قرار واشنطن بإلغاء تأشيرات الطلاب الصينيين يشعل تصعيدا كبيرا بين أمريكا و الصين
تحليل / وكالة الصحافة اليمنية //
في تصعيد جديد يعكس تعقيدات المواجهة الجيوسياسية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن بدء إجراءات صارمة لإلغاء تأشيرات طلاب صينيين، في خطوة وُصفت بأنها تستهدف “حماية الأمن القومي”، لكنها أثارت ردود فعل غاضبة من بكين التي اعتبرت القرار “غير مبرر وتمييزيًا”.
الخطوة الأمريكية، التي أكدها وزير الخارجية ماركو روبيو، مساء أمس الأربعاء، تشمل طلاباً صينيين يدرسون في مجالات تعتبرها واشنطن “حساسة” مثل الذكاء الاصطناعي والهندسة والتكنولوجيا المتقدمة، أو ممن يُعتقد أن لهم ارتباطات بالحزب الشيوعي الصيني.
وتندرج هذه السياسة ضمن توجه إدارة واشنطن إلى إعادة تعريف حدود التعاون الأكاديمي الدولي، على وقع تصاعد القلق من “التجسس الصناعي” ومحاولات نقل التكنولوجيا المتطورة عبر القنوات التعليمية.
لكن جاءت ردة فعل بكين سريعة وحادة، فقد عبّرت وزارة الخارجية الصينية، على لسان المتحدثة باسمها ماو نينغ، اليوم الخميس، عن “احتجاج رسمي” لدى الولايات المتحدة، ووصفت القرار بأنه “غير عقلاني ويضر بالتبادل الأكاديمي والثقافي، ويبعث برسالة خاطئة إلى العالم حول سياسات الانفتاح العلمي الأمريكية”. وأضافت: “هذا الإجراء يتذرع بالأمن القومي لتقييد التعاون العلمي، وهو أمر نرفضه تمامًا”.
من وجهة نظر بكين، لا يتعلّق الأمر بتأشيرات فحسب، بل بمحاولة منظمة لكبح تنامي الصين في ميادين البحث والتكنولوجيا، من خلال استهداف المواهب الأكاديمية الصينية في الخارج. وتعتقد الصين أن هذا القرار يعكس تخوفاً أمريكياً متزايداً من انتقال مركز الثقل العلمي والتكنولوجي شرقاً، في وقت تسعى فيه بكين للريادة في مجالات مثل الحوسبة الكمية والتقنيات الحيوية.
وفي السياق ذاته، شددت وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية، كريستي نويم، على أن “استضافة الطلاب الأجانب في الجامعات الأمريكية هو امتياز، وليس حقاً مكتسباً”، داعية الجامعات إلى تعزيز التنسيق مع السلطات الفيدرالية لضمان “حماية المصالح القومية”، في إشارة ضمنية إلى أن السياسات التعليمية لم تعد بمعزل عن الاصطفافات الجيوسياسية.
هذا القرار، وإن بدا تقنياً في ظاهره، إلا أنه يحمل أبعاداً رمزية خطيرة: فهو يهدد جسوراً أكاديمية شكلت لعقود أحد أبرز قنوات التفاهم بين واشنطن وبكين، في زمن تراجع فيه الحوار السياسي واحتدمت فيه المنافسة الاستراتيجية.
فمع وجود أكثر من 300 ألف طالب صيني في الولايات المتحدة سابقاً، كانت الجامعات الأمريكية ميداناً حيوياً للتفاعل العلمي والتبادل الثقافي، قبل أن تتحوّل اليوم إلى ساحات تدقيق أمني وصراعات هوية.
ويرى مراقبون أن هذا القرار سيترك تداعيات طويلة الأمد، ليس فقط على صورة الولايات المتحدة كوجهة أكاديمية عالمية، بل أيضاً على مستقبل الأبحاث المشتركة، وفرص الحوار العلمي بين القوتين.