المصدر الأول لاخبار اليمن

السويداء على حافة الانفجار.. عشرات القتلى في اشتباكات دامية تهدد بإشعال الحرب الأهلية في سوريا

تقرير/وكالة الصحافة اليمنية//

تعيش محافظة السويداء جنوب سوريا على وقع أسوأ تصعيد أمني منذ سنوات، بعد اندلاع اشتباكات دموية بين فصائل مسلحة درزية ومجموعات من عشائر البدو مدعومة بعناصر من وزارتي الدفاع والداخلية في الحكومة السورية الانتقالية، مما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى، وتزايد المخاوف من اتساع رقعة العنف إلى مناطق جديدة.

وتحوّلت المناوشات إلى مواجهات مفتوحة امتدت من أحياء مدينة السويداء إلى قرى وبلدات في الريفين الغربي والشمالي، وسط مخاوف متزايدة من انزلاق المنطقة إلى صراع أهلي واسع يعيد رسم خريطة النفوذ العسكري والأمني في الجنوب السوري.

وتزامنت هذه التطورات مع غارة جوية “إسرائيلية” استهدفت رتلاً تابعاً لهيئة تحرير الشام شرقي درعا، ومعطيات ميدانية تؤكد زج مقاتلين من فلول تنظيم داعش في المعارك الجارية، ما يثير تساؤلات خطيرة حول طبيعة الصراع وأطرافه وتوجهاته في المرحلة المقبلة.

 

شرارة التصعيد: خطف وتوترات قبل الانفجار

 

بدأت بوادر التصعيد الأخير إثر عملية اختطاف طالت تاجرًا من أبناء المكون الدرزي على الطريق الواصل بين السويداء والعاصمة دمشق، يوم الجمعة الماضي، ضمن سلسلة عمليات اختطاف فصائل مسلحة محسوبة على الحكومة السورية المؤقتة للتجار السوريين بهدف الابتزاز ودفع الإتاوات، ما أثار حالة من الغضب في صفوف الفصائل المحلية، وفتح الباب أمام موجة عنف مسلحة.

سرعان ما تطورت الأحداث إلى اشتباكات عنيفة في مدينة السويداء وعدة قرى وبلدات بالريفين الغربي والشمالي، شملت أحياء المقوس، تعارة، الطيرة، الصورة الكبرى، الحزم وحران، حيث أعلنت وسائل إعلام سورية سيطرة فصائل درزية على حي المقوس شرق المدينة.

 

حصيلة أولية ثقيلة

 

بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، ارتفعت حصيلة الضحايا منذ اندلاع الاشتباكات صباح الأحد 13 يوليو إلى 89 قتيلاً، بينهم 50 مدني من أبناء السويداء (بينهم طفلان وسيدتان)، و18 من عشائر البدو، و14 من عناصر وزارة الدفاع، إضافة إلى 7 قتلى مجهولي الهوية يرتدون الزي العسكري.

كما أصيب ما لا يقل عن 200 شخص بجروح متفاوتة، بحسب الكوادر الطبية في المشفى الوطني في السويداء، والتي تعمل في ظروف صعبة ونقص حاد في المستلزمات الطبية، وسط تحذيرات من تفاقم الوضع الإنساني في حال استمرار القتال.

 

مشاركة حكومية مباشرة

 

تواصلت الاشتباكات لليوم الثاني على التوالي في مناطق متفرقة من ريف السويداء الغربي، خاصة على محاور كناكر، الثعلة، والمزرعة، حيث تقاتل الفصائل المحلية ضد قوات مهاجمة من عشائر البدو مدعومة بعناصر من وزارتي الدفاع والداخلية السورية، قدمت من ريف درعا الشرقي.

في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع في الحكومة السورية الانتقالية بدء نشر قواتها في المناطق المتوترة لتوفير ممرات آمنة للمدنيين والتدخل لاحتواء الاشتباكات، غير أن قواتها تعرضت لهجوم مسلح من قبل مجموعات مجهولة، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوفها.

