تقرير خاص | شهدت مدينة عدن، الواقعة تحت سيطرة التحالف، فوضى أمنية غير عادية خلال النصف الأول من سبتمبر الجاري، وسط صراعات داخلية وانقسامات مناطقية تكرس معاناة المواطن ويعمق من أزماته اليومية.
وعثر على جثة فتاة في حي المنصورة بعد أن سقطت من شقة اشتهرت بأنها وكر لممارسة أنشطة الدعارة وتجارة المخدرات”، مما أثار استياء وغضبا واسعا بين المواطنين.
واتسعت رقعة الاتجار بالمخدرات وتعاطيها بشكل غير مسبوق، وسط تقارير عن دعم من قوى نافذة داخل التحالف لهذه الأنشطة، مما يهدد النسيج الاجتماعي ويغذي الجريمة المنظمة، وانتشارها بين الشباب، الذي اصبح الترويج للمخدرات شائعا في مختلف مناطق المدينة.
وعلى الرغم من الإيرادات الضخمة التي يجب أن تسهم في تحسين الخدمات الأساسية للمواطنين، يعاني البنك المركزي في عدن، من فراغ سيولة خانق، مما يطرح تساؤلات كبيرة حول وجهة الإيرادات، تتوازى هذه الأزمة مع عبث غير مسبوق بأسعار الصرف، أدى إلى سحب مدخرات المواطنين ونهبها بشكل منهجي، دون أي تدخل فعال من السلطات النقدية.
كما شهدت المدينة اضراب طلاب جامعة العلوم والتكنولوجيا عن الدراسة احتجاجاً على ارتفاع الرسوم الدراسية، فيما تعاني الأفران من شح حاد في مادة الدقيق، مما يزيد من معاناة الأسر ويؤجج الغضب الشعبي.
وسجلت حوادث قتل مروعة، أبرزها مقتل الشاب “عمر الهولندي” برصاص عناصر في فصائل “الحزام الأمني”، وتهريب الجناة، وألقيت قنابل صوتية على منزل المواطن “صالح الصلي”، بجوار مركز شرطة الممدارة، في استهتار صارخ بحياة المدنيين، دون تسجيل ضحايا أو خسائر مادية.
ووصل الأمر جراء استفحال الفوضى الأمنية إلى اختطاف طفلة من منطقة بئر أحمد، وامتناع الفصائل والامن عن ملاحقة الخاطفين، مما يرسخ شعورا بانعدام الأمن وغياب الدولة، وسط اتهامات لعناصر في فصائل الانتقالي بالوقوف خلف حادثة الاختطاف.
لم يكن ذلك فحسب، بل شهدت عدن خلال النصف الأول من سبتمبر الجاري، تصاعدا خطيرا في الخطاب العنصرية والمناطقية من قبل عناصر وقيادات الانتقالي، استهدفت أبناء شبوة وأبين، واستئثار الانتقالي ممن يطلق عليهم أبناء “المثلث” بكافة المناصب العسكرية والأمنية والخدمية، دون غيرهم كان آخرها اقتحام مكتب “حسين باسليم” الذي ينحدر من حضرموت، مما يؤكد أن التحالف السعودية والامارات تقود خطة تمزيق المحافظات الجنوبية.
وفي الوقت نفسه، تتقاتل الفصائل الموالية للإمارات على النفوذ والموارد، فقد تصاعد التوتر بين قوات موالية للقيادي السلفي “جناح يافع”،”عبدالرحمن المحرمي”، وعناصر “شلال شايع” الذي يمثل “جناح الضالع”، على خلفية الاستيلاء على شحنة عسكرية تابعة لحزب الإصلاح في ميناء عدن، وهاجمت فصائل “حمدي شكري” عناصر في “اللواء التاسع صاعقة” الذي كان يقوده، “فاروق الكعلولي” على مدخل عدن واستولت على أسلحتها، في مشاهد لا تختلف عن حروب العصابات.
أمام هذا الانهيار الأمني، تواجه أي أصوات محاسبة أو معارضة حملة قمع منهجية، فبعد فضحه لفساد الأراضي، تمت إسقالة المسؤول “سالم ثابت العولقي”، وأجبرت المضايقات المستمرة لطبيبة الاسنان، “ليلى عكوش” من المهرة إلى إغلاق مركزها الطبي في عدن، جراء تعارض أعمالها النزيهة مع مصافحة الفاسدين، بعد إغلاق مركزها خلال الشهر الماضي.
وخرج متقاعدون عسكريون في تظاهرات للمطالبة بحقوقهم، وسط تعتيم إعلامي كبير على تحركاتهم، وتصاعدت حملة للمطالبة بالإفراج عن رجل الأعمال “عصام هزاع”، المعتقل بسبب تعارض استثماراته مع مصالح “طارق عفاش”، في المضاربة ورأس العارة القريبة.
وتعاني عدن الواقعة تحت سيطرة التحالف، فوضى أمنية وفساد ونهب لأراضي الدولة والمواطنين بصورة غير مسبوقة منذ مطلع العام 2016م، أسهمت سياسيات التحالف بالتدمير المتسارع لكافة الخدمات الأساسية، أصبح المواطن هو الضحية الأولى والأخيرة لصراعات النفوذ والفساد واللا مسؤولية.