المصدر الأول لاخبار اليمن

حرب ناعمة.. لماذا يحول الإعلام الغربي المقاومة إلى “إرهاب”؟

محمد الفائق | وكالة الصحافة اليمنية

في المسار المتوازي للحرب العسكرية الدائرة بين محور المقاومة وقوى الاحتلال الإسرائيلي والغرب، تُشن معركة أخرى – لا تقل ضراوة عنها – على جبهة الوعي والإدراك، حيث تقود وسائل الإعلام الغربية حملة ممنهجة تستهدف تشويه صورة المقاومة وتفكيك رموزها وتمهيد الطريق للعدوان عبر حرب نفسية وإعلامية شاملة تعتمد على آليات متطورة تبدأ من التلاعب اللغوي والمصطلحاتي كمدخل رئيسي لصناعة الوعي الزائف.

حيث يتم توظيف مصطلحات محددة بعناية لإضفاء الشرعية على فعل العدوان وتجريم فعل المقاومة، كما نرى في غزة عندما تُوصف عملية “طوفان الأقصى” التاريخية بأنها “هجوم إرهابي” بينما يُطلق على الرد الإسرائيلي المدمر مصطلح “حق الدفاع عن النفس” في قلب واضح لحقائق الصراع، وتستبدل قناة BBC البريطانية وصف مقاتلي حماس بـ”المسلحين” بينما تصف الجيش الإسرائيلي بـ”القوات” في محاولة لنزع الصفة الرسمية والشرعية عن طرف المقاومة.

 

تجريم المقاومة

ويشكل التلاعب بالمصطلحات اللغوية حجر الزاوية في هذه الاستراتيجية، حيث تحاول وسائل الإعلام الغربية الكبرى مثل بي بي سي أيضًا وسي إن إن والغارديان، استبدال مصطلح “الشهيد”، الذي يحمل دلالات دينية ووطنية عميقة، بمصطلحات مثل “قتيل” أو “صريع”، بهدف تجريد هذه التضحيات من بعديها الرمزي والروحي وإضعاف أثرها النفسي على المجتمع الفلسطيني.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تم تصميم خطاب إعلامي كامل يقوم على إعادة تعريف الأحداث، بحيث تتحول الهجمات الإسرائيلية على المدن الفلسطينية إلى مجرد “تصعيد” أو “نزاع”، بينما تُعرض الخسائر الإسرائيلية بتفاصيل مروعة، مع التركيز على قصص المدنيين في الملاجئ، وتغييب متعمد لصورة الأطفال الفلسطينيين الضحايا، مما خلق انطباعًا مضللاً لدى الرأي العام الغربي بأن الفلسطينيين هم سبب النزاع، بينما الإسرائيليون ضحايا الظروف، وهو ما يفضي إلى قبول العنف على أنه دفاع مشروع.

هذا التحريف اللغوي لا يقتصر على الكلمات فحسب، بل يمتد ليشمل الإطار العام للسرد، حيث تربط الآلة الإعلامية الغربية مفهوم الشهادة بمفهوم الإرهاب، ويصبح كل استشهاد فعلًا إرهابيًا في نظر المتلقي الغربي، بينما يتم تصوير القتل الإسرائيلي كحق مشروع.

كما نرى كيف خصصت قناة CNN الأمريكية نسبة 80 % من وقتها لتغطية ما اسمته “معاناة الإسرائيليين” في الأسبوع الأول من الحرب، بينما تجاهلت تمامًا تقارير الأمم المتحدة المتتالية عن مجاعة حادة في غزة استمرت لستة أشهر متتالية للتعامي عن الكوارث الإنسانية التي يسببها الكيان الإسرائيلي المحتل.

 

روايات تخدم الأجندة الغربية

لا يقتصر التشويه المتعمد على وسائل الإعلام التقليدية مثل قنوات BBC وCNN وصحف like Guardian وNew York Times، بل يمتد ليشمل منصات التواصل الاجتماعي، حيث تنتشر الحسابات الوهمية المدعومة بأجندات موالية للاحتلال، والتي تغرّق الوسمات الخاصة بغزة بعشرات الآلاف من التغريدات والمنشورات التي تصوّر الشاب الفلسطيني المقاوم على أنه شخص “يائس” و”محبط” و”بدون مستقبل”، وأنه قد “أُحبط” من الحياة فقرّر “الانتحار” بدلاً من أن يختار القتال من أجل حياة كريمة.

