المصدر الأول لاخبار اليمن

إرباك المشهد وإثارة الفوضى.. رهان أمريكا الخاسر في اليمن

 

خاص / وكالة الصحافة اليمنية //

تظهر السياسة الأمريكية في اليمن ارتباكًا واضحًا، خاصة بعد تعثرها عسكريًا، حيث تحاول واشنطن تعويض هزيمتها عبر اللجوء إلى إرباك المشهد في اليمن وإثارة الفوضى لإضعاف موقف صنعاء الداعم لغزة من خلال الدفع بشخصية أحمد علي عبدالله صالح الى المشهد السياسي ، وتحريك من يزالون يوالون أسرة الرئيس الاسبق لليمن علي عبدالله صالح لإثارة الفوضى وقلب الطاولة.

والسؤال الذي يُطرح : لماذا لجأت واشنطن لهذا الخيار وفي هذا التوقيت؟

انعدام الخيارات

الحقيقة هي ان الادارة الامريكية قبل اللجوء الى هذه الخطوة  فكرت في تحريك أدواتها الاقليمية ” السعودية والامارات” والقوى التابعة لها في اليمن لفتح جبهات داخلية ضد صنعاء، بهدف إضعافها وإلهائها عن دعم غزة ، لكن هذه الخطط اصطدمت بواقع المشاعر الشعبية اليمنية، التي تشهد غضبًا عارمًا تجاه “إسرائيل” وحلفائها بسبب العدوان على غزة ، حيث كان من الممكن أن يؤدي أي تحرك ضد صنعاء في هذا التوقيت إلى توحيد الصفوف اليمنية خلف القيادة في صنعاء ، وقد تجد هذه القوى نفسها في مواجهة مع الشعب اليمني .

ويبدوا أن الدوائر العسكرية الأمريكية قد وصلت إلى قناعة  بأن التحالف السعودي-الإماراتي أصبح عاجزاً تماماً عن تحقيق أي تقدم على قوات صنعاء وخصوصاً أن هذا التحالف واجه هزائم متكررة أمام صنعاء، حتى في ظل تفوقه العسكري السابق ، ولهذا فمن المستحيل أن يحقق انتصار في الوقت الحالي ، في الوقت الذي انقلبت فيه الموازين وأصبحت صنعاء قوة عسكرية يخشى جانبها ليس فقط من التحالف وإنما من واشنطن نفسها التي اضطرت للقبول بوقف إطلاق نار مع صنعاء على شروط صنعاء في حربها الاخيرة التي تدخلت فيها لدعم “إسرائيل ” ومحاولة فك الحظر اليمني المفروض عليها .

 

رهان خاسر

المواجهات المباشرة بين الولايات المتحدة وصنعاء في البحر الأحمر محدودية القدرات الأمريكية، حيث فشلت واشنطن في كسر الحصار الذي تفرضه صنعاء على السفن “الإسرائيلية” واضطرت في النهاية إلى الانسحاب وفق شروط اليمن ، وقد أكدت هذه التجربة أن المواجهة العسكرية مع صنعاء لم تعد مجرد تحدي صعب، بل معركة خاسرة مسبقًا .

في ظل هذا الإحباط  لجأت واشنطن إلى خيار ضعيف يتمثل في إحياء تحالفات قديمة مع قوى فقدت تأثيرها منذ فشل انقلاب ديسمبر 2017، والذي انتهى بمقتل قائده الرئيس الاسبق علي عبدالله صالح ( عفاش ) .

والحقيقة هي ان لجوء واشنطن لهذا الخيار يكشف أنها قد استنفدت كل أوراقها في اليمن، بدءًا من دعمها  لقوى التحالف وصولاً  إلى فشلها عسكرياً في التأثير على موقف صنعاء الثابت تجاه القضية الفلسطينية.

