ترامب يطرد آلاف الموظفين ويحمّل خصومه الذنب.. تسريحات جماعية تهز مؤسسات أمريكا
واشنطن | وكالة الصحافة اليمنية
في خطوةٍ وُصفت بأنها طعنة في قلب الدولة الأميركية، فجّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب موجة غضب عارمة بإعلانه تسريح آلاف الموظفين الحكوميين، محمّلًا خصومه الديمقراطيين مسؤولية القرار في محاولةٍ مكشوفة للهروب من تبعات فشله السياسي والإداري.
فقد بدا ترامب خلال حديثه للصحافيين في المكتب البيضاوي متوتّرًا ومتعاليًا وهو يقول: “لقد بدأوا هم هذا الأمر”، زاعمًا أن عمليات التسريح “موجّهة من الديمقراطيين”، بينما الواقع يؤكد أن القرار نابع من حسابات انتخابية وانتقامية بحتة، لا علاقة لها بالإصلاح الإداري الذي يتذرّع به.
عمليات التسريح الواسعة التي أمر بها ترامب شلّت مفاصل الحكومة الفدرالية، وأغرقت آلاف العائلات في حالة من الذعر وعدم اليقين.
ووفقًا لتقارير “رويترز”، تم تسريح أكثر من 40% من موظفي وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، فيما وجّهت وزارة الخزانة إشعارات فصل إلى أكثر من 1300 موظف، في حين أغلقت دائرة الإيرادات الداخلية أبوابها أمام ما يقارب نصف موظفيها، لتتوقف عجلة جمع الضرائب في وقت حساس من السنة المالية.
وامتدت موجة التسريحات إلى وزارات التعليم والتجارة والطاقة والإسكان والبيئة، بل حتى إلى وكالة الأمن السيبراني، ما حوّل القرار إلى حملة تصفية سياسية تحت ستار “الإغلاق الحكومي”.
المفارقة أن ترامب ألقى باللوم على الديمقراطيين، في وقتٍ لا يستطيع فيه تمرير ميزانية متوازنة دون مساومتهم في مجلس الشيوخ، أما النقابات العمالية، فقد وصفت ما يحدث بأنه “خرق صارخ للقانون” ورفعت دعاوى عاجلة لوقف قرارات التسريح التي اعتبرتها “غير إنسانية ولا مبرر لها”، بينما يحذر الخبراء من أن هذه الخطوات ستؤدي إلى انهيار مؤقت في الخدمات العامة وإضعاف البنية الإدارية للدولة.
حتى بعض الجمهوريين رفضوا مجاراة ترامب في مغامرته، إذ قالت السيناتور سوزان كولينز إن الموظفين الفدراليين “يؤدّون عملاً لا غنى عنه لخدمة الأميركيين”، محذّرة من أن استخدامهم كورقة ضغط سياسية يهدد ثقة الشعب بمؤسسات الدولة.
ومع ذلك، واصل ترامب التصعيد، مجمّدًا أكثر من 28 مليار دولار من أموال البنى التحتية المخصصة لولايات معارضة له ككاليفورنيا ونيويورك وإلينوي، في خطوة تعكس روح الانتقام السياسي التي تهيمن على قراراته.
النتيجة المباشرة لسياسة ترامب كانت مأساوية: مئات الآلاف من الموظفين دون رواتب، ومؤسسات حكومية مشلولة، وجنود ينتظرون مرتباتهم بلا أمل في صرفها قريبًا. وبينما تتعمّق الأزمة، يواصل ترامب تبرير قراراته بنغمة الغطرسة المعتادة، متجاهلًا أن ما فعله حوّل الدولة الأميركية إلى رهينة لنزواته السياسية.
لقد أثبت ترامب، مجددًا، أن معركته الحقيقية ليست مع الديمقراطيين وحدهم، بل مع النظام الأميركي نفسه، وأنه كلما ضاق به الخناق، لجأ إلى تفجير الفوضى في الداخل كوسيلة للنجاة.
وهكذا، لا يبدو أن الرئيس المثير للجدل يكتفي بخصومة خصومه السياسيين، بل يصرّ على جرّ الشعب الأميركي بأكمله إلى حربه الشخصية ضد الدولة — حربٌ يخسر فيها الجميع، إلا ترامب، الذي لا يهمّه سوى البقاء في دائرة الضوء مهما احترق من حوله.