المصدر الأول لاخبار اليمن

أبناء مهجورون يبحثون عن آبائهم السعوديين.. أكثر من 100 حالة بالولايات المتحدة

تقرير/وكالة الصحافة اليمنية//

“أين أبي؟ أريد أن أراه”.. عبارة تلخص حالة أكثر من 100 من أبناء سعوديين أنجبوا من علاقات عاطفية خارج إطار الزواج الرسمي، ثم تنكروا لأبنائهم بعد مغادرتهم الولايات المتحدة وعودتهم إلى المملكة.

هكذا سلط تحقيق لشبكة ABC الأمريكية الضوء على ما كشفته مدونة تسمى Saudi Children Left Behind، وهي منصة تشجع الأطفال وشركاء العلاقات العاطفية السابقين من الرجال السعوديين على نشر قصصهم عن “الهجر”، على أمل أن يتم التواصل معهم وإعادة وصلهم بأبنائهم.

المدونة أنشأتها “جينيفر كريستال” عام 2012 عندما تخلى عنها شريكها السعودي “سلطان” وتركها لرعاية ابنهما “جوزيف” دون عودة.

كان “جوزيف” يعاني من مشاكل طبية معقدة وكانت “جينيفر” بحاجة ماسة إلى العثور على معلومات وراثية من عائلة “جوزيف” السعودية، لذلك قامت بإنشاء مدونة.

وأحدثت المدونة ضجة إعلامية في السعودية، إذ إن إنجاب طفل خارج إطار الزواج أمر غير مقبول في المملكة المحافظة، التي لم تعترف حكومتها أبدًا بظاهرة تخلي السعوديين عن أطفالهم في دول أجنبية.
لكن منظمة غير حكومية تُدعى “أواصر” أخذت على عاتقها مساعدة العائلات السعودية في الخارج، بما في ذلك تلك التي هجرها الآباء.

جاريد موريسون

“جاريد موريسون” واحد من هؤلاء، حيث كان يعلم منذ صغره أنه مختلف عن الأطفال الآخرين في بلدته التي يقطنها سكان من البيض، بينها هو داكن البشرة.
نشأ “جاريد” وهو يعتبر جده لأمه بمثابة أبيه، لم تخبره أمه بالحقيقة إلا عندما بلغ السابعة من عمره، وهي أن والده الحقيقي في المملكة العربية السعودية.
في منتصف السبعينيات، كانت “كارين”، والدة “جاريد”، تدرس التمريض في كلية كلارك بولاية واشنطن عندما التقت بطالب شاب من السعودية، وجدته مهذبًا، ومرحًا وحسن الملبس، فاستمتعت معه بـ “رومانسية جامعية” حتى حملت منه فجأة.
وهنا تغير كل شيء، ترك الشاب السعودي شريكته وعاد إلى السعودية، ولم يكن لدى “كارين” أي وسيلة للاتصال به، لكنها كانت مصممة على تعريف ابنها بثقافة والده.
يقول “جاريد” عن شعوره إزاء فقدان والده: “عندما كنت طفلاً صغيراً، شعرت أنه كان هناك جزء مني مفقود، كنت متشوقا للتواصل معه”.


في النهاية، تمكن “جاريد” من الحصول على رقم هاتف والده في الرياض، وعندما اتصل به أنكر والده في البداية أنه يعرف والدته، لكن الابن أدار معه حوارا جعله في النهاية يعترف بأبوته.
ورغم ذلك، أجاب الأب السعودي على سؤال ابنه: “هل لديك أي رغبة أو نية في أن تعرفني على الإطلاق؟” بالقول: ” أنا آسف، ولكن لا”.
وعبر “جاريد” عن دهشته من الرفض، قائلا: “لقد أذهلني أن شخصًا ما يمكن أن ينطفئ لديه تمامًا مثل هذا التحول العاطفي. لا يزال غريبًا بالنسبة لي حتى يومنا هذا”.
في سن 45، قرر “جاريد” أنه لم يعد بإمكانه الانتظار، واتجاه لمحاولة الاستفادة من نظام التأشيرات السياحية الجديد في السعودية، واستقل طائرة متوجهة إلى مدينة جدة، بوابة مدينتي مكة والمدينة المقدستين، ووطن أجداده.

