تتزايد التحذيرات بشأن مشروع القرار الأمريكي المطروح اليوم (الاثنين) للتصويت في مجلس الأمن، والخاص بنشر قوة دولية في قطاع غزة، وبينما تصوّر واشنطن هذا المشروع كخطوة نحو “الاستقرار”، يرى محللون وسياسيون فلسطينيون أنه يحمل مخاطر كبيرة، ويمهّد لمرحلة جديدة من الوصاية والتدخل الخارجي، ما قد يفاقم الصراع بدل حله .
ووفق ما نقلته وكالة “شهاب” عن المحلل السياسي الفلسطيني فأن المشروع يمثل محاولة لفرض إشراف دولي على الفلسطينيين، مستغلاً حالة التعب التي خلفتها الحرب حيث تبني الولايات المتحدة قرارها على اعتقاد بأن الفلسطينيين سيقبلون بأي صيغة تمنع عودة المواجهات، مشيراً إلى أن ذلك يعكس رؤية غربية تعتبر الفلسطيني “مطواعًا” وعليه قبول أي حلول خارجية .. مضيفا أن المشروع يهدف إلى تكريس وجود غربي مستمر في غزة، وفتح الباب لتشكيل منظومة حكم فلسطينية تتوافق مع المصالح الخارجية .
من جهته شدد الدكتور محسن صالح، مدير مركز الزيتونة للدراسات، على أن المشروع يمثل “تكريسًا للوصاية والاستعمار”، ويشكل انتهاكًا لحقوق الفلسطينيين السياسية والقانونية، بما في ذلك حقهم في تحرير أرضهم وتقرير مصيرهم.
ووفق صالح فأن المقترح يتجاهل القرارات الدولية التي تعترف بحق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال، ويعتبر ترجمة مباشرة للمطالب “الإسرائيلية” وإضعافًا للنضال الفلسطيني ، وتنفيذه لن يؤدي للاستقرار بل سيؤجج الأوضاع، لأن الشعب الفلسطيني يرفض أي وصاية خارجية .
من جانبه، أوضح صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية “حشد”، أن مشروع القرار يحمل تداعيات قانونية وسياسية خطيرة، إذ يهدف إلى إدارة مرحلة ما بعد الحرب وفق رؤية أمنية وسياسية أمريكية–”إسرائيلية” مع إدخال تعديلات عربية محدودة، لكنه يبقى قائمًا على هيمنة واضحة، ويربط الحقوق الفلسطينية بالإعمار والإصلاح الداخلي، إضافة إلى اشتراط انسحاب “إسرائيلي” مرتبط بنزع سلاح المقاومة، ما يفتح الباب لصدام محتمل” .
وحسب عبد العاطي فأن المشروع الروسي–الصيني يشكل بديلًا أكثر اتساقًا مع القانون الدولي، ويطالب بوقف شامل للنار وانسحاب “إسرائيلي” كامل بإشراف أممي مستقل.
ويبين عبد العاطي أن موازين القوى تظهر تأثيرًا أمريكيًا كبيرًا، في مقابل تحرك روسي–صيني يحدّ من التفرد الأمريكي، بينما يميل الموقف الأوروبي بين الالتزام الأخلاقي والسياسي مع واشنطن.
وحذّر من أن المخاطر على الفلسطينيين تشمل: إدارة انتقالية أمريكية تُهمّش تمثيلهم الوطني، استمرار السيطرة الأمنية “الإسرائيلية”، ربط المساعدات بشروط سياسية، واستمرار حالة الانقسام الداخلي، أما البديل الروسي–الصيني–الجزائري فيتضمن وقفًا فوريًا لإطلاق النار، انسحابًا كاملًا، حماية دولية مستقلة، فتح المعابر تحت إشراف أممي، ومسارًا سياسيًا يستند لقرارات الأمم المتحدة مع تضمين آليات المحاسبة الدولية.
وأوضح أن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو تمرير مشروع أمريكي بصيغة معدّلة جزئيًا، في ظل معلومات عن احتمال امتناع روسيا والصين عن استخدام الفيتو، ما يمنح القرار “شرعية شكلية”.
وأوصى بضرورة استثمار المواقف الدولية لفرض تعديلات جوهرية تضمن وقف النار والانسحاب الكامل ومنع الابتزاز السياسي في ملف الإعمار.
أما المحلل السياسي فراس ياغي، فأكد أن القوة الدولية المقترحة تشبه “قوة احتلال جديدة”، وليست قوة حفظ سلام تقليدية كما في لبنان أو الجولان، إذ ستعمل داخل غزة بصلاحيات واسعة.
وأضاف أن الفصائل الفلسطينية سبق أن قبلت بقوة مراقبة على الحدود، لكن المقترح الحالي يجعل القوة تعمل بتنسيق مباشر مع الاحتلال ..