المصدر الأول لاخبار اليمن

تمزيق النسيج الاجتماعي في شبوة.. فوضى ممنهجة لخدمة المشاريع الأجنبية

خاص | وكالة الصحافة اليمنية |

تمزيق النسيج الاجتماعي في مديريات محافظة شبوة وبقية المحافظات الواقعة تحت سيطرة التحالف، لا سيما تلك الغنية بالثروات الطبيعية، أصبحت استراتيجية لتنفيذ المشاريع الأجنبية في جنوب وشرق اليمن.

لم تعد الفوضى الأمنية في الوقت الراهن كما كانت تعاني منها مدينة عدن منذ مطلع العام 2016 من اغتيالات طالت شخصيات عسكرية وأمنية ودينية مناهضة للمشاريع الأجنبية تزيد عن 200 جريمة قيدت ضد مجهول حتى العام 2020م، بالإضافة إلى اختطاف وإخفاء المئات من الناشطين إلى يومنا هذا.

أما خلال الوقت الراهن، لم تكن شبوة بمعزل عن هذه الفوضى التي أرادت لها دول التحالف، ممثلة بالسعودية والإمارات، تأجيجها عبر إثارة المواجهات بين أبناء القبائل أنفسهم، لتمزيق النسيج الاجتماعي المتماسك بما يخدم الولاءات الأجنبية.

كما انعكس الواقع الأمني المتردي والوضع الخدمي والمعيشي الكارثي في شبوة وغيرها من المحافظات، الناجم عن الصراع بين الفصائل الموالية للإمارات والسعودية وحزب الإصلاح، سلبا على الأمن والسلم الاجتماعي بين أبناء القبائل، إذ يستمر كل طرف بدعم وتمويل مشايخ ووجهاء القبائل بالمال والسلاح مقابل كسب الولاءات وترسيخ النفوذ.

وبالتالي، انعكست هذه السياسة من التمزيق للنسيج الاجتماعي على أبناء شبوة أنفسهم باستنزاف أرواحهم وإهدار دمائهم من قبل أبناء جلدتهم ممن ينفذون الأجندات الخارجية، لتظهر تلك القيادات في موقف المتفرج على ما يحدث بينهم وكأن الأمر لا يعنيهم.

لهذا السبب، تم إفراغ مديريات شبوة من سلطات الدولة وجعل أبنائها كالوحوش يقتلون بعضهم بعضا في الأسواق والطرقات، بعيدا عن الأعراف والتقاليد الأصيلة، بعكس ما تقوم حكومة صنعاء من توحيد أبناء القبائل وتعزيز تماسكهم ووضع حد للثارات فيما بينهم، الأمر الذي أدى إلى حل مئات قضايا الثأر كانت متجذرة فيما بينهم منذ عقود، والتي راح ضحيتها العشرات من القتلى والجرحى.

إن ما وصلت إليه شبوة من الفوضى الأمنية بإعدام الشاب “أمين ناصر باحاج” على خلفية ثأر قبلي خارج إطار القانون في مديرية بيحان، على يد مسلحين من قبيلة آل سود، حادثة أثارت موجة غضب واستنكار واسعة، ويعتبر هذا المؤشر خطيرا على الانفلات الأمني والقضائي، ووصول الأمور إلى مرحلة أخذ الحق باليد، مما يؤسس لثقافة الغاب وضرب النسيج المجتمعي من أساسه بين أبناء القبائل الذين من المفترض أن توحد صفوفهم ضد العدو الأول لهم، مع الاستمرار في نهب ثرواتهم والاستمرار المتعمد في تجهيلهم وإفقارهم.

وأثارت الحادثة ردود فعل غاضبة حملت السلطات المحلية في شبوة الموالية للتحالف المسؤولية الكاملة، متهمة إياها بالتقاعس عن فرض هيبة القانون ومعالجة قضايا الثأر عبر القنوات القانونية والأعراف والأسلاف، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بين أبناء القبيلتين عقب عملية الإعدام للشاب باحاج، بل اندلعت مواجهات قبلية عنيفة مساء أمس الاثنين عقب انتشار مقطع مصور لحالة الإعدام المعيبة، وتم استخدام أسلحة متوسطة وخفيفة وسط غياب أي تدخل أمني، ما يهدد السلم الاجتماعي بشكل مباشر.

من ناحية أخرى، تغرق السلطات المحلية الموالية للإمارات في شبوة في وحل الفساد والاهتمام بمصالحها من الاستثمارات وتمرير الصفقات والبحث عن عمولات تحت الطاولة لتنفيذ مشاريع سماسرة الحقول النفط والعقارات، بعيدا عن توفير الخدمات الأساسية أو تحقيق التنمية لأبناء شبوة الذين يغرقون بدماء الثارات طيلة السنوات العشر الماضية، التي طالت حتى أبناء الأسرة الواحدة.

بينما لم يكن تمزيق النسيج الاجتماعي وحمى الصراعات مقتصرة على شبوة واستنساخ كيانات موالية لأطراف خارجية بمفردها، بل اتسعت مؤخرا في حضرموت والمهرة بشكل كبير منذ مطلع ديسمبر الجاري، مع اجتياح الفصائل الموالية للإمارات القادمة من الضالع ولحج لتلك المناطق، حيث سجلت تقارير حقوقية خلال أسبوعين فقط 4071 انتهاكا جسيما، منها 35 حالة قتل مباشر و56 إصابة، وإعدام 7 أسرى، بالإضافة إلى ذلك تشير تقارير حقوقية إلى تسجيل 268 حالة اختطاف تعسفي، واقتحام 112 منزلا و56 محلا تجاريا، وتهجير قسري لنحو 3500 شخص، بينهم أسر من أبناء المحافظات الشمالية تقطن سيئون منذ قرابة 25 عاما.

لذلك، إن مشروع الفوضى الذي جاءت به دول التحالف لم يكن يستهدف أبناء عدن وحضرموت وشبوة والمهرة وسقطرى فقط، بل هو موجه لليمن أرضا وإنسانا، وتعمل هذه الاستراتيجية وفق قاعدة تبادل الأدوار واللعب بالمصالح بين الرياض وأبوظبي منذ بدء الحرب على اليمن ليكون المواطن اليمني هو الضحية لتلك المشاريع التدميرية والتمزيقية للبلد، مع الفارق الجوهري بأن أبناء المحافظات الشمالية في صنعاء وقفوا في وجه المشروع التدميري وضحوا من أجل أرضهم، بينما وجد آخرون أنفسهم بعد العمل على تسليم الأرض وحيدين وخاسرين دون أن ينتصروا لقضيتهم أو كرامتهم.

وبالتالي فإن إغراق هذه المناطق بالفوضى يخدم فقط المشاريع الأجنبية ويسهل نهب الثروات وبناء القواعد العسكرية الأجنبية، حتى لا يكون هناك أي وعي مجتمعي موحد قد يقف عائقا أمام تلك المشاريع التدميرية سواء خلال المرحلة الراهنة أو في المستقبل المنشود.

قد يعجبك ايضا