المصدر الأول لاخبار اليمن

مشاركة “قوات يمنية” ضمن مخطط ترامب في غزة.. بين الضغوط الأمريكية ومخاطر التصعيد

تحليل| عبدالكريم مطهر مفضل | وكالة الصحافة اليمنية

تظهر معطيات دبلوماسية وسياسية متقاطعة أن الحكومة اليمنية الموالية للتحالف السعودي الإماراتي الأمريكي تلقت طلباً أميركياً رسمياً للمشاركة بقوات عسكرية في “القوة الدولية” المزمع نشرها في قطاع غزة بهدف العمل ضمن ترتيبات أمنية متعلقة بمرحلة ما بعد العدوان.

وبحسب ثلاثة مصادر رفيعة تحدثت لوكالة “فرانس برس”، بينها عضو في مجلس القيادة الرئاسي ومسؤول عسكري كبير ودبلوماسي في إحدى العواصم الخليجية، إن حكومة العليمي لم تتخذ قرارها النهائي حتى الآن، وأن المشاورات ما تزال قائمة داخل الأطر السياسية والعسكرية، وسط تقييم للمكاسب السياسية المتوقعة مقابل المخاطر الأمنية المحتملة.

ونقلت وكالة “فرانس برس” عن الثلاثة المسؤولين، أن أي مشاركة مرجحة ستكون «محدودة ورمزية»، وقد تشمل ضباطاً أو جنوداً في غرف القيادة والسيطرة أو وحدات الدعم اللوجستي، دون إشراك القوات اليمنية في عمليات ميدانية داخل غزة.

ووفق المصادر نفسها، فإن الضغوط السياسية على حكومة العليمي “كبيرة”، ما يجعل رفض المشاركة “أمراً بالغ الصعوبة»، خصوصاً في ظل اعتماد الحكومة على الدعم الأميركي والخليجي في الجانب العسكري والمالي.

وفي أول تعليق من قوات صنعاء على الخبر قال مستشار وزارة الدفاع اليمنية العميد محمد الشريف في تصريح خاص لوكالة الصحافة اليمنية : “نفهم من تصريحات المسؤولين في حكومة الارتزاق والخيانة أن واشنطن لا تريد قوات عربية تقاتل على الأرض، لكنها تريد من الدول العربية الحليفة للولايات المتحدة وكيان الاحتلال أن تتحمل جزءًا من مشهد ما سيحدث من أعمال عنف ومجازر جديدة متوقعة في قطاع غزة خاصة بعد تأكيد فصائل المقاومة الفلسطينية، أن نزع سلاحها خط أحمر وأنها ستتعامل مع القوة الدولية كقوة احتلال”.

 

لماذا واشنطن مهتمة بضمّ اليمن؟

يطرح طلب واشنطن من قوات يمنية المشاركة سؤالًا جوهريًا: ما الذي يجعل فصائل عسكرية منهكة وفشلت في حرب داخلية منذ عشر سنوات مرشحة للانتشار في حرب أخرى خارج حدودها؟

وفق خبراء عسكريين أمريكيين، هناك أربعة دوافع رئيسية قد تفسر السعي الأميركي لضم اليمن إلى القوة الدولية المقبلة:

حكومة العليمي تعد أحد الأطراف المشاركة في التحالف السعودي الإماراتي الأمريكي، ما يعتبرها “شريكًا استراتيجيًا” للولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي.

الفصائل العسكرية لحكومة العليمي التي تُدار عسكريًا وأمنيًا من التحالف تُعد حليفاً استراتيجياً لواشنطن والرياض وأبو ظبي.

مشاركة يمنية – حتى لو رمزية – ستمنح القوة الدولية “غطاءً عربيًا موسعًا” مقابل الانتقادات المتوقعة.

ترسل أيضًا رسالة سياسية مضادة لقوات صنعاء الذين قدموا أنفسهم كطرف داعم للمقاومة الفلسطينية، بأن الشعب اليمني ليس بالكامل مع غزة.

اختبار لمدى توجه الحكومة التابعة للتحالف نحو تموضع كامل داخل الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة.

 

الخشية الأكبر

مصادر عسكرية واستخبارية ترى أن مشاركة الحكومة الموالية للتحالف في قوة دولية بهذا السياق لن تكون مجرد خطوة عسكرية عادية، بل قد تكون عامل تفجير جديد في مسار الحرب على اليمن.

