في لحظة مفصلية كانت تتعرض القضية الفلسطينية للتصفية جاءت عملية طوفان الأقصى لتشكل تحولًا استراتيجيًا في مسار الصراع مع الاحتلال الاسرائيلي ، قلبت الموازين، وأعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة بعد أن كادت تُطوى .
قبل عمليات طوفان الاقصى وفي ظل تسارع موجات التطبيع العربي مع الكيان الاسرائيلي ، بدت فلسطين وكأنها تُترك لمصيرها وسط حالة من التجاهل الدولي والإقليمي ، وتصاعدت السياسات “الإسرائيلية” القائمة على الضم، والاستيطان، والاعتداء على المقدسات، وحصار غزة، وسنّ قوانين قمعية ضد الأسرى، في حين تراجعت الضغوط العربية والدولية لحماية الحقوق الفلسطينية ، أو كادت تنعدم ، كل ذلك كان يؤكد بأن المشروع الصهيوني يسير نحو تصفية شاملة للقضية الفلسطينية، وأن خيار التسوية لم يعد يقدم شيئًا سوى مزيد من الوقت للاحتلال لتعزيز وجوده .
في ظل هذا الواقع، برزت “طوفان الأقصى” كاستجابة حتمية وضرورة لإعادة التوازن إلى المشهد ، وكسر حالة التهميش وإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية ، ووقف الاندفاع نحو التطبيع الذي تجاوز كل الضوابط، وأصبح يشكّل تهديدًا مباشرًا للهوية الوطنية الفلسطينية .
جاءت عملية طوفان الاقصى للتأكيد على إن خيار المقاومة هو الخيار الصحيح بعد فشل جميع المسارات التفاوضية ، جاءت لترسل رسالة للعالم بأن الأمن في المنطقة لن يتحقق دون عدالة للفلسطينيين .
حدث غير مسار المنطقة
لم تكن طوفان الأقصى مجرد عملية عسكرية، بل حدثًا غيّر مسار المنطقة ، وأعاد الروح للمقاومة ، وأوقفت موجة التطبيع المتسارعة التي كانت تتجه إلى مراحل أكثر خطورة، وأعادت القضية الفلسطينية إلى المشهد العالمي بعد سنوات من الغياب .
ومن منظور واقعي، يمكن القول إن العملية جاءت كفعل اضطراري أمام مسار تصفية القضية الفلسطينية ، وأعادت تعريف الصراع، وأثبتت أن الشعب الفلسطيني ما زال قادرًا على فرض معادلات جديدة حين يُدفع إلى الزاوية .
وبعد عامين على طوفان الأقصى يمكن القول إن العملية لم تكن مجرد رد فعل عسكري، بل رسالة استراتيجية كبرى قلبت المشهد وأعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة بعد أن كادت تُطوى ، صحيح أن التكلفة كانت باهظة، وأن الطريق ما زال طويلًا أمام تحقيق العدالة، لكن الطوفان أعاد التأكيد على أن فلسطين لا يمكن أن تشطب من التاريخ .