المصدر الأول لاخبار اليمن

انهيار سعر برميل النفط الأمريكي يفضح فشل السياسة الخارجية لإدارة البيت الأبيض ويكشف هشاشة الاقتصاد

تقرير | وكالة الصحافة اليمنية

لم يعد الانخفاض الحاد في أسعار خام غرب تكساس الوسيط مجرد تذبذب عابر في أسواق الطاقة، بل تحوّل إلى مؤشر صارخ على فشل السياسة الخارجية الأميركية وتداعياتها الكارثية على الاقتصاد الداخلي للولايات المتحدة، التي باتت تدفع ثمن مغامراتها الجيوسياسية وعقوباتها غير المحسوبة حول العالم.

فقد تراجع خام غرب تكساس الوسيط، المرجعي الأميركي في تسعير النفط، اليوم الثلاثاء إلى أدنى مستوى له منذ نحو خمس سنوات، في مشهد يعكس اهتزاز موقع واشنطن الاقتصادي. ووفق وكالة الصحافة الفرنسية، انخفض السعر تسليم يناير بنسبة 2.64% ليبلغ 55.32 دولارًا للبرميل، بعدما لامس 54.98 دولارًا، وهو مستوى لم يُسجَّل منذ فبراير 2021، متأثرًا بتقدم المفاوضات بشأن أوكرانيا واحتمال تحقيق فائض كبير في المعروض.

سياسة خارجية فاشلة… ونتائج عكسية

هذا الانهيار السعري لا يمكن فصله عن السياسات الأميركية التي راهنت لسنوات على تأجيج الصراعات، وفرض العقوبات، واستخدام الطاقة كسلاح سياسي. فواشنطن التي سعت لعزل روسيا وإخضاع الأسواق عبر الضغط الجيوسياسي، تجد نفسها اليوم أمام واقع معاكس: تراجع المخاطر السياسية، احتمال عودة إمدادات ضخمة إلى السوق، وانكشاف فشل استراتيجية “الضغط الأقصى” التي لم تحقق سوى إرباك الأسواق وضرب المنتج الأميركي نفسه.

النفط الصخري في مهب الريح

الضربة الأكبر يتلقاها قطاع النفط الصخري الأميركي، الذي طالما رُوِّج له كعنوان لـ“استقلال الطاقة”. فهبوط الأسعار إلى ما دون 60 دولارًا للبرميل يهدد الجدوى الاقتصادية لعدد كبير من المشاريع، ويفتح الباب أمام تقليص الاستثمارات، وتعليق عمليات الحفر، وتسريح العمال، ما ينسف الرواية الأميركية حول متانة اقتصادها وقدرته على امتصاص الصدمات.

تآكل القوة الاقتصادية الأميركية

ورغم أن انخفاض أسعار الوقود قد يمنح المستهلك الأميركي متنفسًا مؤقتًا، إلا أن الصورة الأوسع أكثر قتامة. فتراجع أسعار النفط بهذا الشكل غالبًا ما يعكس ضعف الطلب العالمي وتباطؤ الاقتصاد الدولي، وهو ما يضعف الصادرات الأميركية ويزيد الضغوط على النمو، خصوصًا في ظل دين عام متضخم، وسياسة نقدية متشددة، وعجز مزمن في الميزان التجاري.

من قيادة العالم إلى إدارة الأزمات

ما يحدث اليوم يؤكد أن الولايات المتحدة انتقلت من موقع “قائد الاقتصاد العالمي” إلى دولة تُدار بالأزمات، تتخبط بين فشل خارجي وانكشاف داخلي. فسقوط خامها المرجعي إلى أدنى مستوياته منذ خمس سنوات ليس مجرد رقم في شاشة التداول، بل شهادة على اهتزاز الثقة بالنموذج الأميركي، وتراجع قدرتها على التحكم بمسارات الاقتصاد العالمي كما كانت تفعل لعقود.

يكشف تراجع خام غرب تكساس إلى هذه المستويات التاريخية المتدنية فشل السياسة الخارجية الأميركية، ويؤكد أن ما حصدته واشنطن من تدخلاتها وصراعاتها ليس سوى اقتصاد هش، وقطاع طاقة مهدد، ونفوذ دولي يتآكل تدريجيًا.

وبينما تحاول الإدارة الأميركية تسويق الانخفاض كـ“فائدة للمستهلك”، فإن الواقع يؤكد أن ما يجري هو أحد أعراض أزمة أعمق تطال بنية الاقتصاد الأميركي ومكانته العالمية.

قد يعجبك ايضا