المصدر الأول لاخبار اليمن

اشتباك في مجلس الأمن يحوّل مسار الإدانة ويكشف عن خطورة ما وراء الحدث؟

خاص | وكالة الصحافة اليمنية

شهدت أروقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مشهدًا متوترا كشف عن عمق الأزمة الدبلوماسية وعجز المنظومة الدولية عن إدانة ممارسات الكيان الإسرائيلي، وذلك خلال جلسة مخصصة لمناقشة العدوان على العاصمة القطرية الدوحة، حيث تحول مسار الاجتماع بشكل لافت، من محاولة إدانة للهجوم على دولة ذات سيادة، إلى ساحة لتبادل التهديدات التي استغلتها سلطات الاحتلال لتوجيه رسائل سياسية وعسكرية تحد صارخ لكل ما وجه إليها من إدانات وتأكيدات واضحة لارتكابها جرائم الإبادة و”إرهاب الدولة”، وانتهاكات صارخة لكل مواثيق ومبادئ الأمم المتحدة والقانون الدولي.

 

من الإدانة إلى التهديد

كان من المتوقع أن يركز الاجتماع على إدانة الكيان الإسرائيلي بعد استهدافه للدوحة، وهو ما أكدته كلمات العديد من الدول المشاركة. ففي حين كانت كلمات الجزائر، والأردن، ومصر، والكويت، وتركيا، وباكستان قوية وواضحة في إدانة الهجوم، بالإضافة إلى مواقف مماثلة من سلوفينيا، والنرويج، وروسيا، والصين، إلا أن الجلسة لم تسفر عن قرار ملزم.

وعوضا عن ذلك، انتهت بمجرد بيان يندد بـ “الجريمة” دون تسمية “الجاني”، وهو ما يجسد عجزا دبلوماسيا فاضحا. كما أن الكلمات “المراوغة” لمندوبي فرنسا وبريطانيا، رغم إدانتهما الصريحة، لم تخلُ من إشارات سريعة إلى “معاناة غزة” دون التركيز على حجم الإبادة الجماعية وعدد ضحاياها من الأطفال، مما يظهر محاولة لتخفيف حدة الإدانة. أما كلمة الولايات المتحدة، فكانت الأسوأ على الإطلاق، وهو أمر متوقع في ظل الدعم المطلق لسلطات الاحتلال.

 

الاشتباك اللفظي

جاءت نقطة التحول الأبرز مع الاشتباك الكلامي بين مندوبي الكيان الإسرائيلي وباكستان. حيث قام المندوب الإسرائيلي باستفزاز الجانب الباكستاني بتصريحات عابرة، اتهم فيها باكستان بالصمت على الهجوم الأمريكي الذي أدى إلى مقتل بن لادن على أراضيها، بينما تحتج اليوم على ضرب ما وصفه بـ “حركة حماس الإرهابية في الدوحة”. هذا الغمز غير المبرر أثار رد فعل باكستاني غاضب، حيث رفض المندوب الباكستاني المقارنة، معبرا عن رفضه القاطع لحشر قضية بن لادن في سياق النقاش.

هذا الاشتباك، الذي بدا للوهلة الأولى مجرد شجار دبلوماسي، كان في الحقيقة بمثابة نافذة خطيرة استغلها مندوب الكيان الإسرائيلي ببراعة. ففي خضم هذا التوتر، انتقل المندوب إلى صلب رسالته الموجهة بشكل مباشر إلى الدوحة، مطالبا إياها بطرد قيادات حماس، وهدد بأن سلطات الاحتلال ستتولى “ملاحقتهم في أي مكان في العالم”، في إشارة واضحة إلى قطر.

هذه التهديدات، التي قوبلت بامتعاض واضح من رئيس الوزراء القطري، كشفت عن الأهداف الحقيقية لسلطات الاحتلال من وراء هذا الهجوم. فالمسألة لم تعد مجرد هجوم عسكري، بل هي محاولة لفرض إرادتها على دول المنطقة، وتأكيد أن اللجوء إلى الدبلوماسية والوساطة لن يمنعها من تحقيق أهدافها بالقوة، بل سيعطيها شرعية للاستمرار في فرض ما تراه مناسبا بالمنطق والأسلوب الذي تريده.

 

الدبلوماسية والتهديدات

في كلمته، تساءل رئيس الوزراء القطري عن جدوى استقبال وفد دولة قامت باستهدافها كوسيط، مما يعكس حراجة الموقف. فبينما تحاول الدوحة أن تلعب دورا محوريا في تهدئة الأوضاع في المنطقة عبر الدبلوماسية، تواجه تهديدا مباشرا من الكيان الذي لا يرى في الدبلوماسية سوى وسيلة لتحقيق أجندته العسكرية. وقد أظهر رد فعل مندوب الكيان أن سلطات الاحتلال مستعدة لتجاوز كافة الخطوط الحمراء، بما في ذلك استهداف أي من عواصم الدول التي تستضيف قيادات المقاومة.

وهذا يؤكد أن المنظومة الدولية، ممثلة بمجلس الأمن، لم تتمكن من توفير الحماية لدولة ذات سيادة تعرضت للاعتداء، بل تركت الساحة لمندوب سلطات الاحتلال لا ليوجه تهديداته فحسب، وإنما ليمنح الضوء الأخضر لنفسه في تنفيذها.

وفي النهاية، يبقى السؤال حول مدى جدوى الاجتماعات اللاحقة، لاسيما تلك التي من المقرر أن تعقدها منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية، ما دامت النتائج لا تتجاوز حدود البيانات الصحفية؟

 

قد يعجبك ايضا