في مفاوضات شرم الشيخ: الاحتلال يشارك بوفد “تقني” و”إيال زمير” يؤكد من نتساريم “الحرب لم تنته بعد”!!
شرم الشيح | وكالة الصحافة اليمنية
تنطلق، اليوم، جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة، وسط ترقب دولي لمدى جديتها، لاسيما وقد أوفدت سلطات الاحتلال وفداً “تقنياً” محدود الصلاحيات، مؤكدة أن طبيعة هذا الوفد تعكس رغبتها في اختبار جدية حركة حماس في هذه المسألة، وتحديداً في ملف تبادل المحتجزين. وتشير التطورات إلى ضغوط أمريكية مكثفة لضمان إنجاح الجولة، بحسب ما ورد في تقارير إخبارية وتحليلات ميدانية.
ضغط أمريكي وتفاصيل فنية شائكة
تأتي هذه الجولة وسط ضغط أمريكي واضح ومباشر، حيث تفيد الرسائل من واشنطن بأن الرئيس الأمريكي ترامب يريد إنهاء “كل شيء” في المرحلة الأولى خلال هذا الأسبوع. ومن المتوقع أن يصل المبعوث الأمريكي، ويتكوف، مع جاريد كوشنر، صهر الرئيس، إلى المنطقة قريباً، ربما مساء الثلاثاء، في إشارة قوية على انخراط البيت الأبيض شخصياً في مسار التفاوض. ويأتي هذا التدخل لـ حث بنيامين نتنياهو على عدم السلبية، واستغلال الصفقة التي تُعتبر في مصلحة الكيان وفق الرؤية الأمريكية.
وتشير التقارير إلى أن سلطات الاحتلال تصر على التفاوض من “النقطة صفر”، رافضة العودة إلى تفاصيل الجلسات التفاوضية السابقة في الدوحة، ومؤكدة أنها ستتعامل بطريقة مختلفة تستند إلى الخرائط والأُسس التي وضعتها الإدارة الأمريكية، والتي تضع إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين كـ أولوية قصوى.
نتنياهو أعلن أنه لن يبدأ بتنفيذ خطة ترامب إلا إذا طُبقت المرحلة الأولى منها، وهي إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين خلال 72 ساعة دون أي تنازل إسرائيلي. هو بصراحة لا يهتم كثيرًا بما بعد ذلك؛ هذا ما يبحث عنه وهذا ما يضغط عليه داخليًا فقط في مسار الإبادة الجماعية. بطبيعة الحال هو…
— Tamer | تامر (@tamerqdh) October 5, 2025
تحليل “هآرتس”
في سياق متصل، اعتبر الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي في صحيفة “هآرتس” أن ما يجري يتطلب “كماً كبيراً من التفاؤل” لضمان عدم إفساد “عُرس الاحتفال” بإمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار. ويشير ليفي إلى أن هذا الاتفاق “ليس اتفاق سلام بين سلطات الاحتلال وغزة”، بل هو اتفاق “فرضته أمريكا على الكيان الإسرائيلي”. ويلفت إلى أنه “كان واضحاً منذ زمن أنه دون أن تفرض أمريكا على سلطات الاحتلال، لن يتحرك شيء”، رغم وجود آراء لمحللين آخرين تزعم بأن نتنياهو هو من “كتب الاتفاق”.
ويُظهر الكاتب تفاؤلاً بقوله إن “شيئاً فشيئاً ستتلاشى معاناة أهل غزة والأسرى”، معتبراً أن الاتفاق سيعيد ترتيب العلاقات بين الطرفين، حيث “اسرائيل تابعة، والولايات المتحدة قوة عظمى”. ويؤكد ليفي أن وقف الحرب مفيد لغزة ولسلطات الاحتلال وللعالم، لكنه يشدد على أن “الإبادة الجماعية” لن تُنسى سريعاً، و”ذاكرة غزة لن تُمحى من عقول الناس”.
ويُضيف الكاتب أن إنهاء الحرب هو “أهون الشرور” بالنسبة لسلطات الاحتلال، وكان بالإمكان تفاديها. وفي تقييمه للوضع الراهن، يرى ليفي أن غزة وحركة المقاومة (حماس) “تضررتا بشكل كبير”، لكنهما “واقفات على أرجلهن”، فـ”غزة مضروبة نازفة مصدومة مفلسة اقتصادياً، ولكنها واقفة على قدميها”، وحركة المقاومة مصابة لكنها “موجودة”. ويصف غزة بأنها “اليوم أشبه بهيروشيما، ولكن روح غزة ما زالت حاضرة”.
