خاص / وكالة الصحافة اليمنية //
من الواضح أن الولايات المتحدة و”إسرائيل” تعملان على محاولة فرض معادلة إقليمية جديدة تهدف إلى تمكين التوسع “الإسرائيلي” وتطبيق المشروع الصهيوني دون مواجهة أو مقاومة فعالة.
هذه الاستراتيجية تقوم على مفهوم “الاستباحة” الذي يعني خلق بيئة إقليمية منزوعة السلاح، تمكن “إسرائيل” من التحرك بحرية وتوسيع نفوذها دون عقبات وكل ذلك يأتي في إطار تحقيق المشروع الصهيوني المتمثل في ضم مناطق واسعة في المنطقة الى دولة “إسرائيل ” تتجاوز حدودها الحالية .
وبعد موجة التطبيع التي شهدتها المنطقة والتي من المحتمل أن تنظم اليها العديد من الدول العربية الى جانب الامارات والبحرين والمغرب ، وإخراج سوريا من معادلة محور المقاومة يبقى المعوق أمام تطبيق المشروع الصهيوني هو سلاح فصائل المقاومة ، ولهذا تتصدر الولايات المتحدة الامريكية الجهود لنزع سلاح فصائل المقاومة ابتداءً من غزة ومروراً بلبنان وصولاً الى العراق معتمدة أدوات متعددة تتنوع بين الضغط السياسي ، والعقوبات الاقتصادية ، والتهديد العسكري ، والمساومات الدبلوماسية .
نزع سلاح حماس
يشكل نزع سلاح حركة حماس أحد الأهداف المركزية للاستراتيجية الأمريكية- “الإسرائيلية” حيث تمثل المقاومة المسلحة في غزة عقبة رئيسية أمام المشروع الصهيوني ، ويعود هذا الهدف إلى اتفاقيات أوسلو التي حاولت تحويل الصراع إلى مجرد نزاع سياسي يمكن إدارته دون تغيير جذري في موازين القوى وبما يمكن “إسرائيل” من ابتلاع بقية الاراضي الفلسطينية دون مقاومة ، ومع فشل هذه الاستراتيجية وتصاعد المقاومة أصبح نزع السلاح خياراً استراتيجياً للجانب الأمريكي- “الإسرائيلي” ،وخصوصاً بعد عملية طوفان الاقصى في الـ 7 من أكتوبر ، والتي أثبتت أن سلاح المقاومة قادرة فعلاً على تغيير المعادلة على الارض لصالح المقاومة.
ومنذ بداية العدوان الاسرائيلي على غزة ظهرت مسالة نزع سلاح حماس كهدف أمريكي مشترك حيث ربطت “إسرائيل” نزع سلاح حماس هدفاً رئيسياً للحرب منذ بدايتها ،وربطت وقف إطلاق النار بتسليم حماس لسلاحها بشكل كامل ، واستخدمت الضغوط الإنسانية (منع الغذاء والدواء) كأداة لدفع السكان ضد حماس وإجبارها على تسليم سلاحها ، فيما مارست الولايات المتحدة الامريكية ضغوطاً كبيرة ودفعت ومازالت تدفع بقوة نحو صفقات تتضمن نزع سلاح حماس وتربط هذا الشرط كأساس لأي اتفاق دائم لوقف إطلاق النار .
نزع سلاح حزب الله
بعد فشل المحاولات الامريكية في نزع سلاح حزب الله بعد الـ 2006 ترى “إسرائيل ” والولايات المتحدة الامريكية أن الفرصة مؤاتيه لنزع سلاح حزب خصوصاً بعدما أفرزته المواجهة الاخيرة بين حزب الله و”إسرائيل ” من تغيرات وإخراج سوريا من معادلة محور المقاومة والتي كانت تمثل حلقة الوصل بين إيران وحزب الله ، ولهذا تسعى “إسرائيل ” عبر الولايات المتحدة الامريكية لفرض نزع سلاح حزب الله ، وتعتمد الولايات المتحدة الامريكية مجموعة من الاساليب تتنوع بين الضغط السياسي ، والابتزاز ، وتوظيف العوامل المحلية والدولية لتحقيق هذا الهدف .
ويؤكد ذلك التحركات الدبلوماسية في لبنان والمقترحات الامريكية التي تطرح مسالة نزع سلاح حزب الله مقابل الانسحاب “الاسرائيلي” من المناطق اللبنانية المحتلة ووقف الضربات الجوية ، وربط المساعدات وإعادة الاعمار بنزع سلاح حزب الله ، والتهديد العسكري والذي ظهر واضحا في التصريحات التي صدرت عن المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص توم باراك ، الذي حذر مما أسماه خطراً وجوديا يواجه لبنان ، واحتمال عودة لبنان الى ما كان يعرف ببلاد الشام إذا لم يمتثل للمطالب الامريكية في إشارة واضحة إلى نزع سلاح حزب الله .
نزع سلاح الحشد الشعبي في العراق
والى جانب الحراك الامريكي في فلسطين ولبنان ، تشهد الأشهر الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في التحركات الأمريكية لفرض معادلة نزع السلاح على فصائل المقاومة في العراق معتمدة عدة أساليب تتنوع بين الضغط السياسي والدبلوماسي ، ودفع الشخصيات والاحزاب الموالية لها في الحكومة للمطالبة بنزع سلاح الحشد الشعبي وحصر السلاح بيد الدولة ، إلى جانب التلويح باستخدام القوة وهو ما أكده المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراقي في ديسمبر 2024 ، حيث قالها صراحة ان الحكومة العراقية تلقت تهديدات من الادارة الامريكية لتفكيك الحشد الشعبي ونزع سلاحه ، لتحاشي التدخل الامريكي لتحقيق ذلك بالقوة .
والخلاصة أن كل ما يجري يؤكد أن الولايات المتحدة الامريكية تعمل إخضاع المنطقة ، وإزالة أي قوة يمكن أن تمثل أي تهديد مستقبلي لـ “إسرائيل “عن طريق جعل المنطقة منزوعة السلاح ، ومستباحة أمام “إسرائيل ” تعربد فيها كما تشاء دون مقاومة ، ودون أي رد فعل ، والمشاركة الامريكية مع “إسرائيل ” في حربها مع إيران لم تكن إلا لتحقيق هذا الهدف ، حيث مثلت إيران بدعمها لفصائل المقاومة في المنطقة العائق الاكبر أمام تحقيق المشروع “الاسرائيلي” الامريكي المشترك في المنطقة ، ولهذا تحاول “إسرائيل ” ومعها الولايات المتحدة الامريكية لإضعاف إيران ، وإخراجها من المعادلة ، لإتاحة الفرصة لـ “إسرائيل ” لفرض مشروعها بالمنطقة ، دون مواجهة أي عوائق .