المصدر الأول لاخبار اليمن

مبروك لتركيا احتمال رفع العقوبات عن سورية!

تحليل/د.ميخائيل عوض/وكالة الصحافة اليمنية//

 

 

زيارة ترمب للخليج حدثٌ فارق، سيكون لبعده ولنتائجه الكثير من التحولات.
تريليونات الدولارات، والحفاوة والأعراس، وتجاهل إسرائيل ومصالحها التقليدية، وإعلانات ترمب، وخُطَبه، والوفد المُعزز من الشركات، وجُلُّها جاء ممثليها لحصد البيادر والاستئثار بالغلال الوافرة، حصاد ضخم، ريعي بلا جهود ولا انتاج ولا من يحزنون.

اليمن لوت عنقه والصين أفقدته لمعانه

ترمب جابي، وشفاطة أموال، لاهمَّ له. وغايته إنقاذ أمريكا وتمكينها، ولا ضرر إن جبى لنفسه وعائلته مليارات. والأفضل والأقل كلفة وعناء، بالأعراس والعراضات، وإطلاق الوعود والكلام، فلما لا؟!. وبالنتيجة أفضل بألف مرة من الحروب والابتزاز بقوة المدفع، وقد لوت عنقه اليمن، أو بالدولار وقد أفقدته الصين لمعانه وجاذبيته.

 

ترمب يجبي الأموال، ويشفطها بلا عناء أو تكاليف، بل بمجرد زيارات وعراضات وكلام في الهواء.

إلا أنَّ الراغبون بتزين النتائج وطمس الحقائق والتغطية على المهم من نتائجها، وفي مقدمتها مزيد من المؤشرات عن تخلي أمريكا عن إسرائيل التي باتت عبئاً ومشروعاً فاشلاً وخاسراً. نجد الليكوديين العرب والمتأسرلين يهوبرون ويعنترون ويسوقون الأكاذيب والأوهام لتهميش هذه النتيجة، فولائهم وتعبدهم لإسرائيل يأبى أن يدرك الحقائق الجديدة. فانشغل الجميع إعلاماً وإعلاميين وخبراء ومنظرين بحدث يمكن وصفه بأقل من العابر، ولن تترتب عليه نتائج عملانية بالمدى القريب والمتوسط.

 

الحدث المشغول على تصويره إنجازاً عبقرياً، ونتيجة نوعيَّة للزيارة، وتبديد الأموال وحرمان الشعوب صاحبة الحق بها، هو لقاء “ترمب-بن سلمان” بالجولاني، ووعدٌ أطلقه ترمب للعمل على رفع العقوبات عن سورية.

إعلان يحمل في أفضل حالاته احتمال، والإجراءات -إن صدق- الإعلان تحتاج إلى زمنٍ طويل، وإجراءات معقدة تستغرق وقتاً، وأخذ ورَد!
فصلاحيات الرئيس -إذا التزم-والواعد هو ترمب؟؟

قاصرةٌ عن رفع العقوبات، وما يستطيع تجميد أو إلغاء أوامر رئاسية. وسورية تحت عقوبات قانون قيصر الصادر عن الكونغرس، لا صلاحية لترمب بإلغائها….!
تذكروا؛ أنَّ قانون قيصر صاغه ومرره وعمل على إقراره ذاتهم أنصار ومعلمي الجولاني، وقد كلف الشعب السوري كله معاناةً شديدة، وصلت إلى حد الجوع والإفقار والتدمير.

إعلان ترمب ومن الرياض أفرحنا، ويفرح كل عاقل، وأي إنسان. فالشعب السوري كله وبغض النظر عمن يحكمه يستحق. والأهم أنَّ فرض العقوبات، وحرب الحصارات حربٌ ظالمة، لا تُقِرُّها ولا تُبررها أيَّة شرعيَّة وضعيَّة أو سماويَّة، وهي حرب إبادة بالتجويع.

الإعلان من الرياض يعني أنَّ إردوغان وبن سلمان وبن زايد والقطري والكل، كان شريكاً في تجويع السوريين. والأهم أنَّه يعني قدرتهم على إقناع ترمب بوقف حرب إبادة وتجويع وحصار غزة وأهل فلسطين. فمجرد الإعلان من الرياض، وجعبة ترمب وخزائنه امتلأت بالدولارات والشيكات، كان يوجب أَن يعلن فوراً وقف الحرب وفتح المعابر ورفع الحصار عن غزة!