وفي لبنان يصف الإعلام الغربي عمليات حزب الله المشروعة ضد مواقع الاحتلال بـ”الهجمات عبر الحدود” بينما يصف الغارات الإسرائيلية على القرى اللبنانية بـ”الضربات الدفاعية” لتبرير الخرق الإسرائيلي المتكرر للسيادة اللبنانية، كما يتم وصف استشهاد القادة الكبار في حزب الله بـ”القتل” بينما يُوصف مقتل الإسرائيليين بـ”الوفاة” في محاولة واضحة لنزع القدسية والرمزية عن تضحيات المقاومة.

تعمد الوسائل الإعلامية الغربية في التغطية الإعلامية على الإقصاء المتعمد للحقائق الجوهرية، حيث يتم تضخيم الروايات التي تخدم الأجندة الغربية وتهميش المعلومات التي تفضح سياسات العدوان، فمثلًا تركز تلك الوسائل على ما اسمته “هجمات الحوثيين” (قوات صنعاء) مع تجاهل متعمد للحصار الجائر والعدوان المستمر على اليمن منذ عشر سنوات كاملة، ويُوصف استهداف قوات صنعاء للسفن الإسرائيلية في البحر الأحمر بـ”القرصنة” مع تغييب متعمد لحق اليمن الطبيعي في الدفاع عن سواحله ومناصرة غزة المحاصرة.

كما يصور الإعلام الغربي والإعلام المساند للكيان عمليات استهداف الناقلات المتجهة إلى إسرائيل بأنها “تهديد للملاحة العالمية” مع تجاهل متعمد لحقيقة أن هذه العمليات تستهدف حصرًا السفن المتجهة إلى إسرائيل المحتلة وليس حركة الملاحة الدولية، بهدف حشد الدعم العسكري الدولي ضد المقاومة اليمنية.

وتخفي الآلة الإعلامية الغربية حقائق دقة الاستهداف حيث تعلن قوات صنعاء صراحة أن عملياتها تستهدف فقط السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية وتصدر تحذيرات مسبقة للسفن الأخرى لضمان سلامتها مع تسجيل صفر حالة استهداف لسفن غير متجهة إلى إسرائيل.

ويتغافل الإعلام الغربي السياق التاريخي المهمل المتمثل في الحصار البحري غير القانوني المفروض على اليمن منذ عام 2017 والذي أدى إلى منع دخول السفن المحملة بالغذاء والدواء متسببًا في أسوأ أزمة إنسانية في العالم حسب تقارير الأمم المتحدة، وتظهر الأرقام المجردة زيف ادعاءات تضخيم الخطر على حركة الملاحة العالمية حيث تستمر 95% من سفن الشحن التجاري في عبور البحر الأحمر بأمان.

كما يتم تجاهل تصريحات المتحدث الرسمي للقوات المسلحة اليمنية وتوصف تصريحات قيادات أنصار الله بأنها “خطابات تحريضية” لضمان عدم وصول رواية المقاومة للجمهور الغربي.

 

شيطنة المقاومة

وتمتد هذه الإستراتيجية إلى صناعة الصورة النمطية بهدف شيطنة المقاومة وربطها بصفات سلبية نمطية لتجريدها من شرعيتها الشعبية والوطنية، فمثلا يتم تكرار وصف إيران باستمرار بـ”الدولة الراعية للإرهاب” لتصويرها ككيان خارج على القانون الدولي، وتطلق صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية على فيلق القدس صفة “منظمة إرهابية” بينما تصف عملاء الموساد بـ”وكلاء الاستخبارات” في تطبيق صارخ للمعايير المزدوجة.

وفي العراق يتم تصوير الحشد الشعبي على أنه “مليشيات طائفية” مع تغييب متعمد لدوره المحوري والوطني في محاربة داعش الإرهابي، وتوصف عمليات المقاومة العراقية المشروعة ضد القواعد الأمريكية بـ”الهجمات على القوات الدولية” لتغييب صفة الاحتلال عن الوجود الأمريكي في العراق.

