المصدر الأول لاخبار اليمن

في خطة فرض الاستسلام: ترامب يقايض أمن الاحتلال بالسيادة الفلسطينية

واشنطن | وكالة الصحافة اليمنية

 

يتضح جوهر خطة الرئيس دونالد ترامب لما اسماه بوقف نزيف المعاناة في غزة أن الإطار العام للمقترح يرتكز على معادلة مقايضة واضحة: نزع سلاح المقاومة وتفكيك هيكلها الأمني مقابل وعود على المدى البعيد بالتنمية الاقتصادية وإعادة الإعمار. وهي المعادلة، التي تهدف إلى تأمين مصالح الكيان الإسرائيلي بالدرجة الأولى، في مقابل التقويض الوجودي لمفهوم السيادة الفلسطينية والقرار الوطني المستقل.

وبالتالي، فإن الهدف هنا لن يكون له أي صلة بمسألة إنهاء الحرب، بقدر ما يرتكز على غاية صهيونية في الاجهاز التام على ما تبقى من مقومات دفاعية للشعب الفلسطيني. إذ أن معنى الإصرار على فرض الاستسلام الكامل على المقاومة وإجبارها على التخلي عن أدوات مقاومتها مقابل الدخول في مرحلة “استسلام” تحت وصاية دولية، هو تجاوز لكل المعايير التي تضمن حق شعب بأكمله في تقرير المصير، في مقابل تأكيد ما يراد فرضه من أولوية لتأمين الكيان الإسرائيلي من أي تهديد مستقبلي.

 

اجتماع نيويورك

اجتماع نيويورك، الذي دعا إليه الرئيس ترامب وضم ثماني دول عربية وإسلامية، كان بمثابة إطار لفرض أجندة أكثر من كونه منصة تفاوضية متوازنة، لاسيما وقد أكد الزعماء على مطالب أساسية لم تتعدى: وقف فوري لإطلاق النار، الرفض القاطع للتهجير القسري، وإنهاء المأساة الإنسانية. وهي المطالب التي لا تعكس سوى الحد الأدنى.

فيما عكس موقف ترامب تركيزاً أحادياً على إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين وتجاهلاً شبه تام للكارثة الإنسانية في غزة، بل وتحميل فصائل المقاومة وحماس المسؤولية الكاملة عن تعثر التسوية. كما أن التمايز الذي ظهر في معاملة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لفت الأنظار، مشيراً إلى أدوار إقليمية متمايزة قد تكون مرتبطة بصفقات أمنية أوسع تخدم سلطات الاحتلال في الإقليم (مثل ملف سوريا).

لقد تم استخدام هذا الاجتماع كمنصة لتمهيد الطريق لخطة ترامب، التي تعتمد على مبدأ المقايضة: استخدام الضغط الإنساني والمالي للحصول على تنازلات أمنية وسيادية.

 

خطة ترامب.. مقايضة السيادة بالأمن

تعتبر خطة ترامب ذات الـ 21 نقطة إطاراً شاملاً يهدف إلى إعادة هيكلة غزة جذرياً، وهي مصممة لتحقيق الأهداف الأمنية لـ “الكيان الإسرائيلي” تحت ستار وعود الازدهار الاقتصادي. إذ تُظهر البنود الجوهرية لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن المقترح يتجاوز مجرد وقف إطلاق النار ليؤسس لمعادلة تهدف إلى تقويض القرار الوطني الفلسطيني في غزة تحت غطاء الحل الإنساني والاقتصادي. لاسيما وأن المحور الأمني للخطة، يرتكز على مبدأ نزع السلاح والعفو المشروط، الذي يهدف إلى تفكيك البنية الأمنية لفصائل المقاومة وحماس بشكل كامل، سواء عبر شرط نزع السلاح أو إتاحة التهجير الطوعي المقنّع لعناصرها، ما يُعد تصفية للوجود المسلح وإلغاءً للقدرة الدفاعية للشعب الفلسطيني.

