تقرير / وكالة الصحافة اليمنية //
خلال الأيام الماضية، تصاعدت الأدلة على أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف بشكل متعمد طالبي المساعدات أمام المراكز التي أقامتها في غزة، ما أدى إلى استشهاد وجرح العشرات من المدنيين الفلسطينيين.
هذه الأحداث لا تكشف فقط عن انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، بل تدحض رواية قادة كيان الاحتلال، وفي مقدمتهم المجرم “نتنياهو”، الذين كانوا يزعمون أن سبب الحصار الذي يفرضه الكيان الإسرائيلي على غزة وتجويع أهلها هو أن حركة حماس تستولي على المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى القطاع.
أدلة وحقائق
في تقرير له اليوم – الثلاثاء – قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل وأصاب أكثر من 600 فلسطيني من المحتشدين قرب ثلاث نقاط توزيع أقامها في مناطق سيطرته المطلقة في قطاع غزة خلال أسبوع واحد فقط.
ومن الملاحظ أن المجازر التي يرتكبها الاحتلال بحق طالبي المساعدات من سكان غزة ليست بسبب وجود خلل في آلية التوزيع، وإنما تأتي ضمن مخطط محكم، وادعاء جيش الاحتلال بأن مجازر طالبي المساعدات الإنسانية في غزة ناتجة عن “فوضى التوزيع” أو “تدافع الحشود” هو تبرير مُفبرك يهدف إلى تبرير جرائم ممنهجة تقع ضمن استراتيجية أوسع.
ولعل ما يؤكد أن هذه المجازر مُخطط لها مسبقًا، وتخدم أهدافًا سياسية وعسكرية محددة، هو نمط التكرار؛ فلو كانت الحوادث عشوائية أو ناتجة عن سوء تنسيق، لكانت قد وقعت مرة أو مرتين ثم جرى تصحيح الآلية، لكن تكرار المجازر بنفس السيناريو (إطلاق نار مكثف على حشود جائعة أمام نقاط التوزيع) يشير إلى تكتيك متعمد، خاصة أن جيش الاحتلال يسيطر كليًا على عملية دخول المساعدات وتوزيعها، ويحدد المواقع والأوقات.
إضافة إلى ذلك، يستخدم جيش الاحتلال الذخيرة الحية مباشرة دون تحذير كافٍ، رغم عدم وجود تهديد مسلح من الحشود التي غالبيتها من النساء والأطفال والعجزة، وحتى مع وجود تدافع يمكن أن يستخدم وسائل أخرى غير الذخيرة الحية مثل القنابل المسيلة للدموع، أو الرصاص المطاطي.
أهداف خفية
بالتأكيد، فإن هذه المجازر ليست أخطاء عسكرية، بل جزء من سياسة عقاب جماعي تهدف إلى كسر إرادة سكان غزة، وإجبارهم على النزوح، وزيادة معاناتهم؛ لخلق قناعة لديهم بالهجرة من القطاع وتفريغه لصالح التوسع الاستيطاني لاحقًا، فهذه المجازر تُرسل لسكان غزة رسالة مفادها “أنه حتى محاولتهم للحصول على الطعام قد تكلفهم حياتهم”. إضافة إلى أن الاحتلال يريد تقويض التماسك المجتمعي بين سكان القطاع عن طريق إجبارهم على التنافس على الموارد الشحيحة وخلق فوضى داخلية، وبالتالي إضعاف الروابط الاجتماعية فيما بينهم، إلى جانب ذلك، يريد الاحتلال إضعاف التعاطف الدولي تجاه سكان غزة عن طريق تصويرهم على أنهم “حشود همجية” تتدافع على الطعام، لاستخدام ذلك كدعاية لتبرير استمرار العدوان على قطاع غزة.
الوقائع تؤكد أن المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق طالبي المساعدات في غزة ليست حوادث فردية، بل سياسة ممنهجة لتجويع وإرهاب سكان القطاع، وتعد بموجب المادة “8” من نظام روما الأساسي جريمة حرب، ووفقًا للمادة “7” جريمة ضد الإنسانية، والهدف النهائي هو تطهير غزة ديموغرافيًا، وتحويلها إلى منطقة غير قابلة للحياة، تمهيدًا لإخضاعهم كليًا، أو تهجيرهم من القطاع.
مطالبة بوقف الألية