 

تدخل “إسرائيلي”

 

تزامنًا مع تفجر الاشتباكات، حلّقت طائرة حربية “إسرائيلية” في أجواء محافظة السويداء، وأطلقت بالونات حرارية، ما أثار تكهنات حول احتمال تورط “إسرائيلي” أو متابعة استخباراتية، في ظل سماع دوي انفجارات مجهولة المصدر لم يتبين ما إذا كانت ناتجة عن غارات أو عنف داخلي.

وفي تطور ميداني بالغ الحساسية، شنّ الطيران الحربي “الإسرائيلي” غارة جوية استهدفت رتلاً عسكرياً تابعاً لتنظيم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، أثناء تحركه شرقي محافظة درعا، وهو أحد الفصائل المشاركة في الهجوم على ريف السويداء.

وأسفرت الغارة، بحسب مصادر ميدانية، عن سقوط عشرات القتلى في صفوف التنظيم، وسط تكتم رسمي حول تفاصيل العملية.

 

مبادرات للتهدئة والإفراج عن محتجزين

 

وسط هذا التصعيد، أفادت مراسلة قناة “اليوم” عن الإفراج عن عدد من مسلحي العشائر المحتجزين لدى فصائل محلية في ريف السويداء، في إطار جهود وساطة محلية تهدف لاحتواء التوتر، ومنع تفاقم القتال الطائفي الذي يُخشى أن يمتد إلى محافظات مجاورة.

 

قلق متصاعد ومخاوف من انفلات شامل

 

ويرى ناشطون ومهتمون بالشأن السوري، أن ما يجري في السويداء قد يشكّل مقدمة لصراع طائفي وعرقي على نطاق واسع في الجنوب السوري، خاصة إذا ما استمرت الاستقطابات الطائفية والمذهبية، وتداخلت الأطراف الإقليمية والدولية في المشهد.

ويحذر الأهالي من أن استمرار الاشتباكات دون تدخل حاسم لوقف التصعيد، سيؤدي إلى تفكك أمني أوسع وانهيار ما تبقى من الاستقرار الهش في المحافظة، التي طالما كانت خارج إطار المعارك التقليدية خلال سنوات الحرب السورية.

استخدام فلول داعش في المعارك

 

وفي السياق ذاته، كشف مرصد الساحل السوري والمرصد الديمقراطي السوري، عن تورط وزارة الدفاع في الحكومة السورية الانتقالية بإرسال مقاتلين من محافظة دير الزور ينتمون إلى فلول تنظيم داعش، ضمن تشكيلات تشارك حالياً في العمليات العسكرية على أطراف السويداء.

ووفقاً للمرصد، نشر بعض هؤلاء المقاتلين مقاطع مصورة لأنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يرددون أناشيد “جهادية” مرتبطة بتنظيم داعش، ما أثار جدلاً واسعاً حول تناقض الخطاب الرسمي للحكومة التي تزعم “فض النزاع” في السويداء، مقابل استخدامها عناصر متطرفة لها سجل دموي في مناطق أخرى من سوريا والعراق.

وعلى ما يبدو أن هذه المستجدات تُشير إلى تصاعد في خطورة الصراع الدائر في الجنوب السوري، وتحوّله من نزاع محلي محدود إلى ساحة تصفية حسابات إقليمية وتوظيف قوى متطرفة في معارك داخلية، ما يضاعف من تعقيد المشهد الأمني والسياسي ويضع السكان المحليين بين فكي كماشة العنف والانفلات الشامل.

وفي المحصلة يمكننا القول، إن السويداء اليوم على مفترق طرق خطير.. فبين تصاعد وتيرة الاشتباكات، وسقوط ضحايا بالعشرات، وتورط أجهزة أمنية، وتحرّكات غير مفهومة لطيران “إسرائيلي”، تبدو المحافظة مقبلة على مرحلة حرجة من الانفلات الأمني والسياسي، ما يطرح تساؤلات عن دور الحكومة الانتقالية، وقدرتها على نزع فتيل الانفجار، في منطقة باتت مرشحة لتكون بؤرة صراع جديدة على الأراضي السورية.

 

قد يعجبك ايضا