تحليل/خاص/وكالة الصحافة اليمنية//
تتكشف الحقائق المرة لقوى الاستكبار أمريكا وإسرائيل التي ظنت أن بمقدورها إعادة تشكيل جغرافية المنطقة بحدود سايكس- بيكو جديدة، لتجد نفسها اليوم تجني فشلها وخيبات مخططاتها في المنطقة.
حيث أن المخطط الصهيوني المدعوم أمريكياً، الذي راهن على تفكيك دول المقاومة وعزل إيران كقوة إقليمية صاعدة، ينهار اليوم أمام صمود محور الممانعة الذي حوّل كل عدوان إلى فرصة لتعزيز وجوده وتوسيع دائرة تأثيره.
فبعد أن تحول البحر الأحمر وباب المندب لكابوس مزعج لأمريكا وإسرائيل، ها هي تل أبيب اليوم تحاول أن تفرض معادلة جديدة يقيها كابوسا جديدا مزعجا في مضيق هرمز والخليج الفارسي، من خلال التركيز على استهداف الجنوب الإيراني بعد فشله الذريع في اختراق العمق الاستراتيجي للجمهورية الإسلامية، ولكن إسرائيل كما هي عادتها تحصد الفشل واليأس العجز التام أمام اختراق القاعدة البحرية في بندر عباس، الحصن المنيع الذي يحرس مضيق هرمز، حيث تثبت الدفاعات الجوية الإيرانية يومياً أنها قادرة على تحويل سماء إيران إلى سقف من نار لكل طائرة معتدية.
وهو ما يؤكده خبراء عسكريون وسياسيون أشاروا أيضا أن الفشل المتكرر للمخابرات الإسرائيلية في اختراق الحلقة الأمنية الإيرانية يؤكد أن طهران نجحت في بناء منظومة دفاعية متكاملة تجمع بين القوة الصاروخية الدقيقة والذكاء الاستراتيجي والقدرة على ردع العدوان قبل وقوعه.
أما الولايات المتحدة، التي ما زالت تعيش أوهام القطب الأوحد، فتسجل فصلاً جديداً من فصول الهزيمة في سجلها العسكري المليء بالإخفاقات، حيث أصبح البحر الأحمر الذي كان يوماً بحيرة أمريكية، مقبرة لطموحات البنتاغون، وها هي عازمة على الكشف عن مشاركتها علنا في العدوان الإسرائيلي على إيران، ليأتي الصوت الصادح من صنعاء ليقلب موازين القوى ويذكر واشنطن بمحارق قطعها وبوراجها في عرض البحر، حيث تضمن بيان قوات صنعاء الربط بشكل واضح بين أي عدوان أمريكي على إيران واشتعال البحر الأحمر، وهو ما يضع واشنطن أمام خيارين أحلاهما مر: إما التراجع عن حمايتها المطلقة لإسرائيل أو خوض حرب استنزاف مكلفة في مياه ستتحول إلى جحيم لا يطاق لأسطولها.
وحين نستجر تفاصيل المعارك السابقة القريبة مع أمريكا في البحر الأحمر، يتأكد للجميع أن تصريحات قوات صنعاء ليست مجرد تهديدات دعائية، بل هي استراتيجية فعلية تم اختبارها ميدانياً وأثبتت جدواها، واعترف بها مسؤولو الدفاع الأمريكيين أكدوا أيضا أن الحوثيين، الذين وصفهم الغرب بأنهم مليشيات بدائية”، حولوا البحر الأحمر إلى مسرح لإذلال القوة العظمى، حيث أصابوا حاملات الطائرات الأمريكية في عمليات عسكرية دقيقة وأجبروها على الانسحاب جراء الضربات الصاروخية الدقيقة التي أظهرت فجوة خطيرة في أنظمة الدفاع الأمريكية، أضطر عقبها الرئيس الأمريكي لإعلان فشل عدوانه على اليمن وإيقاف الهجمات على البلاد، ليثبت أن اليمن لم يعد طرفاً ثانوياً في المعادلة الإقليمية، بل أصبح لاعباً رئيسياً فاعلاً وقادراً على حسم الصراع لصالح محور المقاومة.
من أجل ذلك، فإن أي عدوان أمريكي على إيران سيُواجه بحرب شاملة لا هوادة فيها، حرب ستغلق مضيق هرمز وباب المندب بشكل كامل، مما يعني شل حركة الاقتصاد العالمي الذي يعتمد بشكل كبير على هذه الممرات المائية الحيوية، وهو ما تعتبره قوى الغرب كابوسا مرعبا يقض مضاجع الغرب المتغطرس، وحقيقة قابلة للتحقق على أرض الواقع التي أثبتت أن القوة الأمريكية لم تعد ذلك العملاق الذي لا يقهر كما كانت تدعي، بل أصبحت عرضة لضربات تعتمد على تكتيكات غير تقليدية فضحت ضعف الآلة العسكرية الأمريكية في مواجهة حرب الاستنزاف وفقا للتقارير الداخلية لـالبنتاغون الذي اعترف بصراحةً بعدم جدوى الحملة العسكرية في اليمن، وأن الإنفاق الهائل لم يؤد إلا إلى مزيد من الإحراج الاستراتيجي لواشنطن، خاصة مع التصاعد المستمر للخسائر المادية والمعنوية، في وقت تزداد فيه قدرات قوات صنعاء على التصعيد والردع، مما يؤكد أنهم قد قلبوا الطاولة على قوى الغطرسة، فكيف سيكون واقع القوات الأمريكية اليوم في باب المندب ومضيق هرمز.
فحين تحول البحر الأحمر إلى مقبرة للطموحات الأمريكية، أدركت واشنطن أن أي قرار متسرع سيعرضها من جديد لضربات مؤلمة في البحر الأحمر كما حدث لها سابقا، ولكن هذه المرة ستكون مضاعفة ليس فقط في البحر الأحمر بل أيضا في مضيق هرمز وكل القواعد الأمريكية في المنطقة، الأمر الذي جعل خبراء أمريكيون يدعون إدارة البيت الأبيض إلى العودة للمفاوضات مع إيران، لتسجل طهران انتصارا دبلوماسيا.
في الختام، فإن المشهد الراهن يؤكد أن المعادلة الاستراتيجية في المنطقة قد تغيرت إلى الأبد، إسرائيل التي راهنت على تغيير وجه الشرق الأوسط تجد نفسها اليوم عاجزة عن تغيير حتى وجه حرب غزة، أما أمريكا التي حلمت بالهيمنة على مضائق العالم تترنح اليوم أمام إرادة شعب يمني متحصن بإيمانه وعزيمته.. إيران من جانبها، تثبت أنها ليست مجرد دولة تقاوم، بل هي قلب نابض لمشروع حضاري قادر على إعادة صياغة المنطقة من محيطها إلى خليجها.
وخلاصة ما ورد، فإن المعركة اليوم لم تعد معركة صواريخ وطائرات فقط، بل هي معركة إرادات، وإرادة الأمّة التي هزمت المغول والتتار والصليبيين قادرة اليوم على هزيمة أعتى قوة عسكرية في التاريخ، لأن سنّة الله في الصراع بين الحق والباطل لا تتغير ولا تتبدل.