وفي المحور الإداري والسياسي، يأتي التأكيد على فرض وصاية دولية/أمريكية مباشرة عبر ما يسمى ب “مجلس السلام” بقيادة ترامب، حتى أنه ربط استلام السلطة الفلسطينية لغزة بتنفيذ “برنامج إصلاحي” يحدد شروطه الخارج، وهو ما يُترجم إلى تقويض للقرار الوطني الفلسطيني وإخضاع الإدارة للإملاءات الخارجية.

أما في الجانب الاقتصادي، فيُستخدم الإغراء المالي عبر خطة تنمية ومنطقة اقتصادية خاصة كأداة ضغط لتحويل أولويات السكان من مقاومة الاحتلال إلى أوهام الرخاء الموعود، في سعي جاد لجعل الحاجة الإنسانية والمالية أداة قسرية للقبول بالأجندة الأمنية والوصاية. وبذلك، تتمحور الخطة حول معادلة “الاستسلام مقابل وعود التنمية”، التي تعني في الواقع: نزع سلاح المقاومة والقبول بالوصاية مقابل وعود بالاعمار على المدى غير المعلوم.

 

تباين المواقف المعنية

حظيت الخطة بترحيب رئيس وزراء الاحتلال،  نتنياهو المشروط بأن تحقق الخطة هدفه الأسمى في نزع سلاح فصائل المقاومة وحماس وضمان الرقابة على مستقبل القطاع. في مقابل حصر التزامات كيانه في بندي عدد المفرج عنهم من الأسرى الفلسطينيين، مع الإصرار على التمسك ب”حرية العمليات” لضمان عدم عودة أي تهديد مستقبلي.

من جهتها، رفضت حماس الخطة بشكل قاطع في مبادئها الجوهرية، خاصة شرط نزع السلاح والقبول بالوصاية الخارجية، معتبرة ذلك “استسلاماً” و”تصفية للقضية”، جاء ذلك على لستن  الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين زياد النخالة الذي أكد على أن ما تم الإعلان عنه في المؤتمر الصحفي بين ترامب ونتنياهو هو اتفاق أمريكي إسرائيلي وتعبير عن موقف “إسرائيل” بالكامل ووصفة لاستمرار العدوان على الشعب الفلسطيني، مؤكدا أن “إسرائيل” تحاول أن تفرض عبر الولايات المتحدة ما لم تستطع تحقيقه بالحرب. معتبرا  الإعلان الأمريكي الإسرائيلي وصفة لتفجير المنطقة.

 

تحري المصداقية وكشف الخيوط

تُعد خطة ترامب محاولة لـ استغلال الظروف الكارثية لفرض حل أمني على حساب الحل السياسي العادل.   وهو السياق، الذي اوضح من خلاله  مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، إسماعيل الثوابتة، أن ما يُسمى بخطة ترامب لوقف الحرب في غزة لا تمثل حلاً حقيقياً موضوعياً منصفاً، بل هي محاولة لفرض وصاية جديدة تُشرعن الاحتلال “الإسرائيلي” وتُجرّد شعبنا الفلسطيني من حقوقه الوطنية والسياسية والإنسانية.
واكد الثوابتة أن الطريق الوحيد لوقف الحرب هو إنهاء العدوان الذي يمارسه الاحتلال “الإسرائيلي” ورفع الحصار الظالم ووقف الإبادة الممنهجة وإعطاء شعبنا العظيم حقه في العيش، وضمان الحقوق الثابتة لشعبنا الفلسطيني في الحرية والاستقلال وتقرير المصير بالتزامن مع الاعتراف العالمي بحق شعبنا الفلسطيني في إقامة دولته الفلسطينية.
وأشار إلى أن أي مقترحات تتجاهل هذه الحقوق، وتتعامل مع غزة ككيان أمني منزوع السيادة تحت إدارة دولية؛ هي مرفوضة جملة وتفصيلاً في العقل الجمعي الوطني الفلسطيني.
واختتم “هكذا هو فهمنا لطبيعة العلاقة بين شعب عظيم قدم تضحيات جسمية يرزح تحت الاحتلال منذ 77 عاماً وبين عصابات احتلالية إجرامية احتلت فلسطين بدون وجه حق وقتلت مئات الآلاف من أبناء شعبنا منذ أو وطأت فلسطين. فلتتوقف الحرب الإجرامية الآن”.

 

قد يعجبك ايضا