أما ولم يفعلها، ولم يطالب إردوغان وبن سلمان بالأمر، فالإدانة قاطعة، وشراكتهم بذبح غزة باينه، ولن يغفر لهم إعلان نوايا لرفع العقوبات عن سورية.

ولمن تخونه الذاكرة أو يتقصد النسيان؛ هل تذكرون أنَّ الإدارة الأمريكية عام ٢٠١٧ أعلنت رفع العقوبات عن السودان، وجرت ذات الاحتفاليات، وروجت ذات الأوهام والاكاذيب، والعقوبات على السودان بقرارات رئاسية يمكن للرئيس إلغائها؟! ثم جرت احتفاليات عام ٢٠٢٢ تحت نفس العنوان، ولتصريح من وزير الخزانة، ومازالت العقوبات ومازال السودان وشعبه مبتلي بالحروب والتجويع والعقوبات والحصار؟!

في سورية قانون قيصر الذي هلل له ذاتهم المحتفلون بإعلان نوايا، لِمَن لم يلتزم بإعلان من قبل.

إذاً هو “إعلان نوايا”، ولقاء عابر مع الجولاني كرد جميل وإغواء لابن سلمان والآخرين، ولتلميع مئات المليارات من الدولارات، التي أصبحت بقبضته. أما الإعلان واللقاء فقد ذَرتُه الرياح قبل أن يجفَّ حبره أو تُطبع صوره.

لنفترض أنَّ ترمب قبل أن يصل الى البيت الأبيض أصدر أمراً بإلغاء أوامر الرؤساء السابقين، وهو أضعف الايمان، بالمناسبة لو كان جاداً لفعلها في الرياض، ووقع مستعرضاً كعادته. ماذا عن قانون قيصر، ومتى وبأية شروط؟!
نعم؛ برغم أنَّ الجولاني قدَّم فروض الطاعة والخنوع، وسلَّم سورية لإسرائيل وتركيا، ودمَّر دولتها وجيشها، وارتكب المجازر بالأقليات، ويُرهبها، واحتفظ بالغرباء ووطنَّهم ويمنحهم الجنسية السورية، فعل كل ذلك طوعاً والتزاماً وبلا شروط أو مطالب أو مكاسب، لم يحصل إلا على لقاءٍ ووعد….!
والوعد مشروط؛ والشروط مزيدٌ من الإذلال. ولن يُنفَذ أي شيءٍ من الوعد، إلا بعد إنفاذ الشروط، ومنها حكومة جامعة وطنية وعلمانية في الدستور وطرد الغرباء ووو..
كلها لن يستطيع الجولاني فعلها، وإن فعل بعضها سيقتله أصحابه ورفاقه ومن قاتلوا معه.

 

هل سيصل إلى السوريين فعلا

حباً بالحياة وبالشعب السوري، ووفاءً لتضحياته، وهو يستحق أَن تُرفع العقوبات عنه، وتتوقف حروب إبادته، لنفترض أنَّ كل شيء سار على ما يرام، ورُفعت العقوبات، وسقط قانون قيصر، فمن المستفيد؟
هل سيصل شيءٌ للسوريين؟
هل ستُحل مشاكلهم الحياتية والأمنية؟ وتتأمن الكهرباء والماء والمحروقات؟ وتعود الدولة والرواتب وشبكات الأمان الاجتماعية والقدرة الشرائية والأعمال؟
بالقطع لن يصلهم شيئا، فالعقوبات بُررت بأنها ضد النُّظم وكانت نتائجها ضد الشعوب ومعاناتها، ورفع العقوبات ستبرر أنها للشعوب ليحصدها الحاكمون.
في سورية مَن الحاكمون؟
تركيا وأدواتها وشركاتها وخبرائها وضباطها، وما الجولاني ووزراؤه وقادته إلا أتراك أو متتركين. والاقتصاد كالأمن والجيش والاتصالات أنجز تتريكها، وكذا المصارف والمركزي والسياسات المالية والنقدية والاقتصادية.
إنه الوهم بعينه!
إنه الكذب والفبركات وتجميل القبيح!
وبكل حال، كنا نأمل أن نبارك للسوريين حصولهم ولو على وعد، ولو أنَّ صاحبه مشكوك بالتزامه، غير أنَّ الوقائع تلزمنا أن نبارك لتركيا احتمال رفع العقوبات عن سورية.

قد يعجبك ايضا