تقرير / وكالة الصحافة اليمنية //
في الوقت الذي يكثر الحديث عن تحرك عسكري لـ “إسرائيل” في اليمن، وتتداول العديد من وسائل الإعلام أنباءً تقول إن مصادرها الإعلام العبري مفادها أن “إسرائيل” وجهت رسالة إلى الولايات المتحدة والغرب بأنها تستعد لتحرك واسع النطاق في اليمن، يؤكد الخبراء العسكريون أن المخاطر ستفوق المكاسب بالنسبة لـ “إسرائيل” في حالة قررت بالفعل التصعيد في اليمن، باعتبار شواهد الفشل السابقة للتحركات العسكرية سواءً الأمريكية أو “الإسرائيلية”.
العدوان الامريكي عل اليمن
مع بداية العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023م، وانخراط اليمن في معركة طوفان الأقصى دعماً لغزة، شكلت الولايات المتحدة الأمريكية ما يسمى بـ “تحالف الازدهار” لردع اليمن وإيقاف عملياته المساندة لغزة.
خلال عام كامل، عجزت الولايات المتحدة الأمريكية عن ردع اليمن وفك الحظر الذي فرضته صنعاء على الملاحة البحرية “الاسرائيلية” في البحر الأحمر، وتحول هذا التحالف إلى عبء كبير على واشنطن جراء الضربات العسكرية اليمنية التي ألحقت أضراراً كبيرة بالبوارج والقطع الحربية والسفن التجارية التابعة لأمريكا وبريطانيا في البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي، وكلفت أمريكا الكثير من الخسائر .
ومع استئناف اليمن لعملياته ضد العدو الإسرائيلي في مطلع مارس 2025 نتيجة انقلاب الاحتلال الإسرائيلي على اتفاق وقف إطلاق النار مع المقاومة الفلسطينية ورفضه إدخال المساعدات إلى غزة، وعودة اليمن لاستهداف عمق الكيان الإسرائيلي بعد استئنافه عدوانه على غزة في 18 مارس 2025م، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية الحرب على اليمن مجدداً دعماً لـ “إسرائيل”، وهدد الرئيس ترامب بسحق من أسماهم “الحوثيين” ، وبدأت الولايات المتحدة الأمريكية عدواناً جديداً على اليمن في 15 مارس.
ورغم الإفراط في استخدام القوة والاستهداف للمدنيين، لم تستطع الولايات المتحدة الأمريكية التأثير في قدرات صنعاء العسكرية ،وجاءت هذه الحرب بتكلفة باهظة واستنزفت المخزونات الأمريكية، وكلفت الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من مليار دولار وفق ما نشره الإعلام الأمريكي.
وبعد 52 يوماً من الحرب على اليمن، أعلن الرئيس الأمريكي ترامب في 6 مايو وقف هذه الحرب مقابل وقف صنعاء لاستهداف سفن أمريكا، وهو ما اعتبره الإعلام الغربي استسلاماً وهزيمة في هذه الحرب أمام اليمن التي وجهت ضربة قاضية “لما وصفته بـ”الإمبراطورية الأمريكية”” وهذا ما أكدته مجلة The National Interest الامريكية تعليقاً على إعلان (ترمب) .
العدوان الإسرائيلي:
بعد الفشل الذريع لواشنطن في حربها على اليمن، اضطرت “إسرائيل” للدخول بنفسها في الحرب و قامت بمهاجمة اليمن ، لكنها لم تستطع التأثير في قدرات صنعاء العسكرية. وتركزت غاراتها على البنية التحتية ، ومن بينها مينائي الحديدة والصليف ومصنعي أسمنت باجل وعمران ، وجاء هذا العدوان بنتائج عكسية على “إسرائيل”، حيث رفعت صنعاء مستوى تصعيدها وصولاً إلى فرض الحصار الشامل على الكيان الإسرائيلي، وحظر الملاحة الجوية في مطار اللد المسمى “بن غوريون”. وهو ما كبد “إسرائيل” خسائر اقتصادية كبيرة في ظل عجز تام عن ردع الصواريخ اليمنية التي استمرت قوات صنعاء بتوجيهها إلى “إسرائيل” ومطار ” بن غوروين” ما تسبب بعزل “إسرائيل” عن العالم بسبب إلغاء شركات الطيران رحلاتها من وإلى “إسرائيل”، والذي ما زال مستمراً إلى اليوم .
المعضلة الكبرى لـ “إسرائيل”:
على عكس تصريحات “نتنياهو” التي يسوق فيها لانتصارات وهمية في اليمن، يتفق المحللون والخبراء في “إسرائيل” على أن اليمن أصبح يمثل معضلة استراتيجية لـ “إسرائيل” ، حيث يؤكد رونين برغمان، محلل الشؤون الأمنية في صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، في مقال كتبه في مطلع مايو المنصرم، أن الردع “الإسرائيلي” مقابل اليمنيين فاشل، ولا يمكن أن يدفع الهجمات اليمنية للتراجع أو التوقف عن مهاجمة “إسرائيل”، فاليمنيون لم يهزمهم الأمريكيون والدول العربية و”إسرائيل”، لأنهم “ببساطة لا يمكن هزيمتهم، فهم يكتفون بالقليل ويسببون الكثير من الضرر”.
وعلى عكس ما حققته أجهزة الاستخبارات “الإسرائيلية” من اختراقات سواءً في لبنان أو غيرها من الجبهات، تظل اليمن منطقة عمياء بالنسبة لـ “إسرائيل”، حيث عجزت أجهزتها الاستخباراتية مع أجهزة استخبارات الدول المتعاونة معها في اختراق الجبهة الداخلية اليمنية. وهذا ظهر واضحًا في طبيعة الأهداف المدنية التي استهدفتها “إسرائيل” في اليمن خلال الفترة الماضية.
ووفق مجلة “إيبوك” العبرية، فإن العمى الاستخباراتي معضلة تواجهها “إسرائيل” في اليمن، حيث تسببت هذه العقبة في فشل أي تحرك عسكري وتحول دون تحقيق أهدافه.
وعلى العكس تمامًا، تبدو الأهداف في “إسرائيل” مكشوفة أمام قوات صنعاء، وهذا ما يعطيها تفوقًا عسكريًا في أي مواجهة مع “إسرائيل”، حيث تستطيع قوات صنعاء أن تكبد “إسرائيل” خسائر كبيرة، في مقابل ما ستحققه “إسرائيل” من نتائج .
ووفق الخبراء، فإن “إسرائيل” إذا قررت التصعيد في اليمن، فستواجه حرب استنزاف مع تداعيات عسكرية قد تضعفها أكثر مما تضعف اليمن، القادر على تحويل أي مواجهة إلى كابوس استراتيجي لـ “إسرائيل”. إضافة إلى ما سيجلبه التصعيد من تداعيات على القوات الأمريكية، حيث من الممكن أن تعود صنعاء لاستهداف السفن والقطع العسكرية البحرية للولايات المتحدة الأمريكية، وهو مايعني أن تداعيات التصعيد لن تطال “إسرائيل” فقط وإنما ستطال الولايات المتحدة الامريكية .