 

أجندات خبيثة

وتتصاعد آليات التضليل إلى مستوى تضخيم الخطر الوجودي عبر بث سيناريوهات مبالغ فيها وتهديدات غير واقعية لتبرير التدخلات العسكرية والسياسية ضد “محور المقاومة”، حيث تزعم التقارير الغربية في لبنان أن حزب الله يخزن أسلحة كيماوية في المناطق السكنية، ويدعي بعض المحللين الغربيين أن إيران تنشر صواريخ باليستية في لبنان “تهدد أوروبا” لتبرير أي عمل عسكري مستقبلي ضد لبنان.

وتمارس آليات الإقصاء والتهميش كسياسة ممنهجة لضمان هيمنة الرواية الغربية الإسرائيلية عبر منع ظهور الأصوات المخالفة، حيث يتم في غزة ولبنان منع المؤيدين للفلسطينيين من الظهور في برامج القنوات الغربية، وتُلغى مقابلات مع أطباء غزيين يروون فظائع الاحتلال، وتُصنَّف وسائل إعلام موالية للمقاومة مثل “الميادين” و”المنار” و”المسيرة” على أنها “قنوات إرهابية”.

وقد أصبحت ساحة المعركة الرقمية أداة فعالة في الحرب النفسية الرقمية من خلال التحيّز الخوارزمي والروبوتات السردية، حيث كشفت تحقيقات “غرايفيكا” عن وجود 300 حساب وهمي على منصة “إكس” تروج للرواية الإسرائيلية، وأن 40% من التغريدات تحت وسم #Gaza كتبتها حسابات آلية بهدف تزييف الرأي العام، كما تظهر التحقيقات أن الخوارزميات متحيزة بشكل صارخ حيث يحذف “تيك توك” 90% من الفيديوهات التي تظهر جرائم الكيان الصهيوني بحجة “المحتوى العنيف”، بينما يخفض “إنستغرام” وصول الحسابات التي تنشر عن المقاومة بنسبة 70 % في ممارسة واضحة لـ “الرقابة الخوارزمية”.

 

استراتيجيات تخويف

وتمتد الإستراتيجية الغربية إلى ترويج سردية الهزيمة وزرع اليأس الاستباقي في صفوف المؤيدين عبر التنبؤ المستمر بـ”الانهيار الوشيك” للمقاومة، حيث تزعم تقارير غربية عن اليمن أن “الحوثيين على حافة الانهيار” منذ عام 2015، وتتنبأ بسقوط صنعاء بشكل متكرر دون أن يتحقق ذلك.

وفي غزة تضخم التصريحات الغربية من قوة العدو بزعم أن “حماس ستنتهي خلال أيام” بينما استمرت المقاومة لسنتين، وتدعي تدمير 80% من أنفاق حماس دون تقديم أدلة، وفي لبنان تُطلق تحذيرات غربية بأن حزب الله “سيخسر كل شيء” في أي مواجهة مع إسرائيل.

وتُستخدم وسائل إعلام الغرب إستراتيجيات التخويف والردع النفسي عبر التهديدات والإنذارات المبالغ فيها كأداة لثني الدول عن دعم المقاومة، حيث تُوجَّه تهديدات غربية للعراق بـ”عواقب وخيمة” إذا طرد القوات الأمريكية، ويتم تصوير المقاومة العراقية على أنها “عملاء لإيران” وليسوا وطنيين، وفي إيران تُكرَّر التهديدات بعمل عسكري ضد المنشآت النووية، ويتم تضخيم البرنامج النووي الإيراني كـ”خطر وجودي” للاحتلال بهدف حشد الإجماع الدولي لفرض عقوبات أو توجيه ضربات عسكرية.

 

معايير مزدوجة

ويكشف الوجه المزدوج للمعايير الغربية عندما نجد أن الولايات المتحدة تفرض حظراً اقتصادياً على دول بأكملها دون اكتراث بالشعوب وإسرائيل تفرض حصارًا كاملاً على غزة منذ 17 عامًا بينما يفرض الغرب عقوبات تمنع وصول الأدوية والغذاء لشعوب بأكملها، وقد قامت الولايات المتحدة وبريطانيا بقصف اليمن 287 مرة خلال شهرين تحت ذريعة “حماية الملاحة” متسببتين في تدمير البنية التحتية للموانئ اليمنية مع استخدام الفيتو ضد قرارات دولية تدين هذا العدوان.

