المصدر الأول لاخبار اليمن

كيف أضاع أبناء المحافظات الجنوبية فرصة تاريخية كبرى في 21 سبتمبر؟

تقرير خاص | وكالة الصحافة اليمنية |

 

خاص | برز الـ 21 من سبتمبر يوما استثنائيا في تاريخ اليمن المعاصر، للحد من انزلاق البلاد نحو الهاوية السحيقة، وفق ما كان يريده المخرج الأمريكي ومساعده الإسرائيلي، حيث أطاحت ثورة 21 سبتمبر المباركة بنظام السفارات الذي كان يدير البلاد والعباد عن طريق الخونة والعملاء، ممن نهبوا ثروات اليمن لأكثر من 35 عاما، كانت المحافظات الجنوبية هي الحلبة الأكثر معاناة واستباحة، خاصة بعد حرب صيف 1994م،التي سيطرت خلالها القيادات النافذة في النظام السابق، وتحويلها إلى اقطاعيات خاصة، استولوا على المقدرات، ونهبوا المنازل والأراضي في عدن، وتقاسموا الثروات حتى وصل بهم الحال إلى تقسيم البحر قطاعات خاصة بهم، ليبني كل منهم إمبراطورتيه الاستثمارية بمليارات الدولارات خارج اليمن.

إزاحة ” عصابة 7/7 “

حينها تنفس اليمنيون جميعا في الشمال والجنوب الصعداء بإزاحة العصابة لتشكل الثورة انتصارا جديدا في مسار الشعب اليمني، كانت من صميم أهدافها الانتصار للقضية الجنوبية ومطالبها العادلة، انطلاقا من رفض الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، ووالده العلامة بدر الدين الحوثي، الحرب الظالمة على أبناء الجنوب، ودفعا ثمنا باهظا بسبب مواقفهما الشجاعة المناهضة للحرب التي أهلكت وفق ما يطلق عليها الشارع الجنوبي “عصابة 7/7″، كل شيء جميل في جنوب اليمن، واستئثارها بالوظائف القيادية المدنية والعسكرية والأمنية، وتسريح الآلاف من وظائفهم في عملية إقصاء ممنهجة، لا زالت أوجاع  تلك الحماقات تتظاهر في بوابة قصر معاشيق بعدن للمطالبة بحقوقهم.

وعلاوة على ذلك، انطلقت ثورة 21 سبتمبر لتصحيح المسار الوطني ومواجهة التدخلات الخارجية في السيادة الوطنية والقرار السياسي المستقل، رأت السفارات الأجنبية في صنعاء، الـ21 من سبتمبر خطرا على نفوذها، فأغلقت أبوابها، ليتحول الموقف فيما بعد إلى العدوان الصريح على اليمن، أعلن عنه في 26 مارس 2015م، من العاصمة الامريكية واشنطن، تم تدمير البنية التحتية بكاملها، المدنية والخدمية والعسكرية، مع أن الثورة لم تكن حصرا على أنصار الله كما يدعي تحالف العدوان والخونة ليصفها زورا بـ”الانقلاب”، بل شارك في صنعها مختلف القوى السياسية اليمنية، بما في ذلك مكون الحراك الجنوبي المشارك في مؤتمر الحوار الوطني، ورفعت شعار الحرية والاستقلال والعدالة.

قرابين للمشاريع الأجنبية

ومع ذلك لم تدرك بقية المكونات والقوى الجنوبية جوهر هذه التحولات الجذرية للثورة، بل سقطت معظم المكونات في فخ خديعة عدوان الدول التي فقدت مصالحها، فانخرطت في مشروعها لتجنيد أبناء الجنوب لاستعادة نفوذها، ليظهر المشهد الجنوبي جليا وواضحا بعد 10 سنوات من الحرب، أعاد التحالف نفس مسؤولي النظام السابق إلى سدة الحكم في عدن، كشف حقيقة الحجج والذرائع التي ساقها التحالف سواء بدعوى تحرير اليمن أو حماية الكعبة أو مواجهة النفوذ الإيراني، وغيرها من الدعايات الإعلامية المذهبية والمناطقية والطائفية التي استخدمت مصطلحات مثل “المجوس والروافض والفرس”.

