حلبة الصراع خدمة للأجندات الأجنبية في باب المندب

وفي المقابل، لم يكن الصراع بين فصائل “طارق عفاش” والإصلاح منفردا للسيطرة على السواحل المطلة على باب المندب في المخا وذو باب غرب تعز، بل برزت أطراف جديدة من التيارات السلفية المتطرفة التي تشكل رأس حربة أخرى على مضيق باب المندب، سواء “العمالقة” التي تمولها الإمارات، أو “درع الوطن” التابعة للسعودية، التي تحاول كل منها السيطرة على سواحل مديرية المضاربة ورأس العارة بمحافظة لحج خلال نوفمبر الجاري، حيث تجاوز الصراع بين القوى الإقليمية، فلم تعد القيادات المحلية للفصائل تدرك من يصنع أو يقف خلف القرارات فيها، وفق ما نقلته الاستقالة التي قدمها ما يسمى “أركان اللواء الثاني” بفصائل “درع الوطن”، “سرور عبدالله البوكري”، بتاريخ 13 نوفمبر الجاري.

وبالتالي، أصبحت التناقضات والتوجهات المتشددة، رغم ولاء تلك الفصائل للسعودية والإمارات، بيئة خطرة من التطرف تشكل تهديدا لأمن الملاحة الدولية في السواحل المطلة على مضيق باب المندب، سواء عبر الأعمال العدائية المباشرة فيما بينها، أو من خلال تفشي القرصنة، لاسيما ارتباط القيادات المحلية لتلك الفصائل بأنشطة وأعمال غير قانونية كتهريب الحشيش والمخدرات والأسلحة والاتجار بالبشر، التي تدر عليها الملايين من الدولارات.

قواعد عسكرية لحماية الملاحة الإسرائيلية والخرب على اليمن

وفي الإطار ذاته، يحاول “طارق عفاش” أن يقدم نفسه علنا كضامن للملاحة الدولية في البحر الأحمر، وتصريحاته ضد “إيران”، فكانت مكافأته بتغطية إعلامية “إسرائيلية” ترويجية ليتحول إلى حليف استراتيجي مباشر مع “إسرائيل” وفق تصريحات لمسؤولين في حكومة صنعاء، بعد حظر الأخيرة الملاحة في البحر الأحمر أمام السفن “الصهيونية” خلال معركة طوفان الأقصى دعما وإسنادا لأبناء غزة حتى إيقاف العدوان عليهم.

وعلى النقيض من ذلك، لا يزال الإصلاح يسعى جاهدا لمنافسة “طارق عفاش” لإيجاد موطئ قدم لفصائله المسلحة في المناطق الساحلية المطلة على باب المندب، وعلى وجه التحديد تعزيز النفوذ التركي – الإسرائيلي، في سياق تحويل الأراضي اليمنية إلى رقعة شطرنج للصراعات الخارجية.

ورغم ذلك، فإن إنشاء القواعد العسكرية المشتركة في الجزر اليمنية “ميون، زقر، عبدالكوري، سمحة، في سقطرى”، ومدرج هبوط للطائرات بالقرب من باب المندب في بني الحكم بمديرية ذو باب وغيرها، ليس سوى ترسيخ للهيمنة الأمريكية الإسرائيلية البريطانية”، على الملاحة الدولية في البحر الأحمر من جهة، ولتكون نقطة انطلاق لشن هجمات عدائية على اليمن على حساب السيادة اليمنية من جهة أخرى، لا سيما بعد تحويل الإمارات ميناء بوصاصو الصومالي وجزيرة سقطرى اليمنية الواقعة شرق خليج عدن، إلى شبكة لتهريب الأسلحة لفصائلها وأدواتها في اليمن والسودان وليبيا، ضمن تغذية الصراعات التي تخدم المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة.

تنافس على لقب الحارس الأمين للمصالح الأمريكية والإسرائيلية

ووفق ما سبق تكشف المستجدات، أن ما يحدث في سواحل باب المندب، أو في المناطق والمرتفعات الداخلية الاستراتيجية المطلة على تلك السواحل، سواء في مناطق الحجرية، وكذلك الشمايتين، والوازعية بتعز، والمضاربة ورأس العارة ومؤخرا بالمقاطرة في لحج، لم يكن صراعا قبليا أو سياسيا محليا، بل يأتي ضمن ما يسمى عملية إعادة “الهندسة الجيوسياسية” التي تقودها قوى إقليمية ودولية عبر وكلائها المحليين، ذات التوجهات المتناقضة وفق التنافس المحموم فيما بينها، على تقديم نفسها “الحارس الأمين” للمصالح الأمريكية “الإسرائيلية” دون إيلاء أمن واستقرار اليمن وسيادته أي أهمية في اجنداتها، بل أن تحركاتها الأخيرة يضع الملاحة الدولية في البحر الأحمر على حافة الهاوية.

قد يعجبك ايضا