المصدر الأول لاخبار اليمن

هل يستطيع الاقتصاد الأزرق إنقاذ اليمن؟

صنعاء| وكالة الصحافة اليمنية

 

قال موقع ” امباكتر” الدولي في تقرير نشره اليوم الأربعاء، إن الثروة البحرية في اليمن، تُعد كنزًا زاخرًا بالفرص، ومصدرًا لإمكانات هائلة لأمة تائهة في بحر من الصراعات، ويمكن لاقتصاد أزرق مُنعش أن يكون محركًا قويًا للتنويع الاقتصادي، وخلق فرص العمل، وتحقيق الأمن الغذائي.

وتابع الموقع : لكن رحلة إطلاق هذه الإمكانات محفوفة بالمخاطر. فاضطرابات عدم الاستقرار السياسي، وبنية تحتية متهالكة، وأزمة إنسانية خانقة، تُهدد بتبديد أي أمل في انتعاش يقوده الاقتصاد الأزرق.

أفق مشرق: بحرٌ من الفرص

لا شك أن جاذبية الاقتصاد الأزرق لليمن لا تُنكر. ففوائده المحتملة هائلةٌ كضخامة المحيط نفسه:

في دولةٍ تعتمد بشكلٍ مفرط على قطاعٍ نفطيٍّ متناقصٍ ومُثقلٍ بالصراعات، يُتيح الاقتصاد الأزرق مسارًا حيويًا للتنويع. فمن خلال تطوير مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية والتجارة البحرية، يُمكن لليمن بناء أساسٍ اقتصاديٍّ أكثر مرونةً واستدامةً، وأقل تأثرًا بصدمات أسواق الطاقة العالمية والصراعات الداخلية.

من شأن تطوير اقتصادٍ أزرقٍ نابضٍ بالحياة أن يُولّد موجةً من فرص العمل الجديدة، من الصيادين ومزارعي الأسماك إلى عمال الموانئ والعاملين في قطاع السياحة. وهذا لن يُوفر شريان حياةٍ لآلاف الأسر فحسب، بل سيُساعد أيضًا في معالجة البطالة المُتفشية التي تُؤجج الاضطرابات الاجتماعية وعدم الاستقرار.

وقال التقرير إنه في بلد يعاني من الجوع يوميًا، يُقدم الاقتصاد الأزرق حلاً ملموسًا، فمن خلال إدارة مصائد الأسماك بشكل مستدام وتطوير قطاع تربية الأحياء المائية المزدهر، يمكن لليمن تعزيز إنتاجه الغذائي المحلي بشكل كبير، مما يوفر حلاً مستدامًا قائمًا على الاكتفاء الذاتي لأزمة إنسانية مُدمرة.

لا يقتصر الاقتصاد الأزرق على الاستغلال فحسب، بل يشمل أيضًا الإدارة الرشيدة. ومن خلال تبني مبادئه، سيلتزم اليمن بالإدارة المستدامة لموارده البحرية، وحمايتها من ويلات الصيد الجائر والتلوث وتدمير الموائل.

وهذا ليس مجرد ضرورة بيئية؛ بل هو وعد للأجيال القادمة بالحفاظ على إرثهم الطبيعي.

وأشار الموقع إلى أنه يمكن للاقتصاد الأزرق المزدهر أن يكون بمثابة تذكرة عودة اليمن إلى الصدارة الإقليمية والعالمية، ومن خلال تنشيط قطاعه البحري، يمكن لليمن أن يُعيد ترسيخ مكانته كلاعب رئيسي في البحر الأحمر وبحر العرب، مما يعزز التعاون والتكامل، ويعزز مكانته الجيوسياسية.

وتطرق التقرير إلى عاصفة التحديات، التي تحجب رؤية الاقتصاد الأزرق في اليمن حاليًا بفعل العاصفة.

وواصل الموقع: هذه هي الغيمةُ الأكثر قتامةً في أفق اليمن. لقد خلقت الحرب المطولة بيئةً من انعدام الأمن الشديد، ومشهدًا يخشى الاستثمار، المحلي والدولي، من خوضه. يُصبح التخطيط طويل الأمد، وهو حجر الأساس للاقتصاد الأزرق، وهمًا قاسيًا عندما تتغير الظروف باستمرار.

يتطلب التنفيذ الفعال للاقتصاد الأزرق بحسب الموقع، رؤيةً موحدةً، وحوكمةً متكاملةً، وتنسيقًا سلسًا. ومع ذلك، فإن اليمن سفينةٌ بلا قبطانٍ واضح، وسلطتها مُجزأة، وسيادة قانونها ضعيفة، وقدراتها المؤسسية على إدارة الموارد البحرية المعقدة محدودةٌ للغاية. هذا الفراغ يعيق التنظيم والرصد والتنفيذ الفعال، مما يجعل المحيط عُرضةً للخطر.

وعن الحرب على اليمن، فقد خلّفت دمارًا هائلًا، دُمّرت الموانئ الرئيسية، وموانئ الصيد، ومرافق المعالجة، وشبكات النقل، وأنظمة الطاقة – وهي شرايين الاقتصاد البحري. إن إعادة بناء وتحديث هذه المكونات الأساسية ليست مجرد طموح؛ بل هي شرط أساسي لا غنى عنه لأي صناعة بحرية لتتجذر وتزدهر.

وفي بيئة عالية المخاطر تعاني من عدم استقرار اقتصادي عميق، يُعدّ جذب رأس المال اللازم لمبادرات الاقتصاد الأزرق مهمة شاقة. ورغم إدراك مجتمع الاستثمار العالمي للإمكانات الكامنة، إلا أنه يتجنب هذه البيئات المتقلبة. يواجه اليمن فجوة استثمارية كبيرة، وهي هوة يجب سدها باستراتيجيات تمويل مبتكرة وتخفيف المخاطر.

حتى قبل الحرب، عانت البيئة البحرية في اليمن من آثار الصيد الجائر والتلوث (من النفايات البلاستيكية إلى الانسكابات النفطية) وتدمير الموائل. ولم تُفاقم الحرب هذه الجروح إلا تعقيدًا وإلحاحًا، مما جعل جهود الإدارة والترميم المستدامة أكثر تعقيدًا وإلحاحًا، وتتطلب موارد كبيرة وعملًا منسقًا.

مع وجود أكثر من مليوني شخص في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية، غالبًا ما تُلقي الحاجة الملحة للبقاء بظلالها على أهداف التنمية طويلة الأجل وتُحول الموارد عنها.

لا يمكن للاقتصاد الأزرق أن يزدهر إذا كان شعبه يتضور جوعًا؛ فمواجهة هذه الأزمة شرط أساسي لأي انتعاش اقتصادي مستدام، إذ إن وجود سكان أصحاء ومستقرين أمر ضروري للمشاركة الاقتصادية.

إن البيانات الشاملة والمحدثة عن الموارد البحرية في اليمن، والصحة البيئية، والإمكانات الاقتصادية، لا تزال تفتقر بشدة، ويؤدي هذا الغياب للمعلومات الموثوقة إلى إعاقة شديدة لعملية اتخاذ القرارات المستنيرة والتخطيط الفعال واستراتيجيات الإدارة التكيفية التي تعد ضرورية لتنمية الاقتصاد الأزرق المستدام.

التقرير خرج بثلاث توصيات أولها المرحلة الفورية (الاستقرار)، والمرحلة المتوسطة الأجل (التعافي وبناء القدرات)، والمرحلة طويلة الأجل (النمو المُستدام والتنويع).

قد يعجبك ايضا