وتؤكد المبادئ القانونية الدولية أن لليمن الحق الكامل في الدفاع عن سيادته الإقليمية وأن عملياته تستهدف كيان محتل بينما يمثل الحصار المفروض على اليمن جريمة حرب حسب القانون الدولي.

 

حرب نفسية

وقد ظهرت ملامح واضحة في سلوك الإعلام الغربي منذ “طوفان الأقصى”، ما يعكس موقفاً مدعوماً بشكل شبه منسق مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، حيث يبرز الإعلام كأداة ضمن إطار الحرب النفسية، مكرّساً لتوصيفات وتصنيفات تخدم الأجندة الإسرائيلية، ويرى مصدر في التيار اليساري في الحزب الديمقراطي أن الإعلام الأميركي اتّبع “كتيّب تعليمات” موحّدًا أثناء تغطيته للأحداث في فلسطين، وهو ما اعتُبر دعمًا غير مباشر لسياسات إسرائيل، وتعتبر هذه المنظومة الإعلامية جزءًا من أدوات الحرب النفسية، توازي خطورتها العمليات الحربية المادية، وهي سلاح يقوم بتبنّي سردية مواتية لإسرائيل وتصويرها كطرف محق، وإسرائيل تستفيد من هذا التغطية الإعلامية التي تعزز موقعها وتبرر إجراءاتها.

ولقد أصبحت “السوشال ميديا” نقطة للشعوب الحرة والمقاومة، وينصح المراقبون والمختصون إلى تبني خطط استخدام ذكي لوسائل الإعلام الإلكتروني لصعوبة حجبه، وينبغي التركيز على مواقع إلكترونية سرفرها يستضاف في الصين مثلاً بدلاً من الاعتماد الكلي على حسابات في منصة “إكس” التي يمكن حجبها متى أصبحت فاعلة في محاربة الدعاية الإسرائيلية والغربية.

 

أهداف سياسية ممولة

في العادة، تكون المصادر الغربيّة في هذه الحملات مبهمة، مثل “أفادت تقارير” أو “تحدَّث ناشطون”، إلا أنَّ هذه المصادر تكون بالأغلب ذات أهداف سياسية مماثلة لأهداف الغرب أو مموَّلة بشكل مباشر من الولايات المتحدة، بهدف خدمة أهدافها الاستعمارية.

يشير الكاتب فؤاد الكيلاني إلى أن الإعلام في الغرب يمثل أداة استعمارية ضد التحرّر، وعلى مدى العقود الماضية، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، كان للغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، باع طويل في تشويه الخصوم والقوى المناهضة لهم في العالم، وكل الراغبين في الاستقلال عن الهيمنة الغربية الرأسمالية، من خلال حملات إعلامية تهدف إلى تهيئة الرأي العام الغربي والأميركي لفرض العقوبات واغتيال الشخصيات البارزة، وصولاً إلى شن العدوان، من خلال تلفيق الاتهامات بجرائم ضد الإنسانية، عبر تقارير مشبوهة وإخفاء الحقائق والترويج لهذه الادعاءات في الإعلام التقليدي والسينما والمسلسلات والبرامج الكوميدية وكل الوسائل المتاحة، وهو ما حدث مع كوبا للحفاظ على رأي عام مؤيد للحصار الأميركي، ومع الرئيس المصري جمال عبد الناصر ضمن خطة “أوميغا” بعد تأميم قناة السويس.

ويشير إلى أن هذه الحالات التشويهية هي جزء من السياسة الاستعمارية الحديثة التي مارسها الغرب على كلِّ الأمم والشعوب التي حاولوا غزوها والهيمنة عليها ونهب ثرواتها، من فيتنام إلى العراق إلى فنزويلا، منذ نهاية الحرب العالمية، لافتًا إلى أن المصادر المشبوهة في هذه الحملات تكون بالأغلب مموّلة بشكل مباشر من الولايات المتحدة، مثل “إذاعة آسيا الحرة” التي تملكها الوكالة الأميركية للإعلام العالمي، أو تعتمد على جهات معادية، مثل استخدام صور وفيديوهات في سوريا لاتهام الحكومة باستخدام الأسلحة الكيمائية.

