المصدر الأول لاخبار اليمن

نهوض أفريقيا.. نظام عالمي ام عالم جديد؟ الحلقة (الثالثة)

تحليل / ميخائيل عوض/ وكالة الصحافة اليمنية//

 

 

سؤال لابد من حسمه، فالنظام العالمي ينشا بديلا او ترميما وتطويرا لنظام تأسس في عالم ساد” وقد اختبرت البشرية كل النظم الممكنة في العالم الرأسمالي الذي ساد؛ من متعدد القطبية محترب الى ثنائي واحادي، والبشرية في تجاربها ترتقي ولا تعود الى الماضي وادواته ونظمه فقد اصبحت في خبر كان الفعل الناقص” وفي حالتنا في العصر الحضاري الثاني للإنسانية الذي دشنته اتفاقية وستفاليا واطلقت عفاريت الرأسمالية التي انتجتها بريطانيا واوروبا الغربية، بطابعها العدواني والليبرالي.

ذاك العصر مر بالعديد من الأنظمة العالمية حتى بلغ ذروته في سيادة الرأسمالية على مستوى الكرة الارضية وتطورت وبلغت ذروتها بالليبرالية المتوحشة بقيادة امريكا وامركتها العالم والحياة البشرية بما سمي العولمة المتداعية في عواصمها، بعد ان هيمنت وتفردت وبلطجت.

 

فالعالم القديم الموصوف بالانكلو ساكسوني اخذ مداه وهيمن لأربعة قرون وبدل من جلده واختبر كل واي من فرصه، وتمت تجربه كل الوصفات الممكن استخلاصها منه بما في ذلك حقبة الاتحاد السوفيتي الموصوفة خطا بالاشتراكية انما هي كانت محاولة لاغتصاب التاريخ والأزمنة وفرض صيغ من خارج الحقبة الا انها اخفقت وعبرت عن نفسها بصفتها تجربة من لدن النظام نفسه وقيمه وقواعده وانماطه” رأسمالية الدولة الاحتكارية التي راوحت مكانها ولم تنجح بالارتقاء لتكون الحقبة الدنيا من الشيوعية المعروفة بالاشتراكية”. وبانفجارها اطلق العنان لليبرالية التي اخذت مداها وعبرت عن طبيعتها المتعسفة والمتوحشة.

العالم القديم اخذ وقته واختبر كل ما يستطيع وبلغ الشيخوخة ولم يعد قادرا على ترميم نفسه او ابتداع وسائل وادوات تجميل.
في رحمه ومن صنعه وبأحشائه ولد جنين العالم الجديد اي العصر الثالث للحضارة الانسانية، تماما كما هو نشأ في رحم سابقه.

فقد اختبرت البشرية تجارب وحاولت ودفعت اثمان باهضه جدا من الارواح والعمران ومن بكارة الطبيعة، ونهبت وبددت الثروات، ومنتجات البشرية، وسيقت البشرية الى الحروب والتدمير، وتقف على عتبه الحرب النووية ومخطرها بتدمير الحياة البشرية.
حقبة المخاض والطلق طالت وكلفت الكثير، وجالت القارات ومجالات الحياة كافة وتتخذ في اوكرانيا لأول مرة في التاريخ صفة الحرب الشاملة، ومازال الخطر ماثلا؛ بان يموت المولود والوالدة وتعود البشرية الى العصر الحجري.

موجبات ولادة العالم الجديد اي انتقال البشر الى العصر الحضاري الثالث يستوجبها ليس فقط انكشاف وعجز النظام الرأسمالي عن الاستمرار بعد ان نفذت صلاحيته، واعطا كل ما يمكنه. بل والاهم منتجات البشر انفسهم فالثورة التقنية الرابعة والشبكات والذكاء الاصطناعي والجوائح ومنها كورونا والحروب، وما فرضته من ادوات ووسائل انتاج جديدة لا تنتمي للعالم الرأسمالي، كما تؤسس لثقافات وهويات وعلاقات اجتماعية واليات وقواعد توزيع تتعارض الى حد الفناء مع قيم وادوات وثقافة الرأسمالية، كما تحولات المناخ والمتغيرات على الطبيعة واضطراب الكرة الارضية نفسها وعلاقتها بالأجرام وتأثيرات الفضاء وعناصره، والاحترار وعدد السكان والتكاثر بحسب المتوالية الهندسية لا الحسابية ايضا تفرض نفسها وحاجاتها وتستعجل الولادة التي طال مخاضها واشتدت حالة لاستعصاء، والامر بين الموت والولادة لا طريق ثالث….

