تحليل/وكالة الصحافة اليمنية//
لا تزال غزة تنزف جوعاً.. ففي مشهد بات متكرراً بشكل مروّع، فارقت الطفلة جنان صالح السكافي الحياة، اليوم السبت، داخل مستشفى الرنتيسي بمدينة غزة، جراء المجاعة الحاصلة في القطاع.
رحيل جنان ليس مجرد رقم جديد يُضاف إلى قوائم الضحايا، بل هو جرس إنذار مدوٍ في وجه عالم اعتاد مشاهد الكارثة دون أن يحرّك ساكناً.
وباستشهاد جنان، ترتفع حصيلة ضحايا سوء التغذية الحاد والمجاعة في قطاع غزة إلى نحو 57 شهيداً، معظمهم من الأطفال، في حين تُقدر أعداد من يعانون من أعراض الجوع وسوء التغذية بما يزيد عن 60 ألف طفل، وفقاً لمصادر طبية رسمية.
التجويع كسلاح حرب
المكتب الإعلامي الحكومي في غزة لم يتوان عن وصف ما يحدث بأنه سياسة “تجويع ممنهجة”، ترتقي إلى جريمة إبادة جماعية ينفذها كيان الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء أمريكي ودولي.
فالمعابر مغلقة منذ أكثر من 64 يوماً متتالياً، والمساعدات الإنسانية – بما فيها حليب الأطفال والمكملات الغذائية والأدوية – ممنوعة من الدخول، في مشهد يبدو وكأنه مصمم لإبادة البنية المجتمعية من الجذور.
ليس هذا مجرد حصار تقليدي، بل استراتيجية عسكرية واقتصادية مكتملة الأركان، كما يصفها خبراء القانون الدولي. قوات الاحتلال ــ بحسب تقارير رسمية ــ تدمّر بشكل ممنهج مصادر الغذاء من مخابز ومزارع وآبار مياه، وتمنع الشاحنات الغذائية، والوقود الضروري لتشغيل المولدات والثلاجات وحتى مستشفيات الأطفال.
كسر إرادة الحياة
منذ استئناف العمليات العسكرية في مارس الماضي بعد انهيار اتفاق وقف إطلاق النار، باتت الحياة في غزة أشبه بمعركة مفتوحة ضد البقاء. المجاعة لم تعد “تهديداً مستقبلياً”، بل حقيقة ماثلة تتجسد في وجوه الأطفال الهزيلة، وفي شحوب الأمهات اللواتي لا يملكن سوى الدموع.
ويوضح البيان الأخير الصادر عن المكتب الحكومي أن ما يحدث في غزة لا يهدد فقط حياة الملايين، بل ينسف أبسط معايير الكرامة الإنسانية، ويشكّل خرقاً فاضحاً لكافة الأعراف الدولية، وعلى رأسها اتفاقيات جنيف والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
العالم يتفرّج.. والمأساة تتعمق