ويشير ليفي إلى أن القضية الفلسطينية، التي تراجعت عن جدول الأعمال العالمي قبل عامين، عادت اليوم إلى الصدارة بقوة، وأن العالم “يحب أهل غزة ويشفق عليهم”، رغم أن هذا “الحب لا يواسي شيئاً”.
ويختتم جدعون ليفي مقاله بالدعوة إلى استغلال اللحظة، مطالباً الإسرائيليين بـ”أن يعرفوا ما ارتكب باسمهم”، وأن “يدخل الإعلام الإسرائيلي ويتجرأ” على القول: “اعترفوا بأننا أخطأنا وظلمنا وأجرمنا”، محذراً في الوقت ذاته من أن الأمور لم تنضج بعد و”قد يفشل كل شيء.
تكتيكات نتنياهو
كشفت تحليلات في قناة “12” العبرية عن سلسلة من التناقضات والتغييرات في الموقف الإسرائيلي، خاصة فيما يتعلق بتركيبة الوفد المفاوض والتعامل مع قيادات المقاومة، ما يشير إلى محاولات لعرقلة التقدم أو كسب الوقت.
بعد ترويج قناة “12” لإصابة أو اغتيال القيادي في المقاومة خليل الحية، وتكهنات حول مكان وجوده، عادت القناة لتقول إن “خليل الحية في طريقه إلى القاهرة”. ويثير هذا التضارب تساؤلاً منطقياً في الأوساط الإسرائيلية: “لو نجح الاغتيال… من سيفاوضون؟ وكيف سيستعيدون أبناءهم؟”.
أشارت التغطية إلى تراجع في تصريحات سلطات الاحتلال حول مشاركة رون ديرمر، مندوب نتنياهو، في المفاوضات. فبعد الإعلان عن خروجه مع الوفد، قيل إنه “لن يخرج ولكن سيترأسه”، ما يعني بقاءه في “إسرائيل”. هذا التغيير يُفسر بأنه “بداية ألاعيب نتنياهو لكي يسحب وقت”، حيث يعود الوفد إلى ديرمر، وديرمر إلى نتنياهو، في دائرة طويلة
طرأ تغيير مماثل على حضور المبعوث الأمريكي ويتكوف وصهر الرئيس الأمريكي، كوشنر. فبعد الإعلان عن تواجدهما في القاهرة، تراجعت التصريحات لتقول: “إذا تقدمت الأمور في القاهرة، سيذهبان للقاهرة”، ما يمثل تراجعاً عن الزخم المعلن سابقاً.
وفي سياق المناورة، نقلت إذاعة سلطة البث عن نتنياهو أنه “يصطنع التفاؤل كي لا يتهم من قبل إدارة ترامب بأنه سلبي دائماً”. وكشفت عن اتصال بين نتنياهو والرئيس الأمريكي، حيث قال له نتنياهو إن “رد حماس غير كافٍ”، فرد عليه ترامب: “أنا لا أعلم لماذا أنت دائماً سلبي جداً. هذا انتصار لك خذه”، ما يشير إلى اتهام ترامب لنتنياهو بالتشاؤم المفرط.
إلى ذلك، يؤكد الكيان الإسرائيلي أن الوفد المرسل هو تقني بالدرجة الأولى، ولا يملك صلاحيات اتخاذ قرار، بل مهمته محصورة في “قراءة” الأجواء والتفاصيل التقنية للجلسات الأولى. ويشدد الاحتلال على أن الأولوية المطلقة هي لبند إرجاع المحتجزين لديه، وأن عدم جدية الجانب الآخر في طرح هذا الموضوع كبند أول سيُعتبر “مماطلة”، وهو ما يحدده الوفد التقني.
وإذا ما تم إحراز تقدم فعلي في الجلسات الأولية، قد ترسل سلطات الاحتلال لاحقاً الوزير رون ديرمر، وزير الشؤون الاستراتيجية، الذي كان يرأس الوفد المفاوض في الجولات السابقة بالدوحة.
لا يملك الوفد الحالي الصلاحيات، وتقتصر مهمته على الاطلاع على التفاصيل التقنية وجداول تسليم المحتجزين وأسماء الأسرى الفلسطينيين الذين يمكن الإفراج عنهم، دون وجود أسماء محددة مطروحة بعد، أو حسم لملف “الفيتو” على أسماء بعينها.
