المصدر الأول لاخبار اليمن

هل بات عزل أمريكا ضرورة حتمية لصون ما تبقى من تحضر لدى الإنسانية؟

 

تحليل/ وكالة الصحافة اليمنية //

يبدو أن الاستراتيجيات الامريكية تحولت إلى لعبة صبيان على يد الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ عهد إدارة جورج بوش الإبن.

حيث يلاحظ بوضوح أن البيت الأبيض لم يعد يمتلك رخصة لقيادة الولايات المتحدة إلى الأمام بغرض الاحتفاظ بعرش إمبراطورية الهيمنة على العالم منذ إنهيار الاتحاد السوفيتي مطلع تسعينات القرن الماضي.

وأمام المحكات التي أخذت تفرض نفسها على النخب الحاكمة في الولايات المتحدة، تضطر الإدارات الأمريكية إلى إتخاذ مواقف يمكن وصفها بالقاصرة للتعامل مع الأحداث الدولية المتقافزة من هنا وهناك، فقد اكتشفت النخب الامريكية الحاكمة بشقيها الجمهوري والديمقراطي أن العالم لايريد أن يفكر حسب الطريقة الأمريكية، ولا يوجد هناك من يفكر في الخضوع لواشنطن تماشيا مع المصالح الأمريكية.

 

ويبدو أن إصرار الأمريكيين على إخضاع العالم وفق وصفة “العولمة” الأمريكية خلقت الكثير من التحديات أمام نخب الحكم في الولايات المتحدة، حيث تعززت نزعة عدائية لدى حكام البيت الأبيض بضرورة إخضاع العالم بأي شكل للتوجهات الامريكية مهما كانت تتعارض مع مصالح وسيادة بقية الأمم.

وتعتقد واشنطن أن الكرامة الوطنية لدى الشعوب أمر يجب التخلي عنه، حتى تحصل الدول على “احترام” الولايات المتحدة.

وأمام المواجهات الناشبة بين أطراف محور المقاومة من جهة وقوى الصهيونية العالمية بقيادة الولايات المتحدة، سقطت ورقة التوت التي كانت واشنطن تحتفظ بها لتداري عيوبها أمام شعوب العالم، حيث وجدت واشنطن نفسها مضطرة لاتخاذ قرارات ارتجالية تفتقر لأدنى مستوى من المنطق من أجل دعم الاحتلال الإسرائيلي في مجازر الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة على يد آلة القتل الصهيونية.

وعلى خلفية تداعيات العدوان على غزة، كان على واشنطن أن تتعامل لأول مرة مع مواقف لم تكن مدرجة ضمن طريقة التفكير الآلية الأمريكية، بأن الأمور يجب أن تمضي في اتجاهات إجبارية مبرمجة سلفا لا يمكن لأحد الخروج عليها، على نموذج “يمكن للإسرائيليين أن يرتكبوا ما يشاؤون من جرائم وحشية ويمكن للمنزعجين أن ينددوا” دون أن يكون هناك أي تحرك يتجاوز الكلام في مواجهة الوحشية الصهيونية.

ما فعلته اليمن بقطع طريق الملاحة أمام السفن المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي مثّل صدمة للإدارة الامريكية التي كانت تعتقد أنه لم يعد هناك من هو قادر على تحدي رغبات واشنطن القاتلة في العالم.

ورغم أن اليمن وضعت شروطاً واضحة لوقف عملياتها في البحر الأحمر تتمثل بوقف العدوان ورفع الحصار على غزة، وهي شروط تحفظ من وجهة نظر محللين استراتيجيين للعالم شيء من الاتزان وتمنع إنزلاق البشرية نحو هاوية العنف المفرط، إلا أن واشنطن فضلت الذهاب في الاتجاه المعاكس، من خلال الإصرار على مواصلة الدعم الكامل لجرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وتدمير القانون الدولي قبل تدمير وقتل الأبرياء في غزة، وكانت النتيجة إعلان اليمن منع السفن الامريكية والبريطانية من العبور إلى جانب السفن الإسرائيلية.

وفي خضم الأحداث المتصاعدة والمناورات الجارية على الصعيدين العسكري والسياسي فاجأت واشنطن العالم بتصنيف جماعة أنصار الله في اليمن في قائمة الإرهاب الأمريكي، وهو قرار يعتقد الكثير من المراقبين أنه ينّم عن حالة تخبط أمريكي، لن يسهم في تحسين حظوظ الولايات المتحدة وبريطانيا في مواجهات طوفان الأقصى التي لم تعد ساحتها تقتصر على غزة.

ويبدو أن قرار واشنطن بتصنيف جماعة انصار الله في اليمن، تم اتخاذه في لحظة انفعال غير محسوبة من قبل الإدارة الامريكية نظراً لعدم فاعلية التصنيف على أرض الواقع، خصوصاً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن انصار الله هي جماعة ذائبة في تكوين المجتمع اليمني ولا يمكن التعامل معها باعتبارها جماعة معزولة افرادها معدودون ويمكن رصدهم وتنفيذ العقوبات بحقهم.

كما يجب الأخذ بعين الاعتبار أن اليمن دولة محاصرة منذ قرابة تسعة أعوام على يد تحالف تشرف عليه الولايات المتحدة، الأمر الذي لا يمكن على أساسه سحب القرار الأمريكي على أي إجراءات اقتصادية قد تقدم عليها واشنطن تبعاً للقرار، الذي لايختلف عن قرارات العقوبات الاقتصادية التي توزعها واشنطن بسبب وبلا سبب على اليمنيين في الجهة التي تتصدى للتحالف.

على أن القرار الأمريكي دفع الكثير من المراقبين على مستوى المنطقة والعالم إلى التأكد أن الولايات المتحدة لم تعد مؤهلة للقيام بأي دور على الساحة الدولية، وأن العودة إلى عهد العزلة الذي كانت قد تتخذه الولايات المتحدة قد أصبح ضرورة حتمية لصيانة ما تبقى لدى الإنسانية من تحضر وعلاقات احترام متبادل بين الأمم.

قد يعجبك ايضا