تقرير/وكالة الصحافة اليمنية//
تسعى أميركا إلى إعادة فرض سيطرتها على القارة السوداء “إفريقيا” من خلال استغلال الأزمات التي تلوح أمامها بين دول القارة، وتصاعد أزماتها واتخاذها منحدرًا خطيرًا، يصعب التغلب عليه؛ إلا عبر تدخل خارجي ولو في ثياب “وسيط”.
الخلاف الذي يعصف بين دولتين إفريقيتين، راوندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، واستمر منذ 30 عامًا، شهد قفزة أمريكية إلى أعماق الخلاف، هذه المرة وضعت أميركا يدها بين الطرفين كوسيط يبحث عن مصلحة البلدين ظاهرًا، فيما يغلف التدخل الأميركي أطماعًا كبيرة في ثروات البلدين، وهذل ليس بغريب من الإدارة الأميركية.
توقيع الاتفاق
أمس الجمعة، وقعت رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية اتفاق سلام بوساطة أميركية، بعد فترة زمنية من عداء أسفر عن مقتل وتشريد مئات الآلاف.
الاتفاق الذي جرى بين الدولتين، جاء بعد تخلّي الجانب الكونغولي عن مطلبه بسحب فوري للقوات الرواندية من شرق البلاد، وهو الشرط الذي كان يقف حجر عثرة أمام التقدم في المفاوضات.
تبدو التحركات الأميركية في إفريقيا، في هذا التوقيت بالذات، تحركًا مضادًا، تسعى واشنطن من خلاله لإيجاد توزان يقابل النفوذين الصيني والروسي هناك.
الموارد الاستراتيجية والاقتصادية، في إفريقيا، زاخرة بثروات هائلة، ما يفتح شهية قوى عظمى لفرض السيطرة على دولها؛ فبحسب تقارير اقتصادية، تتمتع الكونغو بوفرة المعادن النادرة، مثل الكوبالت والليثيوم والتنتالوم، والتي تُعد ضرورية للثورات التكنولوجية العالمية الحديثة.
الشروط التي طُرحت في الاتفاق، كشفت النوايا الخبيثة لأمريكا، حيث كان من ضمنها التوقيع على بنود لتحفيز الاستثمارات الغربية، في قطاع التعدين، مقابل تحسين مناخ الاستقرار وفتح المجال أمام الشركات المتعددة الجنسيات للاستفادة من الموارد الطبيعية، ما يمنح واشنطن بوابة جديدة لتعزيز حضورها الاقتصادي في قلب القارة السمراء.
يؤكد خبراء النظرة الأميركية تجاه لعبها دور الوساطة بقولهم إن واشنطن تسعى لتأمين مصالحها الاستراتيجية المرتبطة بالمعادن الحيوية اللازمة للصناعات المستقبلية.
تشريستوفر فاندوم من معهد تشاتهام هاوس البريطاني قال: إن هذا النهج يعكس تحوّلًا من سياسة التدخل العسكري المباشر إلى مقاربة “الربح المتبادل”، حيث تربط واشنطن المساعدات والدعم السياسي بالنتائج الاقتصادية والأمنية.
ولأن التحرك الأميركي لا يأتي من فراغ، أشارت مصادر إلى أن الكونغو عرضت على واشنطن السماح بالوصول إلى معادن حيوية، مقابل ضمانات أمنية.
بدورها تعتبر “روز مومانيا”، الباحثة في شؤون الأمن بشرق إفريقيا، أن “التحرك الأميركي يتجاوز هدف التهدئة الفورية، ويؤشر إلى رغبة حقيقية في استعادة الزخم السياسي في القارة، وإرسال رسالة ضمنية بأن أفريقيا ليست ساحة مهملة أو مفتوحة لخصوم واشنطن الجيوسياسيين”.
يُعرف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب؛ بأنه رجل أعمال، يبحث عن الأموال بشتى الطرق وعبر أي وسيلة؛ فإعادة ضبط البوصلة الأميركية تجاه القارة الإفريقية، تُحقق لهذا الرئيس مبتغاه، سياسًا واقتصاديًا، ولهذا كان خيار الدبلوماسية، هذه المرة، هو الأنسب للتوغل في إفريقيا، بعد قطع وعود كبيرة بأن محاربة الإرهاب سيتكفل بها الجيش الأميركي لتأمين المنطقة.
يمكن القول أن الأطماع الأمريكية لا حدود لها، وأن واشنطن، لا تضحي بتواجدها في أي مكان عبثًا، وتعهدها بضمان الأمن ومحاربة الإرهاب؛ يأتي في إطار ضمان عدم عرقلة الوصول إلى الموارد وخلق بيئة مواتية للاستثمار.
الرئيس الأميركي ترمب قال: اليوم، انتهى العنف والدمار، وبدأت المنطقة بأكملها فصلًا جديدًا من الأمل والفرص”. وهذه “الفرص” التي ذكرها ترمب في رواندا والكونغو الديمقراطية تتجذر في رغبته بتأمين المعادن الحيوية، ومواجهة النفوذ المتزايد للقوى المنافسة خاصة الصين.
انتكاسة أميركية