المصدر الأول لاخبار اليمن

صفقات واشنطن المقيدة.. من تجربة ماليزيا الى صفقة 35-F للسعودية

تقرير | وكالة الصحافة اليمنية

في مقابلة بثتها قناة الجزيرة في برنامج “شاهد على العصر” في مايو 2020، كشف رئيس الوزراء الماليزي الأسبق مهاتير محمد عن معلومات حسّاسة تتعلق بصفقات السلاح التي تبيعها الولايات المتحدة لدول مختلفة من بينها ماليزيا.

وأكد مهاتير في المقابلة أن واشنطن باعت ماليزيا طائرات منزوعة الشفرات والأكواد الاساسية، وهي الشفرات التي تُعد جوهر قدرات الطائرة القتالية. ونتيجة لذلك، أصبحت الطائرات محدودة القدرات وغير قادرة على أداء مهام قتالية حقيقية، مما اضطر ماليزيا إلى استخدامها فقط في العروض الجوية والاستعراضات.

وأضاف مهاتير محمد، أن ماليزيا لم تكن قادرة على تشغيل الطائرات بأقصى طاقتها إلا بإذن أمريكي أو عبر استقدام مبرمجين أمريكيين لإدخال الشفرات اللازمة، وهو أمر مكلف ومعقد.

ووفق مهاتير محمد فان الولايات المتحدة تتعمد الاحتفاظ بالسيطرة التقنية على الأسلحة التي تصدّرها، بحيث تستطيع تقييد استخدامها أو إيقافه من خلال التحكم في الأكواد البرمجية.

وحسب مهاتير محمد فان السلاح الأمريكي – خصوصًا الطائرات المتطورة – يكون فعالاً فقط للدول التي تسمح لها واشنطن بالحصول على الشفرات الكاملة، مثل “إسرائيل” وبعض الدول الأوروبية، “أما العرب فلا يحصلون على هذه الصلاحيات” .

وقالها مهاتير محمد بصراحة  :  هذه الطائرات لا تصلح إلا للعروض البهلوانية، ولا يمكن استخدامها دفاعياً أو هجومياً إلا بإذن أمريكي، لأن الشفرة المشغّلة لدى الأمريكيين.

 

السعودية وصفقة طائرات “اف 35”

اليوم وبعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موافقته على بيع طائرات 35-F  المتطورة للسعودية برزت تساؤلات عديدة :

هل ستتكرر تجربة ماليزيا؟

هل ستبيع واشنطن الطائرات للسعودية بشروط تقنية مشابهة، بحيث تكون غير مفعّلة بالكامل أو منقوصة الشفرات؟

ما جدوى الصفقة إذا كانت الطائرة لا تعمل بكامل قدراتها؟

إذا كانت الرياض لا تستطيع تشغيل المنظومة القتالية الكاملة للطائرة إلا بإذن أمريكي، فإن قيمة الطائرة تتراجع إلى مستوى تقني منخفض، وقد تقترب من كونها منصة استعراض أكثر منها قطعة قتالية حقيقية.

من يتحكم بالقرار العملياتي للطائرة؟

في حال احتفظت واشنطن بالقدرة على التحكم في البرمجيات أو تحديثاتها، فإن هذا يعني أن اتخاذ قرار الاستخدام الفعلي يظل مرهونا بواشنطن.

هذه التساؤلات تصبح أكثر جدية إذا ما أخذنا تصريحات مهاتير محمد كمرجع، مع الأخذ بالاعتبار أن السلاح الأمريكي غالبًا يُباع ضمن قيود تقنية صارمة تختلف من دولة لأخرى.

 

 

تأكيد “إسرائيلي”

ما يعزز فكرة أن الولايات المتحدة تتحكم فعليا في قدرات الطائرات التي تصدّرها، هو ما ورد في الاعلام العبري  – وما تحدث به الكاتب الاسرائيلي، باراك رافيد، على القناة الـ 12  ، حيث قال إن “الهستيريا الإعلامية” في “إسرائيل” حول صفقة طائرات “اف 35”  مع السعودية مبالغ فيها كما حدث عند بيع طائرات اف 35 للأمارات في الـ 2020 .

 وحسب باراك رافيد فانه حتى لو حصلت السعودية على الطائرة، ستظل الولايات المتحدة قادرة على تقييد كيفية استخدامها، وهو ما يجعل التفوق الجوي “الإسرائيلي” غير مهدد ، وبهذا يصبح كلام (باراك رافيد)  تأكيدًا عمليًا وحديثًا لكلام مهاتير محمد قبل سنوات.

وتظهر تصريحات مهاتير محمد عام 2020، وما أكده الاعلام العبري حول صفقة طائرات اف 35 مع السعودية ان سياسية واشنطن في بيع السلاح المتطور قائمة على التحكم التقني و“نزع الشفرات” أو تقييدها، لضمان عدم استخدام هذه الأسلحة بما قد يخلّ بموازين القوى التي تريدها الولايات المتحدة في المنطقة، وخاصة فيما يتعلق بتفوق “إسرائيل” العسكري.

وبالتالي فان أي صفقة طائرات متطورة – بما فيها “اف 35” ، لا تقاس بثمنها المالي أو بتقارير مواصفاتها العالمية، بل بمستوى التحكم الفعلي الممنوح للدولة المستوردة فإذا بقيت الشفرات أو البرمجيات الأساسية تحت السيطرة الأمريكية، تصبح الطائرة أداة منقوصة القدرات، لا تعمل بكامل طاقتها إلا بموافقة واشنطن.

هذه المعطيات تجعل من الضروري تقييم جدوى أي صفقة سلاح أمريكية ليس فقط من منظور تقني، بل من منظور استقلالية الاستخدام والسيادة العملياتية للدولة التي تشتري السلاح.

قد يعجبك ايضا