شركة “آبل” تعزز استثماراتها في الصين.. تيم كوك يراهن على بكين ويُحرج البيت الأبيض
بكين | وكالة الصحافة اليمنية
في مشهد يعكس تحوّلاً لافتاً في موازين القوة داخل وادي السيليكون، أعلن الرئيس التنفيذي لشركة “آبل” تيم كوك من العاصمة الصينية بكين أن شركته تعتزم تعزيز استثماراتها في الصين وتوسيع التعاون مع الحكومة الصينية، في خطوة فسّرها مراقبون بأنها رسالة تحدٍ غير مباشرة إلى واشنطن.
وخلال لقائه وزير الصناعة الصيني لي ليتشنغ، أكد كوك أن الصين ستظل محوراً أساسياً في خطط آبل التصنيعية والتكنولوجية، رغم محاولات الولايات المتحدة إبعاد الشركات الأميركية عن النفوذ الاقتصادي الصيني.
وقال الوزير الصيني إن بلاده “تأمل أن تواصل آبل استكشاف السوق الصينية”، مشدداً على أن بكين ستوفر بيئة أكثر جاذبية للشركات الأجنبية، وعلى رأسها آبل.
ورأى محللون أن هذه الزيارة تحمل رمزية سياسية واضحة، خصوصاً في ظل تصاعد التوتر بين القوتين الاقتصاديتين، إذ تحاول واشنطن فرض قيود على التكنولوجيا الصينية، بينما ترد بكين بجذب كبرى الشركات الأميركية داخل أراضيها.
ويرى المراقبون أن كوك اختار أن يبعث برسالة واضحة: “صنع آيفون في الصين ليس خياراً مؤقتاً.. بل استراتيجية وجود”.
وفي الوقت الذي تسعى فيه آبل لتجنّب الرسوم الجمركية الأميركية على صادراتها القادمة من الصين والهند، تتجه الشركة أيضاً لضخّ استثمارات ضخمة داخل الولايات المتحدة تصل إلى 600 مليار دولار خلال أربع سنوات، في محاولة لتحقيق توازن سياسي أمام الضغوط الأميركية.
زيارة كوك إلى الصين لم تقتصر على اللقاءات الرسمية، بل شملت جولة في متجر آبل في شنغهاي ولقاءات مع مطوري الألعاب ومصمم دمى “لابوبو” الشهيرة، حيث أعلن أن هاتف “آيفون إير” سيكون متاحاً للطلب المسبق في الصين بعد دعم خاصية الشريحة الإلكترونية (eSIM) من قبل السلطات المحلية.
وبينما تدور حرب تكنولوجية باردة بين واشنطن وبكين، يبدو أن آبل اختارت التموضع في المنتصف، لكنها في الواقع تقترب أكثر من المعسكر الصيني كلما اشتدت المنافسة.
فالصين هي المصنع، والسوق، والمستقبل الذي لا تستطيع آبل الاستغناء عنه، مهما حاولت واشنطن رسم حدود جديدة للنفوذ الاقتصادي.
من يملك الصين.. يملك التكنولوجيا
في عالمٍ تشتعل فيه حرب المعالجات والرقائق والذكاء الاصطناعي، لم يعد السؤال: من يصنع أكثر؟ بل: من يتحكم في المستقبل؟
تيم كوك أدرك مبكراً أن من يملك الصين يملك سلاسل الإمداد، والمواهب، والسوق، والمستقبل التقني كله.
واشنطن قد تفرض العقوبات وتُطلق الشعارات، لكن بكين تملك المصانع والعمال والعقول التي تُبقي “آيفون” حياً في يد المستهلك، ولذلك لم يكن كوك مجرد زائر إلى الصين، بل مبعوثاً من وادي السيليكون إلى عاصمة القرار الصناعي العالمي.
لقد انتهى زمن الهيمنة المنفردة، ومن بكين، أعلنت آبل ضمنياً أن مستقبل التكنولوجيا لن يُكتب في واشنطن وحدها، بل في المكان الذي يدور فيه ترس الإنتاج الحقيقي “الصين”.