المصدر الأول لاخبار اليمن

هكذا وضعت تداعيات العدوان الإسرائيلي الدوحة تحت المجهر!

تقرير خاص | وكالة الصحافة اليمنية

 

في تطور غير مسبوق، أقدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذ عدوان جوي داخل العاصمة القطرية الدوحة، استهدف وفداً من حركة المقاومة الفلسطينية. هذا الهجوم، الذي وصفته الدوحة بـ”إرهاب دولة”، لم يزعزع فقط جهود الوساطة القطرية الحيوية في غزة، بل أثار سلسلة من التطورات الإقليمية والدولية التي كشفت عن تباينات في المواقف وأعادت رسم خريطة التحالفات.

 

رسائل متضاربة

أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مسؤوليتها عن الهجوم، مبررة إياه بأنه جزء من حربها ضد المقاومة. وقد هدد رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، الدول التي تستضيف قيادات المقاومة، مما يعكس نهجاً تصعيدياً يتجاوز حدود قطاع غزة. إلا أن هذا الموقف لم يكن موحداً داخلياً، حيث كشفت تقارير إعلامية عن محاولات من مسؤولين إسرائيليين للنأي بأنفسهم عن القرار، ما يشير إلى وجود انقسام حول حكمة هذا العمل وتوقيته، خاصة وأن الهجوم لم يحقق شيئاً من أهدافه، بقدر ما أضاف بعداً إنسانياً وتداعيات أمنية خطيرة للأحداث على مستوى المنطقة.

 

ازدواجية الموقف الأمريكي 

أثار الهجوم موجة من الإدانات الواسعة على الصعيد الدولي، حيث أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن الهجوم يمثل “انتهاكاً صارخاً لسيادة قطر وسلامة أراضيها”. كما أدانت عدة دول عربية وغربية الهجوم، معتبرة إياه تصعيداً خطيراً.

أما الموقف الأمريكي، فقد اتسم بالازدواجية والحرص على التوازن. فرغم أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر عن “عدم رضاه” عن الغارة، مؤكداً في اتصال مع أمير دولة قطر أن “مثل هذا الأمر لن يتكرر”، فإن الإدارة الأمريكية لم تصدر إدانة صريحة وواضحة للهجوم. ويُظهر هذا الموقف محاولة واشنطن الحفاظ على دورها كوسيط، مع الاستمرار في منح الكيان الإسرائيلي مساحة واسعة للتحرك العسكري، وهو ما تجلى في توقع امتناع الولايات المتحدة عن التصويت على أي قرار يدين الهجوم في مجلس الأمن.

 

تضامن خليجي

الموقف العربي والخليجي  تجاه العدوان الإسرائيلي على قطر لم يخلو من الشجب والإدانة والدعوة لقمة عربية وإسلامية في الدوحة للخروج برد شكلي لحفظ ماء الوجه ليس إلا، فموقف الخليج السلبي واضح تجاه غزة وكذلك التطبيع مع إسرائيل ودعمه للكيان الصهيوني بصورة مباشرة وغير مباشرة بإشراف أمريكي.

 

موقف سلطات صنعاء ومحور المقاومة

أدانت سلطات صنعاء الهجوم، ووصفته بـ “العدوان” و”الانتهاك الصارخ للقانون الدولي”. عبر رئيس المجلس السياسي الأعلى في سلطات صنعاء، مهدي المشاط، عن إدانة اليمن واستنكاره للعدوان الإسرائيلي على مقر وفد التفاوض الفلسطيني في العاصمة القطرية الدوحة.

وأكد المشاط وقوف اليمن إلى جانب حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وكافة الفصائل المجاهدة. وأشار إلى أن ما حصل في الدوحة يثبت بما لا يدع مجالاً للشك ألا سلام ولا استقرار في المنطقة مع وجود كيان العدو الصهيوني.

وقال “ما حصل من عدوان صهيوني في قطر وتصريح العدو الصهيوني الفج حيال ذلك والمتجاوز لسيادة دولة ذات سيادة، يدقّ ناقوس الخطر لجميع الدول العربية والإسلامية، فانتبهوا قبل فوات الأوان”.