 

دول عربية في خدمة الغرب

ولطالما كان لبعض الدول العربية دور في التحريض على خصوم الولايات المتحدة والغرب منذ الحرب الباردة، فكانت تساهم في تشويه الاتحاد السوفياتي لمصلحة الغرب، لكنها كانت تستخدم أساليب مختلفة أكثر تأثيرًا في متابعيها، خصوصًا العمل على الوتر الديني، فاعتبر الاتحاد السوفياتي عدو الإسلام ومحاربة الشيوعية وشيطنتها، حتى إذا كان العدو مسلماً وعربياً مثل جمال عبد الناصر، وكان أهمّ هدف من أهداف الإعلام التابع لهذه الدول هو التحريض عليه، ولاحقًا على خصوم آخرين للغرب مثل سوريا والعراق وإيران.

ولهذه المساهمة غايات عدة، أهمها تجنيد العرب والمسلمين لخوض حروب الولايات المتحدة بدلاً منها، بحجة نصرة الإسلام، بينما هي تخاض ضد خصوم الغرب الذين لم يكن لهم عداء مع العرب.

وقد بدأت هذه الحروب ضد خصوم الولايات المتحدة باسم الإسلام بدعم الجماعات الإسلامية المسلحة في أفغانستان، ثم تكرر الأمر في الشيشان، ومؤخرًا في سوريا والعراق، حيث رُوِّجت الأفكار المعادية لإيران وكل حلفائها، ما أسهم في الحرب على سوريا وظهور جماعات متطرفة مثل “داعش” و”النصرة”.

لكن هذه الدول والجماعات في العالم العربي لم تحشد المسلحين للقتال في فلسطين ضد العدو الإسرائيلي، ولم تدعُ إلى “الجهاد” نصرةً لفلسطين، كما فعلوا في سوريا ضد محور المقاومة، وفي أفغانستان ضد السوفيات.

وقد بدأت هذه الدول العربية والجماعات الإسلامية نفسها اليوم بالتحريض على خصم الولايات المتحدة الأبرز، وهو الصين، بحجّة نصرة المسلمين الإيغور في شينجيانغ، متجاهلين أن ما يُدَّعى ضدهم ليس أبشع مما يمارسه حلفاء الغرب ضد الشعب الفلسطيني والشعب اليمني.

 

إستراتيجية رسمية ممنهجة

تؤكد جميع الشواهد أن التضليل الإعلامي الغربي ليس عشوائيًا، بل هو إستراتيجية ممنهجة ومحكمة مدعومة رسميًا، تستخدم أدوات تكنولوجية متطورة، وتستهدف خلق رأي عام معادٍ للمقاومة وتمهد للعدوان العسكري والاقتصادي.

لكن فشل هذه الحملات يتجلى في تصاعد التأييد العالمي للقضية الفلسطينية، وفشل الحصار على اليمن على مدى عشر سنوات، وتعاظم القوة العسكرية والردعية للقوات اليمنية.

وهو ما يؤكد أن الرواية القائمة على الحقيقة والتضحية قادرة على الصمود في وجه آلة الدعاية، وأن الانتصار في معركة الوعي هو جزء لا يتجزأ من انتصار المقاومة على الأرض.

وفي خضم هذه المعركة المعقدة، يتضح أن مواجهة التضليل الإعلامي الغربي تتطلب استراتيجية متكاملة تشمل إنتاج محتوى احترافي متعدد اللغات، استخدام مصطلحات القانون الدولي مثل “جرائم الحرب” و”الإبادة الجماعية” في الخطاب الإعلامي، استثمار أدوات الذكاء الاصطناعي لرصد الحملات الدعائية وكشف الحسابات الوهمية، وتعزيز الإعلام المقاوم على الأرض والرقمي، وكلها أدوات ضرورية لضمان أن يبقى الوعي المقاوم عالميًا صلبًا، وأن تضحيات الشهداء تحافظ على قيمتها الرمزية والأخلاقية أمام محاولات التحريف والتشويه.

قد يعجبك ايضا