العريش.. مقر قيادة “جيتا”: خيوط المؤامرة تُكشف ودور نظام السيسي في “خيانة غزة” يتضح!!
القاهرة | وكالة الصحافة اليمنية
أثار تقرير صحيفة “الجارديان” البريطانية ضجة واسعة في الأوساط السياسية والإعلامية العربية، حيث كشف عن مخطط خطير يتمثل في اتخاذ مدينة العريش المصرية مقراً مؤقتاً لـ “السلطة الدولية الانتقالية لغزة” (GITA)، وهي الهيئة التي يُعلن عن تشكيلها لإدارة القطاع لمدة تصل إلى خمس سنوات. هذا الكشف، الذي دعمته تقارير من “هآريتس” و”تايمز أوف إسرائيل” ومواقع عربية، وضع نظام السيسي في قلب اتهامات متصاعدة بالتورط في “خيانة” القضية الفلسطينية عبر بوابة العريش.
الخطة، التي تُنسب للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهو شريك الإبادة، تتضمن إنشاء مجلس لإدارة غزة تحت اسم “مجلس السلام”، برئاسة شرفية له. غير أن الثقل الحقيقي يكمن في “السلطة الدولية الانتقالية لغزة” (GITA)، التي سيتولى رئاستها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.
عودة للاستعمار المباشر
من الراجح أن يترأس توني بلير (الذي يوصف بأنه مسؤول عن إبادة أكثر من مليون عراقي بسبب حرب 2003) الهيئة بصفته المسؤول التنفيذي والسياسي الأعلى، وسيمثلها في المحافل الدولية، ويقود دبلوماسية “الأمن الاستراتيجي” بالتنسيق مع الكيان الإسرائيلي ومصر والولايات المتحدة، وسيكون المقر الأولي للهيئة في مدينة العريش المصرية، بالقرب من الحدود الجنوبية لقطاع غزة، على أن يكون لها ممثلون في القاهرة والأردن، قبل أن تنتقل إلى داخل القطاع.
ويتألف مجلس الإدارة من 7 إلى 10 أعضاء، ويُسمى بـ “مجلس المليارديرات” ويضم شخصيات مثيرة للجدل، من بينها؛ مارك روان: صاحب أكبر شركات استثمار في أمريكا، ونجيب ساويرس: رجل الأعمال المصري، الذي يُعرف باستثماراته في مناطق النزاعات (السودان، العراق، كوريا الشمالية)، والذي أعلن عن نيته المشاركة في “سبوبة إعادة الإعمار” التي قد تصل إلى 60 مليار دولار، وهاجم المقاومة في غزة باعتبارها “العقبة الوحيدة”، وآرييه لايتستون: الرئيس التنفيذي لمعهد السلام في اتفاقيات إبراهام وأحد أكبر مؤيدي الاستيطان في فلسطين المحتلة، ومؤسس “مؤسسة غزة” التي تُتهم بالمسؤولية عن مجازر استهداف الفلسطينيين أثناء الحصول على المساعدات.
#خطة_ترامب ومقر المجلس العريش المصرية ! pic.twitter.com/GyGMf0G7G3
— زهرة البنفسج (@zhrtalb95200374) September 30, 2025
وتنص خطة ترامب أن يرافق الهيئة قوة عسكرية متعددة الجنسيات ذات غالبية عربية، مهمتها الأساسية “نزع سلاح المقاومة” ومنع ظهور “الجماعات المسلحة”، وستتولى إدارة المعابر بالتنسيق مع الكيان الإسرائيلي ومصر، بتفويض من الأمم المتحدة.
ومن المتوقع أن تتكون “حكومة غزة” الجديدة من وزارات خدمات “تكنوقراطية” (مديريات للصحة والتعليم والبنية التحتية)، يقودها رئيس تنفيذي فلسطيني يُعيّنه مجلس “جيتا”. وتكون هذه السلطة منفصلة تماماً عن السلطة الفلسطينية التي تدير أجزاءً من الضفة الغربية، وتأتي في أسفل التسلسل الهرمي. هذا الترتيب يفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، ويؤدي إلى إنشاء “كيانين فلسطينيين” منفصلين، مما يُعزز التجزئة ويزيد من إضعاف الموقف الفلسطيني.
شواهد الخيانة
تشير التقارير إلى أن اختيار العريش مقراً مؤقتاً لمجلس الاحتلال الجديد ليس حدثاً عرضياً، بل يتسق مع سلسلة من الإجراءات والخطوات التي اتخذها نظام السيسي على مدار سنوات، بدأت منذ عام 2017 بالتزامن مع الحديث عن “صفقة القرن” بين السيسي وترامب. وتُظهر الوقائع المتسلسلة أن هذه الإجراءات كانت بمثابة تمهيد “لخيانة غزة” عبر تهيئة الساحة في سيناء: إخلاء وتدمير مناطق واسعة في رفح والشيخ زويد، وإقامة مناطق عازلة فارغة من السكان، وهو ما أكده تقرير المذيعة الإيطالية عن وجود “مدينة أشباح” في المنطقة، و تدمير وإخلاء مناطق واسعة في العريش تحت ذريعة توسعة الميناء والمطار، وتدمير وإغراق جميع الأنفاق التي كانت تمثل شريان حياة لغزة خلال الحصار، وبناء أسوار أسمنتية وأسلاك شائكة عالية، مما ضاعف من معاناة سكان القطاع.