"حماس" تواجه عربدة ترامب وصهاينته في شرم الشيخ.. أين الثلاثي الوسيط؟!
يذهب مفاوضو "حماس" إلى شرم الشيخ، وصراخ ترامب وحبيبه (بيبي) يملأ آذانهم.
يقرأ "ويتكوف" و"كوشنر" مزاميرهما اليومية على "البلطجي المجنون"، فيحوّلها بدوره إلى مواعيد بروحية التهديد لإنجاز الاتفاق خلال أيام… pic.twitter.com/lrg0EPHJ92
— ياسر الزعاترة (@YZaatreh) October 6, 2025
شيطان التفاصيل
بدأت النقاشات في الأوساط الإسرائيلية تنتقل إلى التفاصيل الدقيقة التي يمكن أن تعرقل الاتفاق، خاصة فيما يتعلق بملف الأسرى وانسحاب قوات الاحتلال، ما يؤكد المخاوف من وضع عراقيل في المراحل المتقدمة.
تُشدد قناة “14” العبرية على إصرار المقاومة على إطلاق سراح مجموعة من أسرى المؤبدات، على رأسهم مروان البرغوثي، الذي يُخشى من أن خروجه قد “يقلب الطاولة في الضفة الغربية”. وبدأ التساؤل الإسرائيلي حول عدد الأسرى الذين يمكن وضع “فيتو” على أسمائهم، حيث تنص الخطة على إطلاق سراح 1700 أسير، بينهم 250 من أصحاب الأحكام العالية.
وفي السياق، برز نقاش حول تحديد من هم أسرى “النخبة” الذين تم أسرهم بعد 7 أكتوبر، والذين تطالب سلطات الاحتلال بعدم شمولهم في الصفقة. وطرحت تساؤلات حول الأسرى العاديين والقاصرين والمعتقلين في غزة، مشيرة إلى أن سلطات الاحتلال كانت “تتعامل مع الجميع وكأنه من مجموعة النخبة”، و”الآن فقط بدأ السؤال: من نخبة ومن لا”، بعد أشهر من الاعتقال.
في المقابل، قالت قناة 14” العربية أن سلطات الاحتلال ترفض وصف إعادة الانتشار في غزة بـ “الخروج للجيش”، مؤكدة أنها “نعيد ترتيب الجيش في الداخل”، رغم أن الخريطة التي عرضها المبعوث الأمريكي لا تتفق مع الطرح الإسرائيلي.
ونقلت القناة تصريحات عن وزير حرب الاحتلال، يوف غالانت، والذي يضع شرطاً يتمثل في أن مراحل الصفقة لن تبدأ إلا “بعد أن تسلم حماس سلاحها”، ما يمثل عقبة كبرى، خاصة إذا تم توسيع مفهوم “السلاح” ليشمل الأنفاق. كما طرحت المقاومة ضرورة ترتيب “أمورها مع الأسرى الذين فقدوا حياتهم” لتحديد أماكن الجثث المدفونة، وهو ما يُناقش حالياً في الأوساط الإسرائيلية.
عقبات تقنية وأمنية
تظهر بعض الإشكاليات التقنية والأمنية التي تتعلق بالجانب المصري، حيث تطلب القاهرة إدخال مزيد من الجرافات لمحاولة انتشال جثث بعض المحتجزين الذين اختفت جثثهم تحت أنقاض المباني المنهارة. ويُبدي الكيان الإسرائيلي حرصاً على معرفة وجهة هذه الجرافات، ومحاولة تأمين إمكانية قيام الإسرائيليين بأنفسهم بعملية الانتشال.
وفي هذا السياق، عقد جال آيزنكوت، المسؤول عن ملف المحتجزين، اجتماعاً مع مسؤول الصليب الأحمر لبحث مناطق البحث والانتشال. وفيما يخص المواقع التي تسيطر عليها القوات الإسرائيلية حالياً، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي سيقوم بالانتشال، أما المواقع التي قد تتطلب عمليات بحث في مناطق مثل خان يونس، أو منطقة المواصي، أو داخل مدينة غزة، فإنها تشكل خطراً على جنود الاحتلال.
