المصدر الأول لاخبار اليمن

أُفول الهيمنة الأمريكية أمام صعّود الصين.. هل بدأت بكين كتابة قواعد النظام العالمي؟

خاص / وكالة الصحافة اليمنية //

 

كشف تقرير تحليلي نشره موقع “أكسيوس” الأميركي عن تحوّل ملحوظ في ميزان القوى الدولية، حيث تشير المؤشرات إلى تراجع مكانة الولايات المتحدة على الساحة العالمية في مقابل صعود لافت للصين، وهو ما يُعزى بدرجة كبيرة إلى السياسات الأميركية ذاتها، لا إلى تفوق استراتيجي صيني بحت.

وبحسب تحليلات شركة “مورنينغ كونسلت” لقياسات الرأي والتوجهات العالمية، فإن السياسات التجارية التي تبنّتها واشنطن في السنوات الأخيرة – خصوصاً السياسات الحمائية والقيود على التجارة والهجرة – أسهمت بشكل مباشر في تقويض صورة الولايات المتحدة عالميا، في وقت تعمل فيه بكين على تعميق علاقاتها مع مختلف الدول عبر أدوات القوة الناعمة والشراكات الاقتصادية.

من تراجع السمعة إلى تداعيات اقتصادية ملموسة

لا يقتصر التراجع الأميركي على البعد الرمزي أو الدبلوماسي، بل يمتد ليشمل آثاراً اقتصادية واضحة، حيث انخفض عدد الزوار الأجانب للولايات المتحدة نتيجة ما يُنظر إليه كسياسات غير مرحّبة، كما بدأت الثقة بالدولار الأميركي تتآكل تدريجيًا – وهو مؤشر يقرع ناقوس الخطر بشأن مستقبل الولايات المتحدة كملاذ اقتصادي آمن.

وأشار التقرير إلى أن هذا الانحدار في الصورة الذهنية قد يؤدي إلى خسائر أعمق، منها تراجع فرص التجارة والاستثمار للشركات الأميركية العاملة في الخارج، إذ بات المستهلكون والشركاء التجاريون في العديد من الدول يفضّلون بدائل أكثر استقرارًا أو أقل تكلفة سياسية، مثل الشركات الصينية أو الإقليمية.

ضرائب داخلية… وخسائر دولية

ومن بين عوامل القلق الإضافية، ما وصفه التقرير ببند مثير للجدل في مشروع قانون الضرائب الجمهوري، قد يساهم في تقليص الطلب على الأصول الأميركية، وهي خطوة من شأنها أن تؤثر على جاذبية الاستثمار في الأسواق الأميركية.

 إلى جانب ذلك، فإن القيود المفروضة على الطلاب الأجانب، والتي طالت بالدرجة الأولى الطلبة الصينيين، تضر بالصورة الأكاديمية للولايات المتحدة وتفقدها أحد أبرز أدوات قوتها الناعمة.

صعود الصين بالأرقام… وتراجع أميركي سريع

وبلغة الأرقام، يشير التقرير إلى تغير حاد في تقييمات التأييد العالمية، حيث سجّلت الصين صافي تأييد إيجابي بلغ 8.8 نقاط بنهاية مايو، بينما تراجع تقييم الولايات المتحدة إلى -1.5، بعد أن كان يتجاوز الـ20 نقطة في يناير 2024. أي أن التغيير ليس فقط ديناميكيًا بل سريعًا ومؤشرًا على تحوّل بنيوي في الإدراك العالمي.

اللافت أن هذا التراجع الأميركي لم يكن حتميًا، إذ شهدت شعبية واشنطن تحسنًا طفيفًا بعد إعلان الرئيس الأميركي خفض الرسوم الجمركية على الصين في مايو. إلا أن تصريحات الرئيس السابق دونالد ترامب، التي اتهم فيها بكين بـ”انتهاك الاتفاق تماماً”، أعادت التوتر مجددًا وأضعفت فرص الاستقرار بين القوتين.

وخلص التقرير إلى أن ما تواجهه الولايات المتحدة اليوم لا يتعلق بفشل عسكري أو انهيار اقتصادي داخلي، بل بتآكل “النفوذ الإدراكي” على مستوى العالم، لافتا إلى أن تراجع هذه الصورة قد يكون مفعوله أشد من أي خسارة مادية مباشرة في عالم تحكمه الثقة بالأسواق والعلاقات العابرة للحدود.

وفي المقابل لا تكتفي الصين بالصعود الاقتصادي، بل تنجح في تقديم نفسها كبديل عقلاني وفعّال في النظام العالمي، والمفارقة أن هذا الصعود يحدث بفعل الفراغ الذي تتركه السياسات الأميركية لا أكثر.

قد يعجبك ايضا