كما أنه من المرجح أن تدريب عناصر فلسطينية في سيناء، وتجهيز القوات المصرية للمشاركة المحتملة في القضاء على المقاومة عبر تدريبات عسكرية مشتركة (كـ “النجم الساطع”). كما يستخذ من العريش مركزاً لتخزين المساعدات لفترات طويلة، ما أدى إلى تلفها في بعض الأحيان، وتمهيد الطريق لوجود الأطراف الدولية والإقليمية المشبوهة في رفح المصرية، مثل الإماراتيين.
إسرائيل كانت تضغط ليكون مكان المفاوضات في العريش وليس القاهرة، بحضور كوشنر وتوني بلير.
ليكون بداية لمسار حكم غزة من العريش.
الخطة الصهيونية الأمريكية هي أن تتحول العريش لعاصمة لغزة، يدار منها القطاع ويقيم ممثل الإنتداب البريطاني الأمريكي الجديد، وتعسكر فيها القوات الدولية لتدخل…— Ezzeldeen Devidar (@ezzeldendevidar) October 4, 2025
دلالات اصطفاف البرلمان المنحل
في سياق متصل، أثارت الدعوة المفاجئة لاجتماع مجلسي الشيوخ والبرلمان المصريين بتشكيلتهما القديمة (المنتهية ولايتها) تساؤلات حول دلالات التوقيت. ففي ظل فراغ تشريعي بعد انتهاء دورة المجلسين وقبل استكمال تشكيل المجلس الجديد، جاءت دعوة السيسي لانعقادهما، والتي أعلنت الأمانة العامة أنها قد تكون الأخيرة.
يُرجّح التقارير الإعلامية أن الهدف من هذا الاجتماع هو إصدار إعلان اصطفاف عاجل خلف الرئيس في قضية كبرى، قد تكون متعلقة بالموافقة على إرسال قوات مصرية للمشاركة في القوة العربية داخل غزة، أو إعطاء غطاء سياسي وتشريعي لترتيبات “جيتا” ومقرها في العريش، مما يؤكد على أن الأزمة تتجاوز غزة لتصل إلى العمق المصري.
السيسي يُعلن خيانته رسمياً … وأنه رئيس بلا سيادة
وافق السيسي علي أن تكون العريش مقراً لإقامة توني بلير لإدارة غزة.
وفقاً لإتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام ١٩٦١، والعُرف القانوني الدولي ، تتوفر حماية خاصة للمبعوثين الدبلوماسيين عبر منحهم حصانات وإمتيازات لضمان أداء… pic.twitter.com/87WDQmh0g6
— حزب تكنوقراط مصر (@egy_technocrats) October 3, 2025
صوت المقاومة وقصيدة “لا تصالح”
تُقابل هذه التطورات تصريحات المقاومة وقياداتها برفض أي حلول تُنهي القضية الفلسطينية عبر الإذعان لخطط التصفية، والتي وصفها مبعوث أممي سابق صراحة بأنها “إنذار نهائي على طريقة النازية”.
وفي هذا الصدد، تتجسد روح المقاومة في قصيدة الشاعر أمل دنقل “لا تصالح”، التي تتجاوز البعد الشعري لتصبح وثيقة خالدة للرفض، حيث تتنبأ بالحجج والمغريات التي تُقدم للتفريط في الحق، من الذهب و”تاج الإمارة” إلى “كلمات السلام”، وتُؤكد على أن الصلح لا يكون إلا بين “ندين” متكافئين، وأن التنازل عن الثأر هو خيانة لجيل قادم. وتشدد الرسائل الموجهة لقيادة حماس على ضرورة “عدم التفريط بحقوق الشعب” والهروب من ضغوط “الحبشة” العربية إلى أمريكا اللاتينية (كولومبيا أو البرازيل) كخيار للمفاوضة من منطلق قوة، كون الخطر الذي بدأ في غزة قد وصل الآن إلى العريش والقاهرة، التي أصبحت مقراً لسلطة الاحتلال الجديدة.
لا تصالح ⁰ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخ ⁰والرجال التي ملأتها الشروخ ⁰هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم ⁰وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ ⁰لا تصالح ⁰فليس سوى أن تريد ⁰أنت فارسُ هذا الزمان الوحيد ⁰وسواك..المسوخ!