فالحكومة اليمنية في صنعاء تبنّت منذ بداية العدوان على غزة خطاباً مناهضاً لـ”المعسكر الأميركي–الإسرائيلي”، وقامت بعمليات بحرية وصاروخية ضد سفن ومصالح مرتبطة بالكيان الإسرائيلي في فلسطين المحتلة أو ضد الوجود العسكري الأميركي والبريطاني في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

وبهذا المعنى، قد تُفسَّر مشاركة القوات اليمنية الموالية للتحالف في قوة دولية تعمل تحت قيادة أميركية بأنها:

اصطفاف رسمي إلى جانب واشنطن في أهم ملف إقليمي عسكري حالياً والمتمثل بحماية الاحتلال الإسرائيلي

دخول مباشر – ولو غير قتالي – في عملية عسكرية تُقدَّم شعبياً على أنها خدمة لـ”إسرائيل”

إعطاء قوات صنعاء مبرراً لاستهداف مواقع الفصائل المسلحة التابعة للحكومة التابعة للتحالف أو قوات التحالف في البحر الأحمر.

إذ قد يؤدي إلى: ارتفاع وتيرة هجمات قوات صنعاء في البحر الأحمر، واستهداف قوات يمنية تابعة للحكومة أو مواقع التحالف، أو توسع الاشتباك البحري–الجوي على نحو غير مسبوق منذ سنوات.

يقول العميد الشريف: إن التهديدات السابقة للفصائل الفلسطينية باعتبار أي قوة دولية بكونها قوة احتلال هو قرار ساري المفعول لدي محور القدس وفي مقدمتها قواتنا المسلحة التي أكدت مراراً وتكراراً بأنها لن تتخلى في أي وقت عن فلسطين وعن المقاومة الفلسطينية وبأن أي قرار فلسطيني هو قرار يمني وهذا في حد ذاته كافياً لإظهار ما قد يحدث إذا شاركت فصائل المرتزقة ضمن القوات التي تشكلها واشنطن، مشيراً إلى أن أي خطوة من هذا النوع لن تكون بلا ثمن عسكري على الأرض.

 

لماذا هذا الملف حساس إلى هذا الحد؟

ملف المشاركة في قوة دولية تستهدف فصائل المقاومة الفلسطينية حساس جدا بالنسبة لحكومة العليمي لأن اليمن – بخلاف دول عربية أخرى – يعيش اصطفافًا داخليًا شعبياً وعسكريًا وسياسيًا مع مظلومية الشعب الفلسطيني والمشاركة في هذه القوة ستحول اليمن بين محورين إقليميين:

محور متحالف مع واشنطن و”إسرائيل”

ومحور متحالف مع المقاومة في غزة ولبنان

وبالتالي: أي انتشار عسكري يمني ضد حركة تحظى بتأييد قطاع واسع من اليمنيين سينتقل مباشرة إلى قلب الساحة الداخلية.

 

التحالف في موقف معقّد

تعقيد المشهد لا يقتصر على حكومة العليمي وحدها، فالسعودية والإمارات – الداعمتان الرئيسيتان للفصائل المسلحة – تواجهان أيضاً حسابات دقيقة: المشاركة اليمنية قد تبدو خطوة داعمة للرؤية الأميركية، لكنها في المقابل قد تعيد تأجيج المواجهة العسكرية مع قوات صنعاء بعد فترة من الهدوء النسبي في التصعيد.

وتشير تسريبات سياسية إلى أن الرياض قد لا تكون متحمسة لفتح جبهة صدام جديدة في مع قوات صنعاء، خصوصاً بعد أكثر من عامين من المفاوضات غير المعلنة مع صنعاء، وبعد الضربات التي نفذتها ضد مصالح سعودية حساسة في وقت لم تكن قوات صنعاء تمتلك ما تمتلكه اليوم من قوة صاروخية وسلاح طيران مسير متطور وفتاك.

أما أبوظبي، التي تربطها شراكات عسكرية واسعة مع الولايات المتحدة، فقد تنظر إلى المشاركة من زاوية مختلفة، لكنها تدرك أيضاً أن تصعيد قوات صنعاء في البحر الأحمر وهزيمة البحرية الأمريكية في تلك المعركة يمسّ خطوط الملاحة التي تعتمد عليها مباشرة.

وعليه يمكن القول، إن المعطيات المتاحة تُشير بوضوح إلى أن الطلب الأميركي لم يكن شكلياً، وأن حكومة العليمي تُناقشه بجدية. لكن المشاركة – حتى وإن كانت رمزية – تأتي في توقيت شديد الحساسية في اليمن، حيث تتداخل ملفات نصرة غزة ومواجهة المشاريع الأمريكية “الإسرائيلية” في المنطقة من طرف حكومة صنعاء، مع تبعية حكومة العليمي الموالية للتحالف وعلاقاتها الخارجية ضمن معادلة واحدة.

 

قد يعجبك ايضا