ترك “جاريد” رسائل لأقارب لم يلتق بهم من قبل، وأخبرهم أنه قد جاء، وانتظر ردهم، والتقى بالعالم الديني “صادق المالكي”، الذي حذره من صعوبة مقابلة والده، قائلا: “أود أن أقول لك إن واحدًا من كل 100 سعودي يذهبون إلى الولايات المتحدة لديه قصة مماثلة”.
وبعد يومين، وافق ابن عم “جاريد” على لقائه، وفي صباح اليوم التالي للاجتماع، وهو ما عبر عنه الأخير بقوله: “لقد كان حقًا مجرد حلم مدى الحياة أن تكون قادرًا على تحقيق ذلك، ولمس هذا الشخص والنظر إليه”.
أخبره ابن عمه أنه سيحاول تعريفه بأسرته المباشرة، لكنه حذر من أن القيام بذلك “سيخلق صعوبات داخلية مؤلمة”، في إشارة إلى المآلات القانونية التي يمكن أن يتعرض لها والده حال الاعتراف بأبوته رسميا في المملكة.
وإزاء ذلك، علق “جاريد”: “أفهم كثيرًا بالتفصيل الثقافة هنا وثقافة عائلته، والرعب المطلق الذي شعر به والدي من عائلته وكذلك مجتمع، لذا بدأت أشعر بالتعاطف مع والدي. لم أفكر مطلقًا في أنني سأقول ذلك”.
ترك “جاريد” السعودية.. لم يقابل والده، لكنه ظل عازمًا على الاستمرار في المحاولة على أمل أن يحصل الأطفال المهجورون على نفس الفرصة يومًا ما.

سامي الراجحي

“سامي الراجحي تشانج”، البالغ من العمر 10 أعوام، طفل آخر من هؤلاء، يذهب إلى تعلم اللغة العربية في المسجد المحلي في مدينة جواتيمالا، على أمل أن يلتقي في يوم من الأيام بوالده السعودي.
كان والد سامي “سليمان الراجحي” يدرس في منحة الملك عبد الله في الولايات المتحدة عندما التقى بطالبة علم النفس الجواتيمالية “ماندري تشانج”، وأقام معها علاقة استمرت هادئة حتى اكتشفت أنها حامل.
وهنا قرر “الراجحي” الذهاب إلى السعودية، زاعما أنه سيسافر لمدة أسبوعين لزيارة عائلته، لكنه ذهب ولم يعد.
وصفت “ماندري” حالتها النفسية إزاء ذلك قائلة: “أنا أعتبر نفسي امرأة قوية. أنا لا أبكي عادة. لكن في تلك الفترة الزمنية بكيت كثيرًا”.
وأضافت: “اعترف سليمان (لاحقا) بالطفل (سامي) لكنه أخبرني أنه لا يريد أن يكون في حياته”.


ولما حاولت “ماندري” العودة بابنها إلى جواتيمالا، بعدما افتقدت الدعم في الولايات المتحدة، ولتكون قريبة من عائلتها، إذا بها تجد نفسها غير قادرة على تسجيل “سامي” كمواطن جواتيمالي قانوني دون توقيع “سليمان” على الطلب.
شرعت “ماندري” في محاولة للعثور على “سليمان” وعائلته من خلال القنوات الرسمية، والاتصال بالسفارات السعودية في الولايات المتحدة والمكسيك، لكنه “كان محاطًا بجدران حجرية في كل مرة” حسب وصفها.

كتبت “ماندري” إلى المسؤولين في “أواصر” ووافقوا في البداية على مساعدتها، لكن بعدما أرسلت إليهم جميع الأوراق، وتوقيع “سليمان” على شهادة ميلاد “سامي”، توقف تواصلهم فجأة.
ولم تجد “ماندري” الدعم سوى لدى “أنور خضر”، مدير المركز الإسلامي في جواتيمالا، الذي قام بدور الوسيط، وكتب إلى عائلة “سليمان” باللغة العربية وعرض التوسط لإجراء محادثة.
وقال “خضر”: لا يمكننا أن نقبل في ديننا أن يقوم شخص ما بشيء كهذا. هذا هو السبب في أننا ندعم ماندري وسامي”.
وتابع: “لقد حاولنا الاتصال بوالده وجده للوصول إلى قلوبهم وإظهار أنه هنا لديه ابنه، وهو ابن جميل يبحث عن الحقيقة، يريد أن يجد والده”.

قد يعجبك ايضا