أمل دنقل – قصيدة "لا تصالح" pic.twitter.com/4fvxy6xf2B
— Dina (@artopathic) May 21, 2024
التكلفة الباهظة
ووفقاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام ١٩٦١، والعُرف القانوني الدولي، تتوفر حماية خاصة للمبعوثين الدبلوماسيين عبر منحهم حصانات وامتيازات لضمان أداء مهامهم بفعالية، وتشمل هذه الحماية حرمة شخصياتهم ومقارهم ومراسلاتهم، وحصانتهم من القوانين المحلية للدولة المعتمدين لديها. وبذلك تصبح العريش منطقة دولية ذات حصانة دولية فقدت مصر سيادتها عليها.
في السياق، تصاعد الجدل مؤخراً في الأوساط السياسية والإعلامية المصرية والعربية، متخذاً من مدينة العريش محوراً لنقاش بالغ الحساسية حول السيادة الوطنية. التطور المثير للقلق جاء مع تداول تفاصيل خطة إدارة قطاع غزة ما بعد الحرب، والتي يُطرح فيها اسم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير لرئاسة هيئة دولية مؤقتة.
ينظر تيار واسع من النقاد والمعارضين إلى هذا الترتيب المحتمل بوصفه تجاوزاً لـ “الخطوط الحمراء” المعلنة سابقاً، ويقدمون تحليلاً ناقداً يركز على تأكيد أن مصر ستفقد سيادتها القانونية على العريش بمجرد استضافة مقر مؤقت، فالحصانة الدبلوماسية لا تلغي ملكية الأرض للدولة المضيفة. بل يكمن القلق في تآكل السيادة السياسية للدولة.
يرى محللون أن السماح بوجود إدارة دولية ذات طابع أمني وسياسي لحكم غزة على الأراضي المصرية يُحوِّل مصر من شريك رئيسي وصانع قرار في القضية الفلسطينية إلى مجرد ميسِّر لوجستي لخطط خارجية. هذا الدور يضعف ثقل القاهرة التفاوضي ويُرسخ فكرة “الوصاية الدولية” على حدودها.
ويُربط هذا الترتيب بسنوات من الإجراءات الأمنية في شمال سيناء، بما في ذلك إخلاء المناطق الحدودية. النقد هنا يشير إلى أن هذه الإجراءات، التي كلفت المجتمع المحلي ثمناً باهظاً، ربما لم تكن فقط لتأمين مصر داخلياً، بل أيضاً لتلبية المتطلبات الأمنية للكيان الاسرائيلي وخلق بيئة “مُعقمة” تصلح لاحقاً لترتيبات إقليمية كبرى مثل استضافة بعثة دولية.
لماذا العريش ؟
ما لم يستطيعونه بالقوه يحاولون أخذه بالحيلة
العريش أحد مدائن الهكسوس الكبري بعد اورشليم
هي حرب عبر التاريخ https://t.co/jUFZmAU7m8 pic.twitter.com/AUFsZOnHwe— EgyptianusCarnivorus (@gabarotus) October 2, 2025
هدف أمني أم منطلق سيادي
تحويل العريش إلى “نقطة ارتكاز” للإدارة الدولية لغزة يُحمل تداعيات أمنية وسياسية خطيرة. إذ تتحول المدينة من عاصمة لمحافظة مصرية إلى مركز عصبي لمخطط إقليمي حساس ومُختلف عليه. هذا يضعها مباشرة على قائمة الأهداف المحتملة لأي فصائل فلسطينية أو إقليمية تعارض خطة الإدارة الدولية.
هذا التطور يزيد الضغط على المؤسسة الأمنية المصرية في وقت تحتاج فيه سيناء للاستقرار.
وهنا، يرى المنتقدون أن تهيئة منطقة العريش لاستقبال بعثة دولية جاءت دون أي شفافية أو نقاش مجتمعي أو برلماني واسع.
هذه السرية في التعامل مع ملف بهذا الحجم تشير إلى قرار انفرادي، مما يعمق الفجوة بين القيادة والمواطنين بشأن القضايا المصيرية.
ما بعد العريش
إذا ما ثبتت هذه الترتيبات، فإن تداعياتها تتجاوز الجانب اللوجستي، الذي ستفقد مصر معه جزءاً كبيراً من مصداقيتها أمام الأطراف الفلسطينية والجمهور العربي الذي يرفض بشدة عودة أي شكل من أشكال الوصاية الغربية على غزة.
فضلا عن أن التواجد الدولي في العريش، حتى لو كان مؤقتاً، يمثل خطوة عملية لـ “تطبيع” فكرة الإدارة الأجنبية لغزة، مما يصعب لاحقاً العودة إلى الدور المصري المباشر والمستقل في المنطقة.
ختاماً، يؤكد المحللون أن القيادة المصرية تواجه اختباراً حاسماً: فهل تعود مصر إلى التمسك بمبدأ “الأمن القومي خط أحمر” وترفض أن تتحول أراضيها إلى قاعدة انطلاق لترتيبات دولية لا تخدم مصالحها القومية العليا، أم ستغلب الاعتبارات الاقتصادية والضغوط الخارجية على حساب ثقلها السياسي ومكانتها التاريخية؟
الإجابة تتوقف على ما ستؤول إليه الاتفاقيات “غير المعلنة” في دهاليز السياسة الدولية.