تقرير/ وكالة الصحافة اليمنية//
أعطت إدارة “بايدن” الضوء الأخضر لصفقة ضخمة من الأسلحة للإمارات بقيمة 23 مليار دولار، ويتناقض ذلك مع التزام الإدارة بوضع حقوق الإنسان في مقدمة سياستها الخارجية. كما أن الأدوار الكارثية للإمارات في اليمن وليبيا، إلى جانب سجلاتها السيئة في مجال حقوق الإنسان في الداخل، يجب أن تحرمها من امتلاك أسلحة متطورة.
وقد جرى التفاوض على الصفقة في ظل إدارة “دونالد ترامب” وظهرت للنور بعد أقل من أسبوع من إعلان “ترامب” تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات. وبينما كان الجمهور يشعر بالبهجة بمبادرة “ترامب” للسلام، تم تسريب البند السري الذي ساهم في إبرام الصفقة، وهو حصول الإمارات على أسلحة بمليارات الدولارات تشمل 50 طائرة مقاتلة من طراز “F-35” و 18 طائرة بدون طيار من طراز “ريبر” وصواريخ مختلفة الأنواع بالإضافة إلى القنابل والذخائر.
ولم تكن الإمارات وإسرائيل في حالة حرب أبدًا، وقد حافظتا على علاقات غير رسمية لسنوات، لكن اتفاق التطبيع سمح لإدارة “ترامب” بالالتفاف على سياسة الولايات المتحدة لضمان التفوق العسكري لإسرائيل في المنطقة. كما قدمت الإدارة الصفقة على أنها ضرورية للإمارات لمواجهة التهديد الذي تشكله إيران.
ويعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو”، ملك الدراما السياسية، حيث تظاهر في البداية بالغضب من امتلاك دولة أخرى في الشرق الأوسط طائرات “F-35” عالية التقنية، ولكن سرعان ما تم الكشف عن أن “نتنياهو” كان على علم منذ البداية ووافق على الصفقة مع تحذيره الخاص: ستحصل إسرائيل على أسلحة أمريكية إضافية “لتحقيق التوازن” مع تلك التي ستذهب للإمارات.

وخلال فترة “ترامب”، قدم معارضو صفقة الأسلحة في الكونجرس مشروع قرار من الحزبين بوقف الصفقة. والمثير للدهشة أن السيناتور المتشدد “بوب مينينديز”، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، قاد القرار مع كل من السناتور “كريس مورفي” (ديمقراطي من كونيتيكت) و”راند بول” (جمهوري من كاي واي). وأشاروا إلى مخاوف بشأن التوقيت، وتدخل الإمارات المقلق في اليمن وليبيا، والعلاقات العسكرية الإماراتية مع روسيا والصين.
وبالرغم من رفض مشروع القرار، عندما تولى “جو بايدن” منصبه، أوقفت وزارة الخارجية الصفقة مع الإمارات وكذلك صفقة أخرى تفاوض عليها “ترامب” مع السعودية. وظنت جماعات حقوق الإنسان أن مراجعة “بايدن” قد تؤدي إلى إلغاء الصفقة، لكن يبدو أن الضغوط الجيوسياسية والصقور في الإدارة والضغوط من لوبي الأسلحة قد انتصرت بالنهاية.

وتشمل الشركات التي ستحقق أرباحًا ضخمة من هذا البيع شركة “لوكهيد مارتن” و”رايثيون” و”جنرال أتوميكس” و”نورثروب جرومان”. وستحصل شركة “لوكهيد مارتن” على 10.4 مليار دولار لبيع 50 من طائراتها من طراز “F-35”. ووفقًا لصحيفة “نيويورك تايمز”، ضغطت شركة “رايثيون” أكبر مورد للصواريخ، على إدارة “ترامب” من أجل الصفقة. وكان وزير دفاع “ترامب”، “مارك إسبر”، أحد أعضاء جماعة الضغط في شركة “رايثيون”، وكان وزير دفاع “بايدن” “لويد أوستن” عضوًا سابقًا في مجلس إدارة شركة “رايثيون”.
وكان يجب أن يكون دور الإمارات في اليمن كافياً لإلغاء الصفقة. فعلى مدى السنوات الست الماضية، كان التحالف الذي تدعمه الولايات المتحدة بقيادة السعودية يشن حربًا شديدة الوحشية في اليمن الذي تحول إلى جحيم حيث يموت طفل يمني كل 75 ثانية، وفقًا للمدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي “ديفيد بيسلي”.
وفي عام 2017، اتهمت “هيومن رايتس ووتش” و”أسوشيتد برس” الإمارات بإدارة سجون سرية في اليمن حيث تعرض السجناء لأشكال مروعة من التعذيب. ويصف سجناء سابقون السجون بأنها ضيقة ومليئة بالقذارة، وقد تعرضوا للضرب والاعتداء الجنسي والتعذيب.
وبالإضافة إلى مشاركتها المباشرة، دعمت الإمارات وكلاء محليين – حوالي 90 ألف مقاتل – وقد وفرت لهم التدريب المباشر وبناء القدرات والمساعدة اللوجستية والرواتب. كما جلبت مرتزقة من أماكن بعيدة مثل كولومبيا، وانتهى الأمر بالأسلحة المباعة للإمارات في أيدي الميليشيات المرتبطة بالقاعدة داخل اليمن.
وتم تقديم دعاوى في محاكم المملكة المتحدة وتركيا والولايات المتحدة تتهم مرتزقة الإمارات في اليمن بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم حرب. كما تشير إلى دور الإمارات بجانب السعودية في فرض حصار بحري منع الوقود والغذاء والأدوية عن المحتاجين، وقد خصصت الإمارات أكثر من 30 طائرة مقاتلة وسفنا بحرية لفرض الحصار.
وحرصًا منها على الخروج من حرب خاسرة أضرت بصورتها، أقامت الإمارات احتفالًا في 9 فبراير/شباط 2020، بمناسبة انتهاء مشاركتها في حرب اليمن، والانتقال من استراتيجية “الخيارات العسكرية أولاً” إلى استراتيجية “السلام أولا”. لكن جماعات حقوق الإنسان على الأرض تخبرنا أن الإمارات تحافظ على وجود في سقطرى والمكلا ووجود محدود في عدن. بالإضافة إلى ذلك، ما تزال الإمارات الدعم المالي والعسكري لمجموعة متنوعة من الجماعات المسلحة والحركات السياسية التي كان لها تأثير مزعزع للاستقرار في جميع أنحاء البلاد، لا سيما في الجنوب.
تدخل الإمارات في ليبيا
