حراك واسع في صنعاء ضد الفساد بمؤسسات الدولة.. إحالات بالجملة للقضاء وحماية المبلغين
تقرير | وكالة الصحافة اليمنية
تشهد العاصمة اليمنية صنعاء حراكاً غير مسبوق لمكافحة الفساد المالي والإداري، حيث تتواصل التحركات على أكثر من صعيد لتعزيز النزاهة في مؤسسات الدولة، خصوصاً الوزارات الاقتصادية والمالية، مع إحالة 725 متهماً إلى النيابة العامة لملاحقة مخالفاتهم أمام محكمة الأموال العامة ومكافحة الفساد.
وفي هذا الشأن أطلقت حكومة صنعاء ممثلة بهيئة مكافحة الفساد، مطلع نوفمبر الماضي سلسلة إجراءات حاسمة تهدف إلى تجفيف منابع الفساد وتعزيز الشفافية، مع إرساء قواعد غير مسبوقة لحماية المبلّغين عن التجاوزات في مؤسسات الدولة، خصوصاً تلك المرتبطة بالقطاعين المالي والاقتصادي.
حماية المبلّغين تدخل حيّز التنفيذ
الاجتماع الطارئ لمجلس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، ناقش في 2 نوفمبر الماضي 13 طلب حماية تقدم بها مواطنون كشفوا قضايا فساد، ليخرج المجلس بقرارات قانونية ملزمة تضمن أمنهم وحقوقهم، في خطوة اعتبرها مراقبون تحولاً مهماً في بيئة الإبلاغ والشفافية داخل مؤسسات الدولة.
إحالة 725 متهماً في 9 قضايا فساد للقضاء
وفي خطوة وُصفت بأنها “الأكبر منذ تأسيس الهيئة”، أقر المجلس في اليوم الثاني، إحالة 725 متهماً في 9 قضايا فساد إلى مكتب النائب العام لإحالتهم إلى النيابة المختصة لاستكمال الإجراءات ورفع الدعوى الجزائية ضدهم أمام محكمة الأموال العامة.
وأوضح المجلس هيئة مكافحة الفساد، أن حجم الضرر في تلك القضايا بلغ 4 مليارات و880 مليوناً و388 ألف ريال، إضافة الى استيلاء وتسهيل الاستيلاء على مساحات أرض تابعة لإحدى المنشآت المهمة والاستراتيجية للدولة، لافتًا إلى أن إجمالي المساحات المستولى عليها بلغت 7 ملايين وألف و441 متراً مربعاً، بما يعادل 157 ألف و548 لبنة، استعادت الهيئة منها مليونان و30 ألف مترا مربعا، بما يعادل 45 ألف و679 لبنة.
ووفق المجلس، تمثلت وقائع الفساد في تلك القضايا باستغلال النفوذ والاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على مال عام والإضرار بمصلحة الدولة، وأضرار مادية ومعنوية، وتعريض حياة المواطنين للخطر.
وزارة الاقتصاد والصناعة.. شراكة مفتوحة لتعزيز الشفافية ضد الفساد
وفي سياق متصل، شهدت الجهات المالية والاقتصادية سلسلة زيارات ميدانية لفريق التوعية في هيئة مكافحة الفساد، بهدف تفعيل الخط المجاني الساخن للإبلاغ عن قضايا الفساد والكسب غير المشروع.
وزارة المالية، عبر وكيلها لقطاع التنظيم وحسابات الحكومة محمد عامر، أكدت التزامها بإشهار الخط المجاني في كل مؤسسة تابعة لها، وتعميم لوحات تعريفية تشجع الموظفين والمواطنين على التبليغ.
كما حصدت الخطوة إشادة من قيادة هيئة مكافحة الفساد التي اعتبرت ما قامت به الوزارة “انطلاقة عملية لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للنزاهة”.
مصلحتا الضرائب والجمارك دخلتا على خط الحراك أيضاً، حيث أكد القائم بأعمال رئيس المصلحة الدكتور إبراهيم مهدي أن التعاون مع هيئة مكافحة الفساد يمثل “ركيزة أساسية في ضبط النظام المالي والجمركي”.
من جهتها، ناقشت وزارة الاقتصاد والصناعة والاستثمار برئاسة القائم بالأعمال سام البشيري مع فريق الهيئة، سبل تعزيز الشراكة في مشروع الشفافية بالمؤسسات الخدمية، وتفعيل الخط الساخن داخل الوزارة وهيئاتها.
وقد أشادت الهيئة بخطوات الوزارة التي بدأت بتنفيذ دورات تدريبية لتأهيل كوادرها على أساليب مكافحة الفساد والوقاية منه.
ووفقا لما سبق، تتحرك حكومة صنعاء بثقل اقتصادي وقانوني واضح، متمثلة في إحالة أكبر دفعة متهمين بالفساد إلى القضاء، واستعادة مساحات أراض كبيرة من أملاك الدولة، وعمل إجراءات رسمية لحماية المبلّغين لأول مرة بهذا المستوى، في ظل حراك واسع داخل وزارات المالية والاقتصاد والضرائب والجمارك.
ورأى مراقبون أن هذه الخطوات تعكس توجهاً صارماً لخلق بيئة اقتصادية أكثر نزاهة وترسيخ مبدأ المحاسبة دون استثناء.