كما يعكس الرهان الأمريكي على أدوات بالية عجزًا استراتيجيًا في التعامل مع الواقع الجديد المتمثل بصعود صنعاء كقوة عسكرية ، وازدياد رصيدها الشعبي حيث صار يُنظر الى القيادة في صنعاء ومشروعها بانه المشروع الوحيد القادر على مواجهة المشروع الامريكي – الاسرائيلي في المنطقة ، على العكس من قوى التحالف التي صار  ينظر اليها الشعب اليمني على انها ليست سوى أدوات بيد الامريكي ، خصوصاً بعد موقفها الواضح وإعلانها الاستعداد للاصطفاف مع العدو الاسرائيلي في عدوانه على غزة .

ولكن من الواضح أن رهان  الولايات المتحدة الامريكية على ورقة أحمد علي عبدالله صالح و ما يُعرف بالـ ” العفافيش” هو رهان خاسر  فإذا كان هؤلاء  قد عجزوا عن تحقيق أي نجاح في الماضي رغم امتلاكهم  وقتها بعض النفوذ السياسي والقبلي ، فمن غير المرجح أن يحققوا أي نتائج اليوم بعد فقدانهم ما تبقى من شعبيتهم وتأثيرهم .

إضافة الى ذلك فأن الولايات المتحدة الامريكية تتجاهل حقائق أساسية

الاولى : أن ثورة 2011 ، كانت رفضًا شعبيًا صريحًا لمنظومة الفساد التي قادها علي عبدالله صالح وعائلته، وكان الهدف اجتثاثها تمامًا لولا التدخلات الخارجية .

الثانية : الذاكرة الشعبية لم تنسَ فساد أحمد علي عبدالله صالح  خلال قيادته لما كان يسمى  بالحرس الجمهوري، حيث ارتبط اسمه بملفات نهب المال العام والثراء غير المشروع، مما يجعله شخصية مكروهة وغير قابلة للتسويق سياسياً .

الى جانب ذلك فأن الموقف اليمني اليوم واضح: صنعاء وقوات أنصار الله تمثلان قيادة وطنية تقاوم العدوان الأمريكي- “الإسرائيلي” بينما وقفت قوى تحالف العدوان المدعومة من واشنطن، إلى جانب “إسرائيل” في حربها على غزة ، وأي محاولة لإعادة أحمد علي ،وتحريك ما يعرف بـ “العفافيش” ستُفهم كجزء من العدوان أمريكي- “إسرائيلي” وسيواجهون  رفضًا شعبيًا عنيفًا .

ومع هذا فأن واشنطن تُخطئ في محاولة استخدام حزب المؤتمر الشعبي العام كواجهة لتحريك “العفافيش”، لأن الحزب لم يعد كما كان في عهد علي عبدالله صالح ،ففي قيادته اليوم شخصيات وطنية ترفض الانصياع للمشاريع الامريكية و” الاسرائيلية” الى جانب ان التوازنات الداخلية تغيرت، ولم يعد بالإمكان خلف عائلة علي عبدالله صالح ، وبالتالي حتى ولو حاول أحمد علي العودة، فإنه سيكون بلا قاعدة شعبية أو سياسية حقيقية ، وسيكون في مواجهة مباشرة مع الشعب .

 

يقظة صنعاء

– صنعاء ليست غافلة؛ فهي تتابع تحركات واشنطن وأدواتها بدقة، ولديها خبرة عسكرية وسياسية في إفشال المؤامرات.. إضافة الى ان الدعم الشعبي لصنعاء في تصاعد، خاصة بعد موقفها الثابت من دعم فلسطين، مما يجعل أي تحرك لأحمد علي والموالين لأسرة عفاش انتحارًا سياسيًا .

الخلاصة:  الرهان الأمريكي على أحمد علي والموالين لأسرة علي عبدالله صالح وللمشروع الامريكي السعودي ، هو محاولة يائسة لإحياء مشروع ميت، فالشعب اليمني لن يعود الى الوراء، وقد حسم موقفه من عائلة علي عبدالله صالح ومن يقف خلف المشاريع الخارجية، والضحية الوحيدة ، في هذه المعادلة هم “العفافيش” أنفسهم، الذين سيدفعون ثمن تحالفهم مع واشنطن و”إسرائيل” سواء عبر الغضب الشعبي أو الرد الأمني الحاسم .

قد يعجبك ايضا