وحذر المشاط من معادلة الاستباحة لجميع دول المنطقة، فما حصل في الدوحة سيحصل مثله وأكثر في بقية الدول إن لم نتحد جميعًا في مواجهة الخطر الصهيوني، مضيفًا “لم يكن للعدو الصهيوني فعل ذلك لولا سماح المجرم ترامب وإعطاؤه الضوء الأخضر إن لم يكن هو من رتب ذلك بنفسه”.

ولفت إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية هي المسؤولة عما حصل ودورها شريك في جرائم كيان العدو الصهيوني، مؤكدا أن ما ارتكبه العدو الصهيوني بالاستهداف الغادر للوفد المفاوض الفلسطيني لن يزيد المقاومة إلا صلابة وقوة.

وأضاف المشاط “لا تثقوا بأمريكا أيها المسلمون، فهي راعية للصهيونية وخادمة لها، وتوحدنا في مواجهة هذا العدو هو خيار الضرورة”. وخاطب فصائل المقاومة “نحن في الجمهورية اليمنية معكم موقفنا موقفكم وثأرنا ثأركم وسنظل في إسنادكم حتى وقف العدوان ورفع الحصار”.

في السباق، اتفقت مصادر متعددة على وصف الهجوم بأنه تصعيد خطير يهدد أمن واستقرار المنطقة، ويقوض جهود التهدئة والحل. وذكرت “سكاي نيوز عربية” أن وزيرة الخارجية الكندية أدانت الهجوم، مؤكدة أنه “غير مقبول ويعد انتهاكاً للمجال الجوي القطري”. كما نقلت “الشرق للأخبار” عن رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن، قوله إن الدوحة تبحث مع “الشركاء في المنطقة الرد على الهجوم الإسرائيلي”.

 

النخب ونشطاء التواصل الاجتماعي

على مستوى النخب السياسية ونشطاء التواصل الاجتماعي، كان الهجوم على الدوحة نقطة تحول في المشهد الإعلامي العربي. ففي الوقت الذي أدانت فيه شخصيات سياسية وفكرية عربية الاعتداء، ووصفت الهجوم بـ “خرق لجميع الأعراف والقوانين الدولية”، ركزت التعليقات على تضامن الشعوب مع الموقف القطري، وضرورة اتخاذ موقف عربي حاسم يتجاوز مجرد الإدانة اللفظية.

فيما استغل النشطاء منصاتهم لإطلاق حملات إلكترونية واسعة تحت وسوم مختلفة، كان أبرزها “الدوحة خط أحمر” و “لا لانتهاك السيادة”. ركزت هذه الحملات على تسليط الضوء على خطورة الهجوم على استقرار المنطقة، وعلى دور قطر في استضافة المفاوضات. كما شهدت مواقع التواصل الاجتماعي إشادة كبيرة بالموقف السعودي المتضامن مع قطر، واعتبره الكثيرون عودة للترابط والوحدة الخليجية في مواجهة التحديات الخارجية.

 

عودة للتنسيق وضرورة الردع

الهجوم الإسرائيلي على الدوحة، وما تلاه من تطورات، يشير إلى أن الكيان الإسرائيلي يسعى لقلب الطاولة على جهود الوساطة والحلول السياسية، وهو ما يستدعي موقفاً موحداً وحاسماً من قبل الدول العربية والإسلامية. إن التضامن الخليجي الذي تجسد في زيارة ولي العهد السعودي، يعكس إدراكاً لأهمية الأمن الجماعي، وضرورة بناء منظومة إقليمية قادرة على ردع أي انتهاكات مستقبلية للسيادة. إن المرحلة المقبلة ستكون مفصلية، حيث ستحدد ما إذا كانت الدول العربية قادرة على ترجمة تضامنها إلى خطوات عملية تضمن أمنها واستقرارها، وتضع حداً للتصعيد المتزايد في المنطقة.

 

قد يعجبك ايضا