المصدر الأول لاخبار اليمن

خسائر أرامكو تتآكل ببطء والاقتصاد السعودي ينزف.. هل تنهار رؤية بن سلمان 2030 قبل أن تكتمل؟

خاص / وكالة الصحافة اليمنية //

 

في واحدة من أكبر الخسائر السوقية لشركة نفط في التاريخ الحديث، فقدت أرامكو السعودية أكثر من 800 مليار دولار من قيمتها السوقية خلال ثلاث سنوات فقط، في تراجع يعكس نزيفًا اقتصاديًا أعمق يضرب جسد الاقتصاد السعودي تحت سطح الأرقام اللامعة.

فمن ذروة بلغت 2.4 تريليون دولار عام 2022، انحدرت قيمة أرامكو إلى أقل من 1.6 تريليون دولار حاليًا، لتعود إلى مستويات لم تُسجل منذ جائحة كورونا، وهو تراجعٌ لم تشهده شركات النفط الغربية التي سجلت – على العكس – مكاسب قوية خلال الفترة نفسها.

 

سهم متراجع وأرباح تتآكل

يتداول سهم أرامكو اليوم بأقل من سعر الطرح الثانوي لعام 2024 (27.25 ريالًا)، وبانخفاض 19% عن متوسط سعره منذ الاكتتاب العام في 2019. الأسوأ من ذلك، أن الشركة سجلت انخفاضًا في الأرباح للربع العاشر على التوالي، لتبلغ أرباح الربع الثاني من 2025 حوالي 22.7 مليار دولار، بتراجع سنوي بلغ 22%.

الشركة نفسها عزت ذلك إلى انخفاض أسعار النفط الخام والمنتجات المكررة، ولكن التراجع ليس تقنيًا فقط – بل يُشير إلى أزمة استدامة مالية حقيقية تواجه أرامكو وسط ضغوط متزايدة من الدولة.

 

أرامكو تتحول إلى خزينة طوارئ

في ظل تصاعد عجز الميزانية السعودية، وانخفاض أسعار النفط إلى ما دون سعر التوازن المالي البالغ 92 دولارًا للبرميل، لجأت الحكومة مرارًا إلى أرامكو كمصدر تمويل مباشر، سواء من خلال الطروحات الثانوية أو تحويل الأرباح لتمويل المشاريع الكبرى.

ويحذر اقتصاديون من أن المملكة تستهلك أصولها النفطية لسد فجوات مالية متراكمة بدلًا من بناء قاعدة إنتاجية بديلة، وهو ما قد يؤدي إلى إضعاف أرامكو نفسها وتآكل دورها كمصدر استقرار مالي.

 

رؤية 2030… طموح بلا تمويل مستدام

بينما تتسارع مشاريع رؤية 2030 بوتيرة ضخمة – من نيوم إلى القدية – تتضاءل قدرة الدولة على تمويل هذه المشاريع من دون الاعتماد على أصول مثل أرامكو. ومع تراجع الاستثمار الأجنبي وتقلّب الإيرادات النفطية، يبدو أن الدولة أمام خيارات محدودة: إما بيع مزيد من الحصص من أرامكو، أو الاقتراض، أو إعادة النظر في أولويات الإنفاق.

وفي السياق علّق المحلل السعودي المعارض د. خالد السعدون، قائلاً: “القيادة السعودية تتعامل مع أرامكو وكأنها خزينة مفتوحة… ولكن هذه الخزينة بدأت تنفد.”

 

إلى أين تتجه السعودية؟

أرقام العجز، تراجع أرباح أرامكو، وانخفاض قيمتها السوقية، كلها مؤشرات على مرحلة دقيقة يمر بها الاقتصاد السعودي. فالأداة التي بنت بها المملكة مكانتها الاقتصادية أصبحت اليوم تتحمل أعباء تمويل رؤية مستقبلية باهظة، دون أن يتضح بعد كيف – أو متى – ستبدأ هذه الرؤية في تحقيق العائد المنتظر إن لم تُجرَ مراجعة حقيقية للسياسات الاقتصادية الراهنة، فقد لا تكون أرامكو آخر ما ينزف… بل البداية فقط.

قد يعجبك ايضا