لماذا افريقيا ونهوضها يسرع الولادة؟؟

 

أمريكا المتعجرفة الوارثة والقائدة للعالم الانكلو ساكسوني جربت كل حروبها ووسائلها في الوطن العربي والعالم الاسلامي لخمسين سنة، وفشلت في فرض هيمنتها لتامين قرنها. فقد حاربها العرب والمسلمون لنصف قرن بمقاومة صلبة وخسرت الحروب كلها واستنفذت ادواتها ووسائطها واستراتيجياتها فخرجت مهزومة ذليلة من افغانستان وهزمت في العراق ولبنان وفي سورية واليمن ومع ايران، وباتت في حقبة انحسار وتراجع ما وفر الفرص لصعود ايران وتمكنها ولشروع السعودية بالتمرد عليها ولمصر بالتحول عن الولاء لها، فحال العرب والاقليم الاسلامي تشي بانها في مرحلة اعادة هيكلة للنظم والجغرافية وبالتحالف مع اوراسيا الصاعدة وأمريكا  قائد النظام الهمجي المتوحش حاولت في وسط اسيا وخسرت حروبها وتحاول في حروب الاقتصاد والعملات والتكنولوجيا وتخسر، وتسعى لتوريط حلف الاوكوس وتحاول انشاء احلاف في شرق اسيا والباسيفيك لاستهداف الصين وروسيا الا ان محاولاتها محكومة بالإخفاق والهزيمة. وقد خرجت من وسط اسيا بعد ان جندت تحالفات واجتاحت افغانستان، والعراق، وعبثت باليمن وليبيا وسورية، وفي امريكا اللاتينية التي كانت بمثابة حديقتها الخلفية وقارة تحولها الى الامبريالية والليبرالية تخسر المعارك والجولات وتنقلب اللاتينية والكاريبي ضدها، فلاذت بفرض السيطرة والهيمنة المطلقة على الاتحاد الاوروبي وافتعلت حرب اوكرانيا وحروب الحصارات والعقوبات ونجحت بإخضاع اوروبا وحولتها الى جمهوريات موز تنفذ ولا تعترض وتخوض الحروب نيابة عن امريكا وتستنزف ثرواتها وشعوبها واوروبا تعتاش على نهب افريقيا بعد ان انحسرت حديا بناتج  الحرب العالمية الثانية وورثتها امريكا وتركت لها افريقيا في زمن رغبة امريكا بحلفاء محاصين اما اليوم فأمريكا لم تعد تحتمل حلفاء يحاصصون انما تريد اجراء ومنفذي اوامر، واسواق ومرتزقة

الموقف الامريكي من انقلابات افريقيا وتحولاتها وعدم مناصرة فرنسا التي تثور في وجهها افريقيا وتطردها وتصرفها بحياد يفسر لنا ان هدفها كان من افريقيا نشر قواعد عسكرية  لاستثمارها في مسارح اخرى، وبانها كانت قد تركتها لأوروبا لتنهيها وتقوم هي بنهب اوروبا

وعندما تنهض افريقيا ويتسارع تحررها ويعاد تشكلها وهيكلتها وفي التحالف الاستراتيجي لدول الساحل الثلاث، بوركينا فاسو ومالي والنيجر مؤشر عما ستكون عليه القارة وشعوبها من اندماج وتفاعل وتضامن، وبنجاح الصين وروسيا بفرض وجودها الحاكم في القارة ودولها تنحسر امكانية تحويلها الى ساحة ومسرح اشتباك وحروب عسكرية. وبتسارع طرد القوى الاوروبية الاستعمارية تفقد اوروبا ودولها والاطلسي القدرة على تخديم الاستراتيجيات والمشاريع الامريكية وتسوق اوروبا واتحادها المأزوم الى التراجع وربما الاضطرابات التفكك والفوضى فتفقد امريكا اخر واقوى مستعمراتها والقارات التي نجحت بتوظيفها للدفاع عن عالمها في اخر الحروب واعنفها الجارية في اوكرانيا وفي حروب الاقتصاد والعملات والتكنولوجيا الملتهبة والجارية بقوة وعنف.
بانهيار قدرات اوروبا وتفكك والاطلسي تتحقق احد اهم غايات روسيا والصين لتجريد امريكا من اخر اذرعتها وادواتها، وبما ان امريكا قد استنزفت قوتها العسكرية في حروبها في بلاد العرب والمسلمين وبعجزها عن توظيف اليابان وكوريا واستراليا وكندا التي لن تخوض الحروب نيابة عنها كما تفعل اوروبا والاطلسي وكما فعلت دول الخليج العربي وجيش الاسلام الامريكي الاخواني والوهابي والسلفي والدول التي انخرطت في الحروب خاصة قطر وتركيا الاردوغانية المنهكة ايضا والعاجزة عن الاستمرار في تخديم امريكا وخوض حروبها لن يبقى امام امريكا الا الانكفائية والعودة الى جزيرتها مجردة من المستعمرات ونهب العالم والبشر، لتنفجر على نفسها والبعض يتوقع انهيار النظام الاقتصادي قريبا كما يتوقع الكثيرون ان تكون الانتخابات الأمريكية الرئاسية السنة القادمة محطة نوعية في تقرير مستقبل امريكا نفسها ووحدتها واستقرارها.
هكذا يكون نهوض افريقيا وتحررها وطرد المستعمرين الأوربيين كأخر المسامير في نعش العالم القديم العالم الانكلو ساكسوني العدواني والاستعمارية.
…./ يتبع
ماذا عن العرب؟

قد يعجبك ايضا