تحليل/وكالة الصحافة اليمنية//
في مشهد يعكس عمق الانهيار الإنساني في قطاع غزة، أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن نحو 3 آلاف شاحنة محملة بإمدادات منقذة للحياة لا تزال عالقة عند مداخل القطاع، بسبب الحصار الإسرائيلي الذي يمنع دخولها، في ظل اعتماد أكثر من مليون طفل فلسطيني على هذه المساعدات للبقاء على قيد الحياة.
هذا الإعلان الصادم لا يكشف فقط عن أزمة إنسانية متفاقمة، بل يسلّط الضوء على واقع الحرب بالتجويع التي تُمارس بحق سكان غزة، حيث تحوّل الحصار إلى أداة إبادة بطيئة، يعاني فيها المدنيون – وأغلبهم من الأطفال والنساء – من العطش، وسوء التغذية، والأمراض، في وقت تتداعى فيه البنية التحتية الصحية والاجتماعية بشكل كامل.
مساعدات محتجزة ومجتمع دولي مشلول
رغم مناشدات متكررة من وكالات أممية ومنظمات إغاثة دولية، لم يطرأ أي تغيير على وضع المعابر المغلقة.. وحتى الآن، لم تُفتح الأبواب أمام آلاف الشاحنات التي تمثل شريان الحياة الأخير لأكثر من مليوني إنسان محاصر.
ما يثير القلق أن هذه الأرقام تأتي في ظل صمت دولي مريب وعجز واضح في تحريك ملف إدخال المساعدات، حيث لم تفلح الضغوط الأممية – حتى اللحظة – في كسر الحصار أو ضمان تدفق الإمدادات، مما يطرح أسئلة حادة حول جدوى القانون الدولي الإنساني وآليات تنفيذه في مناطق النزاع.
الطفولة في مواجهة الموت البطيء
أكثر من مليون طفل في غزة يقفون اليوم على حافة الخطر، بلا غذاء كافٍ ولا مياه نظيفة ولا رعاية طبية، في ظل انعدام الأمن الغذائي الكامل.. فالأونروا تؤكد أن حياة هؤلاء الأطفال مرتبطة مباشرة بدخول المساعدات، ما يجعل كل ساعة تأخير مرادفًا لاحتمال الموت.
إنه جرس إنذار أخلاقي وقانوني.. فحين يُترك الأطفال بلا حليب ولا دواء، وعندما تُحتجز شاحنات الأمل خارج حدود الحياة، تصبح الكارثة مضاعفة، وتمسي المسؤولية مضبوطة بدقّة على ميزان التواطؤ أو التجاهل.
نداءات الغرقى في بحر الحصار
رسائل الأونروا لم تكن محض توثيقٍ لواقع مأساوي، بل هي صرخة سياسية وإنسانية تُوجّه إلى العالم بأسره.. فبغضّ النظر عن موقع الأطراف المتصارعة، هناك التزام دولي قانوني وأخلاقي بضمان وصول المساعدات للمدنيين في مناطق الحرب، وهذا ما يتم خرقه علنًا في غزة.
الوكالة، التي تشهد تضييقًا سياسيًا وتمويليًا غير مسبوق، تجد نفسها في موقف صعب؛ فهي تحاول إنقاذ أرواح، بينما تُمنع من الوصول إليهم، وتُحاصر إداريًا وسياسيًا كما يُحاصر الفلسطينيون ميدانيًا.
الحصار يقتل.. بصمت وبدم بارد