سر هدوء اليمين المتطرف
تشهد الساعات القادمة سلسلة من التصريحات الداخلية في الكيان الإسرائيلي بين مؤيد ومعارض. وفي إطار التحليل، يلاحظ أن هناك صمتاً لافتاً من وزراء اليمين المتطرف، سموتريتش وبن غفير، خلال الـ 24 ساعة الماضية. ويُعتقد أن رئيس الوزراء نتنياهو قد أصدر أوامر بعدم التصريح لضمان عدم إظهار الجانب الإسرائيلي سلبياً تجاه المفاوضات، وتوفير المسار الصحيح لإتمام الصفقة، رغم وجود ضمانات برلمانية لنتنياهو للمضي قدماً حتى مع معارضة هؤلاء الوزراء.
وبعد اجتماع عُقد بين نتنياهو ووزيري الأمن القومي والمالية المتطرفين، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، يبرز تساؤل في القناة “13” العبرية عن “سر هذا السكوت” من قِبَل الوزيرين، اللذين هددّا في مرات سابقة بإسقاط الحكومة بسبب ملف الأسرى.
وتشير قناة “13” العبرية إلى أن نتنياهو “نجح بتأخير المشكلة معهم وبإسكاتهم مؤقتاً لإتمام المرحلة الأولى من الصفقة”، حيث تعهد لهم “أن يعيد المعركة” إذا لم يتم إطلاق سراح جميع الأسرى في المراحل اللاحقة، وأخذوا ضمانات على ذلك (قناة 13).
وتُبدي القناة شكوكها حول التنازل السريع للوزيرين عن “أحلامهما الكبرى” بضم غزة وبناء المستوطنات وضم الضفة الغربية. وتتوقع القناة أن الهدوء مؤقت، وأن الوزيرين “سيضعون فيتو على أسماء كبيرة سيتم إطلاق سراحها”، ما يمكن أن يعثر صفقة التبادل.
استمرار العدوان
في ظل الحديث عن الهدنة، يؤكد الواقع الميداني استمرار العدوان، بالإضافة إلى تصريحات قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي، ما يقوض أي تفاؤل بإيقاف العمليات بشكل كامل، حيث ينقل الأهالي في غزة أن “القصف لم يتوقف”، وأن عدد الشهداء اليوم بلغ 22 شهيداً، بينهم أربعة “نتيجة التجويع” (المصدر، وائل عواد).
في السياق، صرح رئيس أركان جيش الاحتلال، إيال زمير، خلال جولة عند ممر نتساريم الساحلي، بأن “الحرب لم تنتهِ بعد”، وأكد أن “أهداف الحرب لم تتحقق بعد ولن نسمح لحركة حماس بالبقاء ككيان حاكم أو عسكري”، مشيراً إلى أن القيادة السياسية “تستخدم الإنجازات العسكرية للقيام بأمور سياسية”.
وفي المقابل، وحسب قناة 24 العبرية، استمرت سلطات صنعاء في عملياتها العسكرية تجاه الكيان الإسرائيلي، حيث دوت صفارات الإنذار جنوب البلاد، مع تأكيد سلطات صنعاء أنها “لم تتوقف” وأنها لن تتوقف إلا بطلب مباشر من المقاومة.
الان وفد من حماس برئاسة خليل الحية في شرم الشيخ لبدء مفاوضات غير مباشرة برعاية مصر وقطر وأمريكا، لبحث وقف النار وتبادل الأسرى وسط تصعيد الاحتلال. إخوانكم يخوضون الآن مفاوضات حاسمة وصعبة، فلا تنسوهم من صالح دعواتكم.اللهم سدد الرمي والرأي وانصر المجاهدين. pic.twitter.com/nfvc3gpaC3
— Muslimah.💊 (@TY7TY) October 6, 2025
خلاصة القول:
هذه التطورات مجتمعة، من مناورات نتنياهو إلى تمسك اليمين المتطرف بمواقفه وتصريحات قادة جيش الاحتلال، تشير إلى أن الطريق لا يزال محفوفاً بالعراقيل، وأن دور الوسطاء والضمانات الدولية من المفترض أن يكون حاسماً لضمان استمرار الصفقة إلى مراحلها المتقدمة.
إلى جانب ذلك، تبقى قضايا فنية أخرى بحاجة إلى تمحيص، مثل تفاصيل تسليم الأسرى الفلسطينيين، وهل سيتم إبعادهم، وما هي الأسماء المطروحة، وعما إذا كان اسم مروان البرغوثي مدرجاً على القائمة أم لا؟
ما هو ثابت في هذه المرحلة أن كلا الطرفين لا يريدان إظهار عدم جديتهما، وبالتالي هناك تجنب لإصدار أي تصريحات سلبية قد تعرقل العملية التفاوضية.