بتوجيهات عليا في صنعاء، انطلقت مبادرة قضائية غير مسبوقة أعادت الحرية لآلاف السجناء، في خطوة وُصفت بأنها تحول نوعي نحو عدالة أكثر إنصافًا، في تحرك واسع حمل بعدًا إنسانيًا يعيد الأمل للمفرج عنهم ويمنحهم فرصة جديدة للاندماج في المجتمع، ضمن رؤية متوازنة تجمع بين مقتضيات القانون وروح العدالة التصالحية.
وفي هذا الشأن، دخلت السلطة القضائية في صنعاء منذ مطلع أغسطس في تحرك واسع لمراجعة ملفات السجناء، بتوجيهات من السيد عبد الملك الحوثي، نتج عنه الإفراج عن أكثر من 3 آلاف سجين ممن استوفوا الشروط القانونية والإنسانية.
حيث باشرت اللجنة المشتركة المكلفة من السيد الحوثي، ضمت في عضويتها ممثلين عن مكتب النائب العام، ووزارتي العدل وحقوق الإنسان، والداخلية، وهيئتي التفتيش القضائي، ورفع المظالم، عمليها ونفذت نزولا ميدانية إلى السجون المركزية والاحتياطية.
وتركّز عملها على التحقق من قانونية الأحكام، والتأكد من استيفاء شروط الإفراج الشرطي، كقضاء ثلاثة أرباع المدة، وحسن السلوك، أو ثبوت الإعسار.
ووفق المادة (509) من قانون الإجراءات الجزائية، تم الإفراج المشروط عن السجناء بعد مراجعة دقيقة لملفاتهم، وتوثيق الإجراءات بإشراف مباشر من النيابة العامة ومندوب القيادة الثورية.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تعكس تحوّلًا نوعيًا نحو العدالة التصالحية التي لا تكتفي بإنهاء العقوبة بل تفتح أمام المفرج عنهم فرصة للاندماج في المجتمع، في إطار يوازن بين حقوق الفرد ومتطلبات الأمن العام. كما أبرزت المبادرة نموذجًا لتكامل الأدوار بين المؤسسات القضائية والجهات التنفيذية، بما يتجاوز الإجراءات الروتينية إلى معالجات عملية ومنصفة.
الشيخ علي قرشة، مندوب السيد الحوثي، أوضح لوكالة “سبأ” أن هذه المبادرة تأتي استجابة لتوجيهات القيادة الثورية التي تضع البعد الإنساني في صدارة أولوياتها، مؤكّدًا أن اللجنة تعمل بشفافية ومسؤولية لرفع الظلم عن المستحقين دون الإخلال بأمن المجتمع.
كما لفت إلى تشكيل لجان مصالحة لتسوية النزاعات بين الجناة والمجني عليهم، في خطوة تعزز العدالة التصالحية وتخفف من التعقيدات القضائية.
وأشاد بدور رجال المال والأعمال في مساعدة السجناء المعسرين، معتبرًا مساهماتهم رافدًا أساسيًا في إنجاح المبادرة.
وبحسب محللين، فإن نتائج هذه التحركات لا تقف عند حدود الإفراج عن آلاف السجناء، بل تمثل مؤشرًا على توجه أكثر شمولًا نحو بناء منظومة عدالة إنسانية قادرة على تصحيح الأخطاء وتخفيف الأعباء، بما يرسّخ مبدأ التوازن بين القانون والبعد الإنساني.