ونتيجة لذلك سقط الآلاف من شباب المحافظات الجنوبية قرابين للمشاريع الخارجية واستغلال ظروفهم المعيشية الصعبة لإلقائهم في معارك لا تخدم سوى المصالح الأجنبية، وإعادة شركائها السابقين إلى الواجهة على حساب الدم الجنوبي، بعد تخديرهم بشعارات رنانة ووعود وهمية، لم يجنوا منها سوى التجويع والإفقار والإذلال وانعدام الخدمات، إلى جانب تعميق العداء المناطقي فيما بينهم وتمزيق النسيج المجتمعي وفقا للولاءات السعودية والإماراتية، التي تخدم في نهاية المطاف الأجندات الأمريكية والبريطانية و”الإسرائيلية”، وهو ما ظهر جليا من خلال تحويل عدن وبقية المحافظات الجنوبية ساحة مفتوحة للمخابرات الصهيونية.

قواعد أمريكية و ” إسرائيلية”

للأسف الشديد، منذ سيطرة قوات التحالف على المحافظات الجنوبية والشرقية، أغلقت المطارات المدنية أمام الرحلات المدنية مثل مطار الريان في المكلا والغيضة في المهرة على بحر العرب، وتحويلها إلى جانب الجزر اليمنية الاستراتيجية في أرخبيل سقطرى وميون في مضيق باب المندب، لقواعد أمريكية بريطانية إسرائيلية مشتركة، واصطناع السعودية والإمارات، مكونات وفصائل مناطقية، من ما يطلق عليهم “سلفية المخابرات”، ليتم تفخيخ تلك المحافظات بأكثر من 25 مركزا يديرها “يحيى الحجوري”، وتخصيص ميزانيات مهولة لها، لو أنها خصصت للتعليم والخدمات الأساسية لحققت نهضة متقدمة، ولكن الهدف هو تشتيت العقلية الجنوبية وافراغها من محتواها، وإغراقها بالأزمات اليومية لتبعد عن التفكير في ما يجري من مؤامرات كارثية على حاضرهم ومستقبل أبنائهم.

ضياع الفرصة

وبالمقابل مثلت ثورة 21 سبتمبر فرصة تاريخية استثنائية ضيعها أبناء المحافظات الجنوبية وقواها السياسية، الذين خسروا مواردهم البشرية والمادية دون أن يجنوا من وقوفهم مع تحالف العدوان سوى الواقع المزري، في الظلام والمجاعة وانعدام الخدمات والفوضى الأمنية والاغتيالات والتفجيرات بالعبوات الناسفة، والانتشار الواسع للعناصر التكفيرية الإرهابية، بينما عملت الثورة على تطهير المناطق التي تسيطر عليها من رجس تلك العناصر التابعة للمخابرات الأمريكية والإسرائيلية، وقدمت الثورة التضحيات في سبيل انتصارها.

وبالتالي لم تعد مدينة عدن اليوم، أحسن حالا من منطقة الحبيلين النائية في ردفان التي انطلق منها الشهيد الثائر راجح بن غالب لبوزة، التي هي أي عدن  بحاجة لأحفاد لبوزة، والشعبي، وسالمين، اليوم أكثر من أي وقت مضى لاجتثاث العصابة التي وصلت السخرية السعودية الإماراتية، لإعادة وزير داخلية القمع والاعتقالات ورئيس اللجنة الأمنية “رشاد العليمي”، خلال فترة تكوين “الحراك الجنوبي، 2007″، رئيسا مواليا للتحالف في قصر معاشيق بعدن منذ أبريل 2022م، الذي وقف اليوم “العليمي” مستنقصا ومعارضا لتعيين شخصيات جنوبية في مناصب إدارية بعدن وغيرها من المحافظات.

ضحايا الصراع 

أخيرا، يبقى باب 21 سبتمبر مفتوحا أمام كل القوى والمكونات الجنوبية الحرة للالتحاق بركب الثورة والأحرار، لتطهير أراضي المحافظات الجنوبية المحتلة من رجس أعداء الأرض والإنسان، وإنهاء صراع النفوذ الأجنبي، قبل تحويل أبنائهم كباش فداء للعصابة خلال جولة جديدة، تحت مسمى “تحرير صنعاء”، ليتمكنوا من إحكام قبضتهم الكاملة على كافة الثروات والمقدرات، بينما أبناء عصابة الأمس واليوم التي تتحكم بمصير جنوب اليمن، يتم تأهيلهم في أرقى الجامعات الدولية لإدارة المرحلة القادمة، وكما يقال “شر الإدراك هو الإدراك المتأخر” .. ولا عزاء للأغبياء.

قد يعجبك ايضا