المصدر الأول لاخبار اليمن

صحيفة بريطانية : الإمارات تسعى لاختراق ديمقراطيات غربية عبر المال والمناصب

لندن | وكالة الصحافة اليمنية

 

 

يتوالى كشف فضائح الإمارات التي تظهر سعيها لاختراق ديمقراطيات غربية عبر المال والمناصب بطرق ملتوية من خلال إغراء مسئولين حكوميين حاليين وسابقين.

أحدث ذلك تصاعد تداعيات فضيحة جديدة تطال رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون، بعدما وجّهت إليه هيئة الاستشارات في التعيينات بعد المنصب الحكومي (Acoba) اتهامات بخرق القواعد التي تمنع استغلال العلاقات التي كوّنها أثناء تولّيه المنصب لتحقيق مكاسب خاصة.

وتكمن خطورة الملف هذه المرة في الدور المحوري لشبكات نفوذ إماراتية سعت، وفق وثائق مسرّبة وتقارير رسمية وصحفية، إلى فتح قنوات غير شفافة مع جونسون تحت لافتة “الاستشارات” والمنافع المتبادلة.

ونقلت تقارير صحفية بريطانية عن “وثائق بوريس” المسرّبة أن جونسون شارك بعد مغادرته المنصب في مشروع خاص تحت اسم “Bia Advisory”، استهدف جذب أموال سيادية إماراتية بمليار دولار لصندوق “مبادلة”، مع الحديث عن حصص ملكية له ولمعاونته السابقة.

كما تُظهر الوثائق ترتيبات للقاءات مع خالدون المبارك، أحد أقوى رجال أبوظبي ورئيس جهاز “مبادلة”، لبحث توسيع النفوذ الاستثماري الإماراتي عبر قنوات شخصية نسجها جونسون إبان رئاسته للحكومة.

وتقف هذه التحركات، وفق خبراء حوكمة، على حدود اللوائح البريطانية—or تتجاوزها—التي تحظر على المسؤولين السابقين استثمار علاقاتهم الحكومية لصالح عقود خاصة قبل أخذ موافقات الجهات المختصة.

واللافت أن Acoba خاطبت الحكومة رسميًا مؤكدة أن جونسون انخرط في محادثات وعقود مرتبطة بـ “Bia Advisory” و“Better Earth” قبل الحصول على موافقتها، ورفض لاحقًا تصحيح السجل أو الرد الموضوعي على الاستفسارات—وهو ما اعتبرته الهيئة خرقًا صريحًا للضوابط.

بالتوازي، تكشف مواد أخرى أن جونسون دفع باتجاه مسار شراكات مع مسؤولين سعوديين، بينهم ولي العهد محمد بن سلمان، لصالح شركة استشارات بيئية تُدعى “Better Earth”، عبر رسائل وعلاقات شخصية نسجها خلال وجوده في 10 داوننغ ستريت.

هنا أيضًا، يبرز القاسم المشترك: توظيف شبكات علاقات رسمية سابقة لفتح أبواب تمويل وتسهيلات لمشاريع خاصة—قبل استكمال المسار النظامي لدى Acoba.

وفرادة القضية أنها لا تقف عند شخص جونسون، بل تندرج ضمن نمط أوسع من “قوة النفوذ الحاد” الذي تمارسه دول خليجية—وفي مقدمتها الإمارات—داخل المؤسسات الغربية: إنفاق ملايين الدولارات سنويًا على شبكات ضغط وعلاقات عامة ومكاتب محاماة ومؤسسات فكرية، ونسج علاقات شخصية مع صنّاع قرار سابقين وحاليين، بهدف تشكيل الأجندات الاقتصادية والإعلامية.

وقد وثقت تقارير بحثية وحقوقية مستقلة هذا التوسع في أوروبا والولايات المتحدة، محذّرة من “التفاف” على قواعد الشفافية والمساءلة البرلمانية.

وفي بريطانيا تحديدًا، كانت نقاشات حسّاسة قد اندلعت هذا العام حول قواعد ملكية وسائل الإعلام الأجنبية، وسط حديث عن صفقات مدعومة من أبوظبي لاقتحام سوق الصحافة البريطانية، ما دفع مشرّعين وصحفيين للمطالبة بقدر أعلى من الإفصاح حول ضغط جماعات المصالح وأثره على سياسات الحكومة تجاه الاستحواذات الإعلامية.

وتظهر الوثائق المسرّبة التي يُعتقد أن مصدرها مجموعة شفافية رقمية هندسة دقيقة: شركات ناشئة تحمل شعارات “التمويل الأخضر” و“التحوّل المناخي” تستند إلى وجاهة سياسي سابق للوصول إلى صناديق ثروة سيادية، مقابل حصص وأسهم ومكافآت مستقبلية.

في المقابل، تحصل الجهات المموِّلة على بوابة نفوذ داخل قلب ديمقراطيات غربية عبر أسماء قادرة على فتح الأبواب في الحكومات والهيئات التنظيمية. هذا النمط، بحسب متخصصين، يُنتج “سوقًا موازية” لصنع القرار بعيدًا عن المساءلة العلنية.

 

سجلّ إماراتي مثقل باستراتيجيات النفوذ

 

يأتي هذا كله فيما تواجه أبوظبي اتهامات متكررة باستخدام أدوات نفوذ تتجاوز الضغط التقليدي من رعاية جيوش من شركات العلاقات العامة إلى توظيف أدوات تجسّس واستهداف معارضين في الخارج، كما كشفت تحقيقات دولية سابقة.

وتؤكد قضية جونسون—بكل تفاصيلها عن “Bia Advisory” و“Better Earth” واللقاءات مع خالدون المبارك—أن ثغرات الحوكمة في لندن ليست مسألة محلية فحسب، بل بوابة لاختراقات منظمة تمارسها شبكات المال والنفوذ العابرة للحدود.

وإن تحويل المسؤولين السابقين إلى “وسطاء نفوذ” لصالح أنظمة استبدادية يهدد بإعادة تشكيل القرار السياسي بعيدًا عن الأطر المؤسسية والبرلمانية.

وما لم تُفعَّل أدوات رادعة من صلاحيات تحقيق وعقوبات مالية إلى شفافية كاملة في سجلات الضغط والاتصالات—فإن ديمقراطيات الغرب ستظل مكشوفة أمام “استشارات” تتقن فنّ إخفاء الرشاوى تحت عناوين مخاتلة.

 

قد يعجبك ايضا